ثورة المرأة تطغى على أعمال منتدى "معاً من أجل شرق أوسط ديمقراطي"

نبذ التعصب القومي والديني والطائفي الذي يقف عائقاً أمام التحول الديمقراطي والتركيز على حقوق النساء وقضاياها، والمطالبة بحرية القائد عبد الله أوجلان، أبرز ما جاء في توصيات منتدى "معاً من أجل شرق أوسط ديمقراطي... الطريق إلى السلام".

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ اختتم منتدى "معاً من أجل شرق أوسط ديمقراطي... الطريق إلى السلام"، أعماله بالتأكيد على ضرورة وجود رؤية جديدة من أجل تجاوز الأزمات التي تعاني منها دول الشرق الأوسط، مشددين على أن مشروع الأمة الديمقراطية هو طريق الحل.

اختتمت أعمال منتدى "معاً من أجل شرق أوسط ديمقراطي... الطريق إلى السلام"، أمس الأربعاء 14 حزيران/يونيو، في يومه الثاني والأخير، بالتطرق لثلاثة محاور جوهرية في جلسته الأولى تحت عنوان رئيس "أسس النهضة في الشرق الأوسط" التي أديرت من قبل الإعلامية خزنة نبي، وقد تناول المحور الأول فيها الثورة الفكرية والأخلاقية والمحور الثاني الأمة الديمقراطية، والثالث ثورة المرأة التي انطلقت من شرق كردستان وإيران تحت شعار "jin jiyan azadî" لتشكل نقطة محورية في نضال الأمم والمرأة، لتنتهي الجلسة الأولى بعرض سنفزيون لثورة النساء حول العالم وفي شمال وشرق سوريا.

وأكد المشاركون/ات على أنهم بحاجة إلى رؤية جديدة من أجل تجاوز الأزمات التي تعاني منها دول الشرق الأوسط، كطرح الأمة الديمقراطية الذي قدمها القائد عبد الله أوجلان الذي لا يزال مرشحاً لأن يكون طريق الحل، بما يضمنه من حلول مناسبة من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما طالب المشاركون بحرية المفكر عبد الله أوجلان، وإلى نبذ التعصب القومي والديني والطائفي والتركيز على حقوق النساء والتي تعتبر من المعوقات والأسباب الرئيسية للتحول الديمقراطي في المنطقة.

وأوضحوا أن هناك تكاملاً إقليمياً يمكن المنطقة من حل القضايا الملحة من سياسية وثقافية واقتصادية عن طريق الكونفدرالية الديمقراطية للشرق الأوسط، وأنه يجب البحث من أجل وضع استراتيجية مشتركة تعمل من أجل تحقيق هذا الشيء.

كما تم التطرق خلال المحور الثالث لأزمة النزوح واللجوء ولا سيما النزوح السوري، حيث تم التوقف على سبل حل أزمة اللجوء والنزوح في المنطقة.

وعلى هامش المنتدى قالت الناشطة الحقوقية التونسية وعضوة لجنة المرأة والأمن والسلام بالاتحاد الأفريقي سلوى قيقة لوكالتنا عن الثورة الفكرية والأخلاقية "دفعني عنوان المنتدى لطرح عدد من الأسئلة على نفسي وخصوصاً أي شرق أوسط ديمقراطي في أيام انتخابات حرة ومستقلة وإلى غير ذلك، وكيف نحقق القوس الديمقراطي في مجتمع لا يحقق الحريات السياسية والفردية والاجتماعية في العديد من البلدان".

وأضافت "برأيي تعتمد الديمقراطية على أسس عديدة ولكن ركزت على أساسين، الأول وجوب إقامة دول مدنية أي تقوم على الفصل بين الدين والدولة، لأن المجتمعات كلها في منطقة الشرق الأوسط تتنوع فيها الهويات واللغات والثقافات والأديان، وتعد حرية المعتقد من أسس الديمقراطية، أما الثاني فالديمقراطية تقوم على المساواة بين المواطنين والمواطنات، مهما كانت اختلافاتهم العرقية والجندرية، فالدولة المدنية في الواقع حلم، ويقول الكاتب البريطاني سامويل جونسون في هذا المجال، لأجل تحقيق أهداف عظمى لا بد من الثقة بالنفس، فثقتنا بنفسنا غير موجودة وكذلك الأمر بالنسبة لثقتنا بتاريخنا الذي كان مزدهراً في السابق".

وأشارت إلى أنه "في عصور ما قبل الميلاد واختراع الكتابة، كانت هناك ديمقراطية وكان للمرأة دور في قيادة المجتمعات ومنها الأميرة عليسة مؤسسة قرطاج وملكتها الأولى، وقد اعتبر الفيلسوف أرسطو أن دستور قرطاج آنذاك أفضل من دستور أثينا، لذا الرجوع إلى نقاط نيرة في تاريخنا هو عنصر أساسي للحاضر وبناء المستقبل، وبالتالي نحن بعيدون عن دولة مدنية تحقق مساواة فعلية، ولكن علينا عدم اليأس وأن نجمع قوانا ونطرح رؤية مستقبلية".

 

 

من جهتها قالت الباحثة السياسية الكردية من شرق كردستان مزكين موكريان "في الجلسة الأولى تطرقنا للديمقراطية وثورة المرأة في الشرق الأوسط، وكيف تقود المرأة الكردية هذه الثورة تحت شعار "jin jiyan azadî"، وشرحت معنى وأصل هذا الشعار الذي استلهم من فكر القائد عبد الله أوجلان الذي رأى أن تاريخ الألفي سنة الأخيرة من الحضارة هو ليس إلا تاريخ استعباد المرأة، لذا اعتبر أن المرأة هي عماد المجتمع وإذا أردنا تحرير المجتمع فعلينا تحرير المرأة".

وأضافت "في الخلاصة، جميعنا تعلمنا من ثورة روج آفا ونسائها، والفيدرالية الديمقراطية التي تم تطبيقها هناك منذ عام 2012، وقد استخدم هذا النموذج لتعميمه على كافة مناطق شمال وشرق سوريا، بهدف التغلب على النظام الأبوي والنزاعات الدائرة وحل الأزمات التي نواجهها في الشرق الأوسط على الرغم من الاختلافات في اللغة والجنسيات والأديان بتطبيق نظام الإدارة الذاتية التي تؤمن بالديمقراطية المباشرة والتمكين لجميع مكونات المجتمع، وحق القرار الذي يعود للشعب".

 

 

وفي هذا السياق، قالت الدكتورة في مجال الإعلام زينب الخنساء وهي مستشارة في الشؤون الاجتماعية لإحدى المنظمات الدولية لحماية حقوق الإنسان والسلام العالمي، "سعدت بمشاركتي ليومين متتاليين في هذا المنتدى، الذي تناول حرية الإنسان الفكرية ونهوضه الفكري، وعدم قمع حريته ولا سيما في الشرق الأوسط، لأن جميع الحريات هناك مقموعة"، مؤكدةً على ضرورة وجود قاعدة أساسية تبني نساء قادرات على المدافعة عن حقوقهن.

وتناولت مديرة مركز الدراسات الجندرية في السودان، الناشطة الحقوقية والنسائية والسياسية الباحثة نعمات كوكو خلال الجلسة الثانية التي أدارتها تحت عنوان رئيس "نحو شرق أوسط ديمقراطي"، محاور عدة وهي ماهية الاستراتيجية المشتركة لأجل شرق أوسط ديمقراطي، وسبل العمل المشترك من أجل تحقيق الكونفدرالية الديمقراطية في الشرق الأوسط.

 

 

وقالت الباحثة نعمات كوكو "مشاركتي في هذا المنتدى تأتي من ضمن اهتماماتي بموضوع الديمقراطية والأوضاع السياسية والاقتصادية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما أنني اهتم بالقيم التي يعمل القائد عبد الله أوجلان على إرسائها في منطقة الشرق الأوسط، ومنها السلام والحرية والديمقراطية والمساواة والعدل، ومحتويات المنتدى كانت تلامس حقيقة هذه القيم تماماً، ومن ثم فإن المشروع الفكري والعملي للقائد عبد الله أوجلان، والمسألة التي تناولها تستحق الوقوف عندها في هذا المنعطف الهام في منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً بعد موجة الربيع العربي وثورات الشباب في كل من تونس ومصر والسودان وليبيا وفي سوريا، لذا نحتاج أن نتحدث عن البديل، وهو البديل الديمقراطي الذي يرسي قيم منظومة حقوق الإنسان، ويرسم طريق التطوع لهؤلاء الشباب/ات في المستقبل".

وأوضحت أنه "تحت شعار المنتدى "نحو شرق أوسط ديمقراطي"، يكمن التحدي أمام المجموعة المشاركة من حيث تبني إطار فكري ونظري وعملي لكيفية توطين الديمقراطية وقيمها والأمة الديمقراطية، لقد حاولنا العمل مع المشاركين وضع خارطة طريق متجاوزين التباين الإيديولوجي والعرقي والديني لإرساء قيم الإنسانية وقيم حقوق الإنسان".

ولفتت إلى أن أكثر ما لفت نظرها هو تجربة القوات الكردية النسوية في المناطق المحررة في شمال وشرق سوريا، "إنه تنفيذ عملي للقيم التي دعا لها القائد عبد الله أوجلان، وأعتبره نموذجاً يمكن أن يُطبق في كل الحركات النسائية أو النسوية في المنطقة العربية، أي أنه كيف يتم تنظيم النساء من القاعدة، والمناصفة بين النساء والرجال، وتوعية الجنسين".

وأوضحت أن "الفكرة الأساسية والجوهرية تبدو أنه إذا كانت المرأة حرة فسوف يكون المجتمع والرجل كذلك حراً، وبالتالي المجتمع الحر يضمن حرية المرأة وهي جزء من منظومة حرية المجتمع وحرية الفرد، وهي تجربة نموذجية، ويمكن أن أصفها بأنها تجربة فوق العادة، وتستحق المشاركة في كل القيم، والمشاركة العملية، والإطار النظري في منطقة شمال وشرق سوريا، وأن يتحول إلى منظومة متكاملة يستفاد منها في بناء حركة نسائية ديمقراطية".

 

 

من جانبها قالت الدكتورة رائدة حسين الذبحاني من اليمن الحاصلة على درجة الدكتوراه في القانون الدولي والإنساني وعضوة شبكة التضامن النسوي، أن "أوراق العمل التي طرحت خلال المنتدى كانت ثرية والأمر نفسه ينطبق على المداخلات، سُعدت بما رأيت وبما شاهدت، وأتمنى أن تكون هناك منتدىات قادمة تفيد المجتمع بشكل عام".

 

 

وعبّرت الناشطة النسوية ومراسلة وكالتنا من تونس زهور المشرقي عن سعادتها "بمستوى النقاشات واللقاءات والآراء التي تم بحثها بين الأخوة الكرد والعرب ومن كل أنحاء العالم المشاركين في هذا المنتدى، والمؤمنين بقضية الشعب الكردي وما ناضل وقاوم من أجله القائد عبد الله أوجلان الداعم لحقوق النساء والمناصر للديمقراطية وصاحب الأفكار والحلول من أجل شرق أوسط ديمقراطي.

وأشارت إلى أن جميع المشاركين رأوا ما أنجزته ثورة النساء في روج آفا، التي وجب نقلها إلى العالم، وما قامت به النساء من مساع بإرادة قوية للتحرر وتقرير المصير ومن أجل واقع أفضل في شمال وشرق سوريا والمنطقة وشمال أفريقيا، "انبهرت بثورة روج آفا التي تم توثيقها بالفيديوهات والصور، فوحدات حماية المرأة هي التي قاومت داعش وحررت كوباني وغيرها من مدن شمال وشرق سوريا".

وأكدت على أنه "اليوم حان الوقت أن نستلهم من ثورة روج آفا النسوية وأخوتنا الكرد من أجل حياة ديمقراطية وسلام دائم ومساواة فعلية بين أفراد المجتمع".

واختتم المنتدى بتوصيات عدة أهمها التركيز على حقوق النساء وقضاياها، والمطالبة بحرية القائد عبد الله أوجلان، بالإضافة إلى نبذ التعصب القومي والديني والطائفي التي تقف عائقاً أمام التحول الديمقراطي في المنطقة.