تحرير المرأة... من الجنولوجي إلى بناء السلام ـ 3

تُجسد فلسفة "Jin Jiyan Azadî" جوهر نضال المرأة من أجل الحرية والسلام، وتبرز الجنولوجي كعلم ثوري يعيد تعريف دور المرأة في بناء مجتمع ديمقراطي اشتراكي يقاوم الهيمنة الذكورية.

أكاديمية جنولوجيا

مركز الأخبار ـ منذ عام ١٩٩٣، اتخذت القيادة خطوات جديدة لتعزيز المنظمات والنضالات النسائية، من خلال جميع الخطوات الرامية إلى السلام والحل الديمقراطي القائم على تعميق الوعي بحرية المرأة، وينطبق الأمر نفسه على العملية التي دعا إليها القائد عبد الله أوجلان من أجل "السلام والمجتمع الديمقراطي" والتي بدأت في ٢٧ شباط/فبراير ٢٠٢٥.

تُشكل إيديولوجية تحرير المرأة، وفلسفة "Jin Jiyan Azadî"، ومفهوم ونظرية الجنولوجي "علم المرأة"، الخط الثالث في صف المرأة، يُعبّر هذا الخط عن خط الحياة والحرية في مواجهة الخط الليبرالي ما بعد الحداثي الذي يُفرغ هوية المرأة من معناها ويُشكك في وجودها البيولوجي، وفي مواجهة الخط المحافظ الفاشي الذي يُصوّر وجود المرأة وهويتها كظلٍّ وعبدة للرجل، فمنذ لقاء 23 تشرين الأول/أكتوبر 2024، أولت تقييمات القائد أوجلان ووجهات نظره أهمية بالغة للدراسات المتعلقة بتاريخ المرأة وثقافتها وحريتها، كما أعرب القائد أوجلان عن إيمانه بقدرة الحركة النسائية على قيادة عملية السلام والمجتمع الديمقراطي، وفي هذا الصدد، يضطلع عمل الجنولوجي بمسؤوليات جسيمة في إحياء وإدامة الإنجازات والقيم التي ارساها القائد أوجلان بجهده وكفاحه على مدار 52 عاماً.

يمكن تنظيم ورش عمل لتعزيز تحليل تجارب النساء في عمليات السلام وجهود الحقيقة والعدالة من جهة، من المهم لممثلات حركة حرية المرأة الكردستانية تقييم تجاربهن في العمليات في شمال كردستان وإقليم شمال وشرق سوريا، ومن جهة أخرى، يمكن تنظيم لقاءات وورش عمل مشتركة مع نساء من مختلف البلدان (مثل إقليم الباسك، وإيرلندا الشمالية، وكولومبيا، والفلبين...)، إضافة إلى ذلك، تُعد هذه الدراسة مهمة لمشاركة الشبكات والشخصيات النسائية في عملية بناء الحداثة الديمقراطية على الصعيد الدولي.

يتيح تعريف الجنولوجي فرصة للتعريف بشخصية القائد أوجلان ومفاهيمه ونظرياته، مثل أيديولوجية تحرير المرأة، ونظرية الانفصال، وقتل الرجال، والاشتراكية الديمقراطية، وغيرها، ولتوسيع نطاق الحملة العالمية من أجل الحرية الجسدية للقائد أوجلان ودعم الدعوة إلى السلام، يُمكننا تنظيم نقاشات ومراسلات مع الأكاديميات والناشطات في مختلف مناطق العالم حول معنى هذه المفاهيم وتطبيقاتها، كما يُمكننا تشجيعهن على كتابة رسائل للقائد أوجلان.

من حيث الواجبات الفكرية، من أهم واجبات الجنولوجي تعزيز المعرفة والأسباب اللازمة لتنمية عقلية ديمقراطية مرتبطة بعملية السلام والمجتمع الديمقراطي، فأساس المجتمع الديمقراطي والحياة الحرة يكمن في التغلب على تصورات السلطة وتحقيق إرادة حرة للأفراد والمجتمع، لذلك، من المهم تحديد وتنظيم مناهج ومواضيع البحث والتدريب الهادفة إلى حل المشكلات المتعلقة بالمرأة والمجتمع على نطاق أوسع، ومن المهم استخدام لغة حية في منشورات وأنشطة الجنولوجي، حتى تتمكن النساء من جميع شرائح المجتمع من الإسهام بمعارفهن في العمل والاستفادة من نتاج الجنولوجي.

ومن أجل فهم وتطوير قيادة المرأة في السياسة الديمقراطية بشكل حقيقي وبناء مجتمع ديمقراطي اشتراكي، من الضروري تعميق بحثنا في علم الاجتماع التاريخي، ولتحقيق هذا الهدف، نواصل البحث في الثقافات الأربع لشخصيات المرأة وتفسيرها (ثقافة الإلهة، وثقافة القصر، وثقافة ساتي، وثقافة المرأة الحرة)، يُعدّ نشر هذه النقاشات والدراسات أمراً بالغ الأهمية لتمكين النساء من تحليل واقعهن وأضرار ثقافة القصر وثقافة ساتي، واكتشاف بقايا ثقافة الإلهة، وتعريف ثقافة المرأة الحرة، وتطويرها في شخصياتهن ومجتمعهن.

كما نرى، وتماشياً مع أحدث رسائل ووجهات نظر القائد عبد الله أوجلان، ضرورة إدراج هذه القضايا في البحث والتثقيف في المواد التعليمية لعلم المرأة (الجنولوجي)":

• لتحديد وجود المرأة وهويتها بشكل صحيح، من الضروري إجراء دراسات فلسفية واجتماعية حول معنى الأنوثة والذكورة، ودراسة تأثير التمييز الجنسي على هويتي المرأة والرجل والعلاقات بينهما، وكيف يمكن للمرأة والرجل أن يكونا مستقلين؟

• تنظيم أبحاث حول البيانات الجديدة المتعلقة بخراب رشك وأسباب نشوء النظام الأبوي، وإعادة قراءة ملحمة جلجامش وتفسيرها سوسيولوجياً.

• مناقشات وأبحاث حول خصائص التنشئة الاجتماعية للمرأة - الأم كمثال لمجتمع ديمقراطي حديث قائم على المشاركة المجتمعية، وحل لمشاكل الحرية البيئية والاجتماعية والفردية.

• ورش عمل اجتماعية حول العقد الاجتماعي للمرأة ونموذج الأسرة الديمقراطية كأساس لمجتمع ديمقراطي، والقضاء على ثقافة الاغتصاب.

• طرح وإبراز مفهوم التعايش الحر، وتحليل سؤال "كيف تُبنى علاقة اشتراكية بين المرأة والرجل؟".

 

الحاجة إلى نضال اجتماعي دائم

يُعد نضال المرأة من أجل تحقيق السلام والديمقراطية والحرية نضالاً اجتماعياً وسياسياً دائماً، ولنجاحه، لا بد من وجود تنظيم مستقل للمرأة وموقف مشترك، وبشكل عام، تمر نضالات المرأة في المجال الدبلوماسي لتحقيق الحلول والسلام مع القوى السياسية بمرحلة النضال من أجل تسهيل عمليات التفاوض، وضمان تمثيل الإرادة الجماعية للنساء في عمليات النقاش وفي كافة اللجان وآليات صنع القرار، ومرحلة النضال من أجل تطبيق مطالب حركات التحرر والحركات النسوية في اتفاقيات السلام والقرارات والقوانين، وأخيراً مرحلة النضال من أجل تطبيق المضامين والمعايير الموقعة في اتفاقيات السلام، وتطبيق الأسس والقوانين المتعلقة بها.

لعبت دوراً قيادياً في تمهيد الطريق لعمليات السلام من خلال نُفذت النساء أنشطة من أجل العدالة والسلام، مثل المبادرات المشتركة للنساء الكاثوليك والبروتستانت في إيرلندا الشمالية، وتأسيس مبادرة وشبكة "نساء بالأسود" عام ١٩٨٨ ضد حرب إسرائيل، ومبادرة نساء من جميع الأعراق في يوغوسلافيا عام ١٩٩١ ضد الحرب والعنصرية، وجهود الأمهات الروسيات ضد الحرب في الشيشان، وأمهات السبت وأمهات السلام في تركيا وكردستان، من خلال مشاركة آلام النساء وإدراك الخسائر الفادحة التي تتكبدها جميع شرائح المجتمع في الحرب، تم دحض دعاية الحرب العنصرية والقومية والدينية.

تُظهر التجارب إن أكبر الصعوبات تنشأ في المرحلة الثالثة من النضال، ففي هذه العملية، طبقت قوى الدولة والحداثة الرأسمالية سياسات جديدة للحرب الخاصة لتدمير المجتمعات وإفسادها، على سبيل المثال، في بلدان أبيا يالا، وصل عنف مافيا المخدرات وعصابات الدعارة والاتجار بالنساء والأطفال إلى أعلى مستوياته، ودُمرت ونُهبت الأراضي والطبيعة في المناطق التي كانت سابقاً تحت حماية القوات الشعبية من قبل الشركات الدولية، كما أنه عندما تتراجع الصراعات بين قوى الدول الذكورية، فإن الضغوط على النساء غالباً ما تزداد، على سبيل المثال، زادت الهجمات والإعدامات ضد النساء خلال عمليات التفاوض بين إيران والولايات المتحدة.

خاصة في ظل واقع الحرب العالمية الثالثة، اتضح فشل القانون الدولي ومؤسسات BM والأساليب التقليدية لتحقيق السلام والعدالة، حيث تشن الدول والقوى الرأسمالية المهيمنة حروباً وجرائم إبادة جماعية ضد المجتمعات، كما تُستخدم محادثات السلام والاتفاقيات كأسلوب حرب لهزيمة الخصوم، وتسري سياسة الصدمة، حيث يُغير الطغاة أمثال ترامب وبوتين ونتنياهو أقوالهم وأفعالهم يومياً وفقاً لمصالحهم، وينتهكون الاتفاقيات الدولية، ويفرضون الحروب والإبادة الجماعية على الشعوب.

يشير باحثو السلام مثل ثانيا بافنهولز رئيسة معهد السلام الشامل في جنيف Inclusive Peace، إلى فشل النموذج الخطي للسلام ونظام الأمن الدولي، لذلك، لا يكفي مجرد دمج المرأة في نظام معطل، بل أكثر من ذلك، تحتاج المرأة إلى أن تصبح قوة قيادية ومنظمة في بناء نظام وعقلية ديمقراطية في المجتمع.

ويؤكد القائد أوجلان أيضاً هذه الحقيقة في رؤيته وجهوده لتنفيذ دعوة السلام والمجتمع الديمقراطي، وتُظهر تجارب النساء وشعوب العالم أيضاً أن القوى الحكومية ليست هي من تُنظّم السلام وتضمنه، لا يمكن تحقيق السلام وحل مشاكل المرأة والمجتمع إلا من خلال مجتمع ديمقراطي تقوده الحركة النسائية، وبهذه الطريقة، يُمكننا تعريف المجتمع الديمقراطي بأنه وسيلة ومنظم عمليات السلام وكذلك هدف وغاية عمليات السلام.