تحركات شعبية تونسية رافضة للسياسات الداعمة لحرب غزة

شهدت العاصمة التونسية وقفة احتجاجية حاشدة أمام سفارة الولايات المتحدة الأمريكية، بدعوة من تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين، وذلك في إطار فعاليات "يوم الغضب الشعبي" الذي يتزامن مع الذكرى الثانية لحرب غزة.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ شارك في الوقفة التي نظمتها تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين مساء أمس الثلاثاء السابع من تشرين الأول/أكتوبر، عدد كبير من المدنيين، رافعين شعارات مناهضة للتطبيع ومؤكدين دعمهم الثابت للقضية الفلسطينية. وتعالت الهتافات المنددة بالانحياز الأمريكي، وسط أجواء من الحماس والتضامن الشعبي.

في إطار فعاليات "يوم الغضب الشعبي" أيضاً أعلنت تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين عن إطلاق مبادرة "المليون توقيع لتجريم التطبيع"، في خطوة تهدف إلى حشد الدعم الشعبي والضغط من أجل سنّ تشريعات تُجرّم كافة أشكال التأييد لحرب الإبادة في غزة.

 

"رسائل تضامن ومطالب بالإفراج عن النشطاء"

 

 

وعلى هامش الوقفة، أكدت رندة فحولة، عضوة تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين، أن التنسيقية نظّمت يوم الغضب الشعبي أمام سفارة الولايات المتحدة الأمريكية، في خطوة رمزية تهدف إلى التعبير عن رفض السياسات الداعمة لحرب الإبادة.

وأوضحت أن هذا التحرك الشعبي يأتي لتأكيد موقف الشعب التونسي الثابت في دعم القضية الفلسطينية، ووقوفه إلى جانب المدنيين في نضالهم من أجل الحرية والكرامة، مضيفةً أن الرسالة الأساسية هي تجديد العهد بمساندتهم حتى تحقيق تطلعاتهم على أرضهم.

وقالت إن الوقفة الاحتجاجية حملت عدة رسائل، من بينها التعبير عن الامتنان للتونسيين الذين شاركوا في التحرك وأظهروا دعمهم للقضية الفلسطينية، وأن يوم الغضب الشعبي تضمّن أيضاً مطلباً بالإفراج عن الذين شاركوا في "أسطول الصمود"، مشيرةً إلى أن اعتصاماً استمر ستة أيام تم تنظيمه للضغط من أجل إطلاق سراحهم، وقد تم رفعه بعد تحقيق هذا الهدف.

وأكدت رندة فحولة أن التحركات الشعبية الأخيرة تعبّر عن موقف واضح من السياسات الدولية التي تُعتبر انتهاكاً للسيادة الوطنية، مشددةً على أن هذه الوقفات تمثل رفضاً للمشاريع ذات الطابع الإمبريالي، وأن الشعب التونسي، من خلال مشاركته الواسعة، يجدد انتماءه إلى الشعوب الحرة حول العالم التي تواصل نضالها من أجل الاستقلال، العدالة، ودعم القضايا الإنسانية العادلة.

وأشارت إلى أن إطلاق مبادرة "مليون توقيع لتجريم التطبيع" يُعدّ جزءاً من المسألة الوطنية، ويعكس التزاماً فعلياً بدعم القضية الفلسطينية، مؤكدةً أن "سنّ قانون يُجرّم التطبيع يمثل رسالة قوية في التضامن مع الشعب الفلسطيني، وأن مظاهر التطبيع باتت حاضرة في عدة مجالات داخل تونس، منها السياسية والثقافية والأكاديمية، والدعم الحقيقي يبدأ من خلال وضع إطار قانوني واضح يرفض هذه الممارسات".

وبيّنت رندة فحولة أن مطلب تجريم التطبيع يُعدّ خطوة في اتجاه تعزيز السيادة الوطنية التونسية "بعض التونسيين شاركوا في أنشطة مرتبطة بجهات داعمة للإبادة، وأن شهادات من مشاركين في "أسطول الصمود" كشفت عن وجود أفراد من أصول تونسية شاركوا في عمليات عسكرية خلال الحرب في غزة"، وهو ما اعتبرته دافعاً إضافياً للمطالبة بتشريع يجرّم التطبيع بمختلف أشكاله.

 

"يوم الغضب يعكس تحوّلاً عالمياً"

 

 

من جانبها، قالت وردة الطرابلسي، عضوة الحملة التونسية لمقاطعة ومناهضة التطبيع، إن انطلاق الحملة في عام 2014 جاء تفاعلاً مع دعوة فلسطينية لتكثيف حملات المقاطعة، باعتبارها أداة سلمية فعالة لمناهضة ما يتعرض له الشعب الفلسطيني.

وأضافت أن تنظيم "يوم الغضب الشعبي" يتزامن مع الذكرى الثانية لحرب غزة، التي وصفتها بأنها لحظة فارقة في تاريخ الصراع، حيث ساهمت في تغيير مواقف العديد من الدول وأعادت تشكيل ردود الفعل الدولية تجاه القضية الفلسطينية.

وأكدت أن الحملة عملت منذ انطلاقها على تطوير معايير المقاطعة، من خلال إطلاق سلسلة من المبادرات المتنوعة شملت الجوانب الثقافية والأكاديمية والاقتصادية والسياسية، بالإضافة لتنظيم ندوات توعوية، وإعداد لوائح ورسائل وبيانات مفتوحة وُجّهت إلى عدد من المؤسسات والمراكز التونسية، بهدف تسليط الضوء على الجهات التي تُسهم في ترسيخ ثقافة التطبيع، والعمل على الحد من تأثيرها عبر الضغط المدني والإعلامي.

ولفتت وردة الطرابلسي إلى أن يوم الغضب الشعبي يشكل محطة رمزية لتجديد الوعي بخطورة حرب الإبادة، مشيرةً إلى أن المقاطعة تظل خياراً ثابتاً لا يخضع للتهدئة أو التراجع، مشددةً على أن "المقاطعة تُعدّ تعبيراً عن انتصار السيادة الوطنية واستقلالية القرار التونسي في مواجهة الضغوط الدولية، وأن الحملة تتبنى موقفاً واضحاً يتمثل في رفض أي شكل من أشكال التطبيع أو الاستفادة من معاناة الشعب الفلسطيني، أو المشاركة في مشاريع تمسّ بحقوق الشعوب في تقرير مصيرها".

 

"القضية الفلسطينية جزء من وجداننا"

 

 

أكدت صابرين هداوي، عضوة تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين، أن القضية الفلسطينية لم تكن يومًا قضية ظرفية أو مرتبطة بحدث معين، بل هي قضية متجذرة في الوعي الجمعي، حملها الكثيرون منذ الطفولة كجزء من هويتهم ومبادئهم.

وأوضحت أن جيلها، الذي نشأ في ظل الثورة التونسية عام 2011، تشكّل على وقع التحديات التي واجهتها الأمة العربية، ما جعله أكثر ارتباطًا بالقضايا العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. وأضافت أن هذا الجيل يرى في الدفاع عن فلسطين دفاعًا عن مستقبل المنطقة بأسرها، في مواجهة مشاريع توسعية تهدد السيادة والهوية العربية.

وشددت على أن "القضية الفلسطينية لم تكن يوماً قضية ظرفية أو مرتبطة بحدث معين، بل هي قضية متجذرة في الوعي الجمعي، حملها الكثيرون منذ الطفولة كجزء من هويتهم ومبادئهم"، موضحةً أن "جيلنا، الذي نشأ في ظل الثورة التونسية عام 2011، تشكّل على وقع التحديات التي واجهتها الدول العربية، ما جعله أكثر ارتباطاً بالقضايا العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، حيث أن هذا الجيل يرى في الدفاع عن فلسطين دفاعاً عن مستقبل المنطقة بأسرها، في مواجهة مشاريع توسعية تهدد السيادة والهوية".

ودعت صابرين هداوي الشباب التونسي والعربي إلى التحلي بالوعي والانخراط الفاعل في مواجهة مظاهر التطبيع، مؤكدةً أهمية التصدي للمشاريع التي تهدد الهوية الوطنية، سواء عبر التعليم أو الثقافة أو الاقتصاد.

وختمت حديثها بالتأكيد على ضرورة نشر القضية الفلسطينية في مختلف الأوساط، بما في ذلك بين الأطفال، كون الذاكرة الجماعية تظل حية رغم محاولات طمسها "القضية الفلسطينية ليست حدثاً عابراً، بل نضال مستمر منذ عام 1948، وسنواصل حملها والدفاع عنها في كل مكان".