تحالف ندى يدعو إلى توحيد الجهود النسوية للمضي قدماً على درب مسيرة تحرر المرأة

مر عام على تأسيس التحالف النسائي الديمقراطي الإقليمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "ندى"، وبهذه المناسبة أصدرت بياناً استعرضت فيه التحديات التي واجهت النساء في المنطقة وأشادت بثورتهن التي خرجت من رحم هذه المعاناة.

مركز الأخبار ـ أصدر التحالف النسائي الديمقراطي الإقليمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المعروف اختصاراً بـ "ندى"، بياناً إلى الرأي العام في الذكرى السنوية الأولى لتأسيسه.

استعرض البيان الذي صدر أمس الأحد 31 تموز/يوليو الأزمات التي تعصف بالشرق الأوسط والعالم "يغرق المجتمع الدولي في مزيد من الحروب والصراعات الدامية، التي خلفت مزيداً من الهلاك والدمار، وانتهجت العنف لحل أزمات عالقة لبسط نفوذ دول على دول أخرى ومحو دول أخرى، صراع اشتعلت شرارته في بدايات القرن الواحد والعشرين من شرقنا الأوسط في ثورات سميت بـ "ثورات الربيع العربي"، لكنها عصفت شتاء قاسياً على سوريا واليمن وليبيا، ولاتزال السودان والعراق وغيرها من الدول تعاني من انعدام الأمن والاستقرار".

وأضاف "أفرزت الحروب والنزاعات عشرات الملايين من النازحين والمهجرين قسراً وطوعاً في أرجاء المعمورة، لتتوسع رقعة الصراع وتشتعل شرارتها في الشرق الأدنى. فباشتعال الحرب الروسية الأوكرانية الاستنزافية، دخلت الأزمة مرحلة جديدة من منافسة الأقطاب للاستحواذ على مصادر الطاقة وفرض السيطرة على أسواق التصريف للتحكم بالاقتصاد العالمي وإعادة هيكلة هذه الأقطاب وتوزع الدول عليها".

كما أشار البيان إلى استخدام الدول الحرب الخاصة ضد شعوب المنطقة "بالتزامن مع الحروب المباشرة، كانت دائرة الحرب الخاصة تتوسع وتتنوع وسائلها وأساليبها بين نشر الفكر الإسلامي الراديكالي المتطرف المتمثل بالقاعدة وجبهة النصرة وداعش في سوريا وحركة طالبان في أفغانستان وحركة الإخوان المسلمين في شمال أفريقيا، وبالمقابل، ولخلق توازن في الصراع الطائفي، تم دعم وتقوية الحشد الشعبي والتيارات الشيعية في العراق والحوثيين في اليمن، إضافة إلى تفشي كل ما تفرزه الحروب والأزمات من نشر للمخدرات والإتجار بالبشر ومن دعارة وفقر وعوز وفاقة وهلاك ودمار، كان تأثيرها مدمراً لهذه المجتمعات، وكان للمرأة فيها النصيب الأكبر من الألم والعذاب".

وأثنى البيان على تأسيس وحدات حماية المرأة في الرابع من نيسان/أبريل 2013 ووصف هذا التأسيس بأنه ولادة من رحم المعاناة والفوضى "من رحم الفوضى ومن قلب المعاناة، انبثقت حركات نسائية تحررية استطاعت نقل النساء من الدرك الأسفل وإعادتهن إلى دروب مسيرة نضال تحرر المرأة، واستطعن أن يتقدمن خطوات إلى الأمام ويضفن قيماً جديدةً إلى الموروث التحرري التاريخي لكل النساء. إذ تم تشكيل وحدات حماية المرأة في شمال وشرق سوريا، فحملت النساء السلاح لحماية أنفسهن ومجتمعاتهن، وكان لهن دور فعال في دحر داعش الإرهابي وتحرير آلاف الإيزيديات اللواتي تم سبيهن وبيعهن على يد هذا التنظيم المتطرف".

وحول التطورات التي طرأت على الحركة النسائية في المنطقة أشار البيان إلى أنه "تم تفعيل دور النساء في عشرات التنظيمات النسوية في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ليقمن بتمكين النساء والنهوض بهن للوصول إلى الوضع الاجتماعي اللائق بالنساء ضمن مجتمعاتهن".

لم يغفل البيان عن التحديات التي واجهت المرأة التي تسعى للتحرر فجاء فيه أن "نضال المرأة ومقاومتها وسعيها في سبيل تضمين حقوقها واستعادة حرياتها في ظل هذه الظروف، إنما يواجه المزيد من العنف والرفض والضغط من قبل مجتمعات هيمَنَت عليها المؤسسة الأبوية والفكر الذكوري الاستبدادي الرافض للتخلي عن مكتسبات تاريخية حصل عليها على مر آلاف السنوات، فسلبها وامتلكها وعَدّها من حقوقه. ومن هنا كان المزيد من العنف على النساء. فالدولة التركية تقوم بانتهاكات سافرة لكل العهود والمواثيق الدولية، وتنتهك سيادة دول الجوار بالقصف والاحتلال على المناطق الآمنة والآهلة بالناس العزّل، وتستهدف النساء السياسيات والعسكريات والإداريات في شمال وشرق سوريا بشكل ممنهج ومدروس، لبث الرعب في نفوس كل النساء، ولإجبارهن على التخلي عن حلمهن في الحرية وتضمين حقوقهن".

كما لم يغفل عن الممارسات التي تتعرض لها الفلسطينيات والأفغانيات "الاحتلال الإسرائيلي يمارس الانتهاكات بحق المرأة الفلسطينية بشكل يومي، وحركة طالبان التي تنتزع كل يوم جزءاً من روح المرأة وكيانها عبر قرارات ظالمة هدفها الأساسي تحجيم المرأة وخنقها وإلغاء أي دور اجتماعي لها، وكذلك السلطات الإقليمية التي تضغط على النساء بصورة خاصة وممنهجة مثلما الحال في المغرب والصحراء الغربية وإيران وتركيا".

وأكد البيان أن استهداف النساء هو استهداف للمجتمع، معتبراً أن "المرأة هي القوة الفاعلة للتغيير. فكما هي التي تحافظ على أصالة المجتمعات وخصوصياتها، فإنها هي نفسها القادرة على إحداث التغيير وزرع أسس الديمقراطية، وبالتالي فإنها تبث الرعب في نفوس القوى الرجعية والاستبدادية".

واختتم البيان بالإشارة إلى ضرورة تأسيس تحالف ندى والإنجازات التي حققها خلال عام "هذا التحالف الذي أثبتت النساء فيه أن قضية المرأة قضية واحدة، فجاء رسالةً على قدرة النساء في تجاوز كل الاختلافات العرقية والسياسية والمذهبية والانتماءات السياسية والقومية، وعلى كفاءتها في مد جسور التواصل واختصار المسافات وتقليصها بين مجتمعات تتشابه فيها ظروف معاناة المرأة في ظل هيمنة الذهنية الذكورية، ونوجه نداءنا إلى كافة النساء بضرورة توحيد الجهود النسوية وتعزيز التشبيك والعمل المشترك فيما بيننا، وبتقديم الدعم والمساندة لكل الحركات التحررية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والعالم كله، للمضي قدماً على درب مسيرة تحرر المرأة حتى تحقيقها وتتويجها ببناء مجتمع السلام والعدالة الاجتماعية والمساواة الحقيقية والفعلية".