حقوقيات مغربيات تطالبن بـ "مدونة جديدة" خالية من التمييز

دعت سياسيات وحقوقيات في المغرب إلى حوار هادف وهادئ من أجل المراجعة الشاملة لمدونة الأسرة وتنقيحها من كل الشوائب والثغرات من أجل دمقرطة الدولة والمجتمع وتحقيق المساواة.

المغرب ـ شددت سياسيات وحقوقيات خلال ندوة صحفية على ضرورة اعتماد مدونة جديدة تساير التطورات التي يعرفها المجتمع المغربي، وخالية من التمييز وقائمة على المساواة بين الجنسين.

عقدت منظمة النساء الاتحاديات، أمس السبت 29 تشرين الأول/أكتوبر، ندوة صحفية في مدينة الرباط، بعنوان "المراجعة الشاملة لمدونة الأسرة حماية للمجتمع".

ودعت الكاتبة الوطنية لمنظمة النساء الاتحاديات حنان رحاب، في مداخلة لها إلى حوار بشأن مراجعة مدونة الأسرة المغربية بشكل شامل، مشيرةً إلى أنه بعد مرور 18 عاماً من تطبيق المدونة تم الوقوف على عدة مشاكل تتعلق بقضايا النسب والحضانة والولاية الشرعية والطلاق، علاوةً عن تزويج القاصرات، وما رافق ذلك من جدل حول اقتسام الممتلكات المكتسبة خلال قيام العلاقة الزوجية، لهذا فهي اليوم بحاجة إلى التعديل والتنقيح.

فيما تحدثت الناشطة الحقوقية وعضو الاتحاد الاشتراكي فاطنة سرحان، في كلمة لها عن إشكالية إثبات النسب بالنسبة للأطفال المولودين خارج إطار الزواج، مبرزةً أن المشرع منح ذلك حصراً للرجل "المراجعة الشاملة لمقتضيات المدونة ممكنة بشرط عدم التمييز بين أطفال العلاقة الزوجية ونظرائهم المولودين خارج إطار الزواج، يمكن القول إن تلك المراجعة في شموليتها ستخرج بأحكام ثورية تحل مشاكل المجتمع، إلا أن التردد سيظل سيد الموقف".

وأضافت "تعديل المدونة يجب ألا يكون إلا عبر أعضاء اللجنة الذين لهم موقف مسبق من المساواة بين الجنسين وما جاءت به الاتفاقيات الدولية ودستور 2011".

من جهتها قالت النائبة البرلمانية عن حزب الاتحاد الاشتراكي مليكة الزخنيني "وجود قانون أسري خالي من التمييز وقائماً على المساواة بين الجنسين، سيشكل أحد أسس بناء الديمقراطية".

وبينت أن عدم التمييز القائم على الجنس يضمن مشاركة المرأة أقصى مشاركة ممكنة في دينامية البناء التنموي، وأن المساواة الكاملة تقتضي تغيير دور الرجل في المجتمع. "معركتنا اليوم هي تنقيح قانون الأسرة المغربية من كل الشوائب بين الجنسين من أجل دمقرطة الدولة والمجتمع".

بدورها ركزت الأستاذة الجامعية مليكة بنور في مداخلتها على موضوع "الابن غير الشرعي بين التشريعات الدولية والقانون المغربي"، ولفتت إلى أن 11% من مجموع الأطفال بالمغرب يولدون خارج إطار الزواج، أي يولد يومياً خارج إطار الزواج 153 طفلاً، مطالبةً باحترام اتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها المغرب عام 1993، التي تنص على حق تسجيل الطفل ومعرفة والديه ورعايتهما له، مع حقه في ربط صلات عائلية.

وحسب المشاركات فإن الممارسة أظهرت خلال ما يقارب العقدين من صدور مدونة الأسرة المغربية مجموعة من الاختلالات والثغرات، التي كانت تسمح بالالتفاف على فصولها الساعية للإنصاف، وقد نتج ذلك عن توسيع السلطة التقديرية للقضاة فيما يخص بعض الحالات، كالتعدد وزواج القاصرات، بسبب تأويلات محافظة لا تتلاءم مع مغرب الألفية الثالثة، بينما كانت مقاصد المدونة هي منع زواج القاصرات والحد من التعدد إلى أقصى درجة ممكنة.

من جهة أخرى ركزت المشاركات في الندوة على التحولات في الأنساق الثقافية والسياسية والاقتصادية بالمغرب، مؤكدات أنه حتى وإن كانت هذه التحولات بطيئة، فإنها تؤثر على الأنساق المجتمعية، مثل تعميم التعليم، خاصة في العالم القروي بالنسبة للفتيات، وتوسع حضور النساء في الفضاءات العامة، وارتفاع نسبة المعيلات للأسر، ما أدى إلى تغيير في التمثلات المجتمعية للمرأة وأدوارها، ما جعل مسألة المساواة الكاملة بين الجنسين لا تثير الحساسيات التي كانت تثيرها من قبل.

واعتبرن أن هذه المكتسبات رمزية وجب تعضيدها وترسيخها بمكتسبات قانونية وسياسية، مشيرات إلى أن القوانين لا تتمثل أدوارها فقط في الضبط والفصل بين المتنازعين وتنظيم العلاقات، بل إنها تلعب دوراً بيداغوجياً على مستوى النهوض بثقافة الحق والواجب، كما يتجسد هذا الدور حسب المشاركات في الندوة في نقل المجتمع ومساعدته على الانفتاح والتحديث، والتصدي بشكل أكثر نجاعة للعقليات التي تأبى التغيير.