"سرّ وحدتي كنتَ أنت"... حين تختار النساء الموت على الذل

في مسرحية "سرّ وحدتي كنتَ أنت"، تتجلّى شجاعة النساء في كسر القيود التي فرضتها القوانين الذكورية، فأربع نساء من أربعة أجيال يخترن الحياة والموت بكرامة، ويُجسّدن رسالة الحرية من أعماق التاريخ إلى خشبة المسرح.

سنیا مرادي

سنە ـ مسرحية "سرّ وحدتي كنتَ أنت"، تروي حكاية واقعية مستوحاة من حياة أربعِ أجيالٍ من النساء في مدينة سنه بشرق كردستان، واجهن ظلم الأنظمة وقوانين الهيمنة الذكورية، وصمدن في وجه القهر والمصاعب، وخضن النضال واختَرن الكرامة طريقاً للحياة.

في مسرحية "سرّ وحدتي كنتَ أنت"، تتجلّى جرأة نساءٍ لا يرضين بالذلّ ولا يخضعن لأيّ قانونٍ يسلبهنّ حريتهن؛ فالحرية تسري في عروقهن، والكرامة تسكن أرواحهن، الموت لا يُرهبهن، لكنّهن يرفضن حياةً تُشبه العبودية، ويُجسّدن بذلك معنى النضال الحيّ الذي لا ينطفئ.

 

النساء تحت وطأة التقاليد والمجتمع

في هذه المسرحية، توجد نساءً من أربعة أجيال، عانين من ظلم المجتمع وتقاليده الذكورية القاسية، بسبب العقم، فقدان الزوج، وجدن أنفسهن عرضةً للقهر والإذلال، ورغم مرور الوقت، فإن الألم لا يزول، هؤلاء النساء لا يستسلمن، بل يخترن مصيرهن بوعيٍ كامل، ويضعن نهاية لحياتهن لا من باب الضعف، بل من باب الكرامة.

الهيمنة الذكورية لا تزال مستمرة عبر الأجيال؛ فالنساء العقيمات يُحتقرن، والأرامل يُعذّبن، وتُسلب حقوقهن في الإرث، ويُجبرن على الزواج من رجال أصحاب سلطة، راية الذكورية لا تزال مرفوعة تُكرّس الظلم وتُعيد إنتاجه.

 

نضال لا ينتهي

ومع ذلك، فإن نضال النساء لا يخبو، بل يتجدد بأساليب مختلفة في كل جيل، بعضهن يرفضن الانصياع لقوانين الذلّ، ويُدرن ظهورهن لكل ما يُكرس الخضوع، النساء في هذه المسرحية ينبضن حباً وحياة، لكنهن لا يرين للحياة قيمة إلا إذا كانت مقرونةً بالحرية، بل إن الموت في سبيل الحرية يعد عندهن فعلاً مقدساً، شجاعتهن تنتقل من جيلٍ إلى آخر، وتُشكّل سلسلةً من التمرّد النبيل، إنهن يسخرن من قوانينٍ كُتبت للرجال فقط، قوانينٍ تفتقر إلى الأخلاق والإنسانية.

 

الموت ليس استسلاماً بل اختيار للحرية

هؤلاء النساء لا يخضعن لعاداتٍ تُجبرهن على الرضوخ لقوانينٍ جائرة، فهن عبر التاريخ، وقفن في وجه الأنظمة الذكورية، ورفضن أن يكنّ ضحايا، في هذه المسرحية، لا يُصوَّر الموت كضعف، بل كقرارٍ واعٍ، كفعلٍ من أفعال السيادة على الذات، إنهن لا يتعلّقن بالحياة، بل الحياة هي التي تتعلّق بهن، في كل مشهد، تظهر امرأة تُجسّد معنى الكرامة، والإنسانية، والحب، وترفض أن تتراجع ولو خطوة واحدة عن مبادئها.

 

الممثلون والعرض والإهداء

مسرحية "سرّ وحدتي كنتَ أنت" تُعرض على خشبة أكاديمية الفنون، من الأول من آب/أغسطس إلى 20 من الشهر ذاته، في عرضٍ واحد يومياً، يشارك في هذا العمل نخبة من الممثلين والممثلات، من بينهم كاجال قماري، سمية رحيمي، شيما مولاي، شهري شيخ الإسلامي، هوجين حسيني، نشتمان رسول زاده، شيلان أديب، كوروش أحمدي، فردين غديري، رضا حاج خسروي، كسرى كيانيراد، رامان محمدي، مبين سابزي، برهام خوشكيسي، وسيفان سيدي.

وقد أُهدي هذا العرض إلى أرواح شهداء البيئة خبات أميني، وحميد مرادي، وتشياكو يوسف نجاد، حيث سيساهم في إحياء ذكراهم ورسالتهم.