سلوى عثمان: سجن إيفين رمز الإخفاء القسري وانتهاك الحقوق في إيران
المحامية سلوى عثمان، في سياق حديثها عن الهجمات الإسرائيلية على سجن إيفين، قالت "في إيران، تُنتهك حقوق السجناء بشكل صارخ، وكان هذا واضحاً في القصف الذي استهدف السجن، من الضروري التحرك لحماية حقوق السجناء، وإنقاذهم من الإخفاء القسري".

برجم جودي
كوباني ـ في 13 حزيران/يونيو الماضي اندلع صراع معقّد بين تل أبيب وطهران، أسفر عن أضرار جسيمة في كلا بلدي العاصمتين جراء الهجمات المتبادلة، خلالها شنّت الأولى قصفاً على سجن إيفين الذي يُعرف في إيران بأنه مركز لاحتجاز النشطاء والسياسيين والصحفيين والمحامين تحت ظروف قمعية وقاسية.
بحسب ما أعلنته الجهات الرسمية في إيران، فإن هذا الهجوم أسفر عن مصرع 73 شخصاً، من ضمنهم سجناء، حرّاس، موظفون إداريون، وعناصر من الكادر الصحي في السجن.
عقب هذا الحدث، صدرت تقارير ووثائق عديدة أفادت بأن السلطات الإيرانية عمدت إلى نقل عدد كبير من المعتقلين إلى أماكن مجهولة، مما قطع التواصل معهم بشكل كامل.
وفي سياق هذا الوضع، وبالنظر إلى الانتهاكات العامة التي تحدث داخل إيران، أدلت المحامية سلوى عثمان برأيها لوكالتنا، مشددةً على ضرورة كشف مصير المعتقلين وحمايتهم من الإخفاء القسري، وضمان حقوقهم الإنسانية دون تأخير.
"إسرائيل استهدفت سجن إيفين عمداً"
في تقييمها لبداية الحرب المتصاعدة بين طهران وتل أبيب، أوضحت المحامية سلوى عثمان أن استهداف سجن إيفين لم يكن صدفة، بل اختياراً مدروساً "الحرب بين إسرائيل وإيران تُعد جزءاً من حرب عالمية ثالثة غير معلنة، يجري رسم ملامحها من أجل إعادة تشكيل الشرق الأوسط وفق رؤية القوى المهيمنة، إنها مشروع عميق ومعقد يشمل القضاء على تنظيم داعش، وتفكيك النظام السوري، إلى جانب ملفات أخرى مرتبطة بهذه الرؤية".
وأضافت "نحن نعرف قدرة إيران وإسرائيل ونُدرك حجم ذكائهما الاستراتيجي، وفي هذه المرحلة، حاولت إسرائيل بدعم من أمريكا استغلال الصراع لتحجيم نفوذ إيران في الشرق الأوسط، عبر استهداف مواقع استراتيجية مثل سجن إيفين الذي قُصف يوم 23 حزيران"،
وأكدت أن "سجن إيفين ليس مجرد منشأة احتجاز، بل مكان يُزج فيه المعارضون للفكر الإيراني ومن يعارضون سياساته، ولذلك فإن استهدافه يحمل رسالة سياسية خطيرة، ومن وجهة نظري، الهدف من هذا القصف كان إثارة اضطرابات داخلية وخلق فوضى في إيران، لا سيما وأن من بين ضحايا الهجوم الـ 73 موظفين، حراس وسجناء، وبذلك يمكننا القول إن إسرائيل تسعى لتفكيك النظام الإيراني من الداخل والخارج في آن واحد".
"سجن إيفين مركز لانتهاك حقوق الإنسان"
وتابعت سلوى عثمان تقييمها للوضع، مسلّطةً الضوء على سمعة سجن إيفين، مشبهةً إياه بسجن صيدنايا السوري "يُعد سجن إيفين أحد أكثر السجون شهرة في إيران، ويُعرف بنظامه القمعي، إذا أردنا توصيفاً آخر لهذا السجن، يمكننا مقارنته بسجن صيدنايا في سوريا، يُستخدم فيه جميع أساليب التعذيب الجسدي والنفسي القاسي، وكل من يُشتبه بأنه معارض للنظام الإيراني يُزج به فوراً في هذا السجن".
وأضافت "من المعروف أن غالبية نزلاء سجن إيفين يواجهون أحكاماً بالإخفاء القسري أو الإعدام، النظام الإيراني يُقيّم هذا السجن ضمن منظومته الأمنية الثلاثية، والانتهاكات فيه ليست وجهة نظرنا فقط، بل محلّ إجماع من الحقوقيين والمحامين حول العالم".
وأشارت إلى وجود مئات التقارير من المحكمة الدولية توثق الجرائم والانتهاكات بحق السجناء في إيران، موضحةً أن الهجوم الأخير تسبب في نقل عدد كبير من المعتقلين إلى سجون مجهولة بطريقة سرية، ما يدلّ على رغبة السلطات الإيرانية في حجب حقيقة أوضاع السجناء ونظام السجون عن الأنظار "إن سجناء إيفين يُحرمون من أبسط حقوقهم، ويُعزلون عن العالم بطريقة ممنهجة".
"الاحتجاز والإخفاء القسري في إيران مستمر منذ سنوات"
وأشارت سلوى عثمان إلى أن النظام الإيراني لا يضمن الحقوق الفردية، ولا يدعم الديمقراطية أو الحريات، "نهج الإخفاء القسري في إيران متجذر منذ سنوات ويستمر حتى اليوم، ففي عام 2023 فقط، كشفت التقارير عن 837 حالة إخفاء قسري، لهذا السبب، يجب حماية هؤلاء السجناء من التصفية والإخفاء".
وأفادت أنه "صحيح أن السجون موجودة في كل دول العالم، لكن هذه السجون تُدار وفق اتفاقيات وقوانين واضحة، يمكن أن نضرب مثلاً على ذلك من واقع الآن، كقضية وريشة مرادي التي صدر بحقها حكم بالإعدام وهي ضحية واضحة لهذا النهج".
وأضافت "إيران تصوّر نفسها كنظام إسلامي، فيما تركز أوروبا على حماية الحقوق، الديمقراطية والحريات الأساسية. وهذا يجعل النساء، الفئات الضعيفة، والمعارضين الفكريين أهدافًا مباشرة للنظام الإيراني، النظام هناك لا يمنح الحقوق الاجتماعية ولا حرية التنظيم، التعبير أو التوزيع الإعلامي بشكل ديمقراطي، إيران تعلن صراحة أن من يعبّر عن رأي مخالف أو يُبدي اعتراضًا، سيتعرض للاعتقال الفوري، وعقوبته عادةً الإعدام أو الإخفاء".
دعوة للإفراج عن المعتقلين الأبرياء
وفي ختام حديثها، دعت سلوى عثمان إلى الإفراج عن المعتقلين الأبرياء وحمايتهم "كل المنظمات والمؤسسات المرتبطة بحقوق الإنسان والقانون تتفق على أن الانتهاكات في إيران صارخة، لكن للأسف، رغم كل التقارير التي صدرت، لم نشهد حتى الآن تطبيقاً فعلياً، لذلك، نكرر دعوتنا ونطالب بالتحرك العاجل لحماية هؤلاء السجناء وإنهاء هذه الانتهاكات".