روناهي يكتا... منارة مقاومة سد تشرين
القيادية روناهي يكتا التي قاتلت بشجاعة للدفاع عن سد تشرين، وكذلك في كوباني إلى جانب والدها للدفاع عن مدينتها، قالت "هذه الحرب هي حرب الكرامة، ويجب على الجميع حماية كرامتهم".

زنارين دفرم
الحسكة ـ كيركو قرية تابعة لناحية موباتا في مدينة عفرين المحتلة، تشتهر بالزراعة وتربية الماشية كباقي القرى والنواحي الأخرى في المنطقة، وكان سكان القرية يعيشون حياة بسيطة حيث يتم إعداد كل شيء يدوياً، ويوجد على أحد أطراف القرية نبع عربو.
قضت القيادية روناهي يكتا ذات الـ 28 عاماً طفولتها في كيركو في عائلة مكونة من 5 أفراد تتمتع بثقافة وطنية، تعلمت تحمل المسؤولية في سن مبكرة، من الناحية المادية والمعنوية ساندت عائلتها، لذلك، في عام 2011، عملت كخياطة مع أختها.
بالنسبة لها، لم تكن الحياة البسيطة هدفاً لها لذلك لم تجذب انتباهها، وكانت تتقدم دائماً بالعمل الجاد والتعلم والدراسة، وعلى الرغم من أنها كانت تعمل في مهنة الخياطة، إلا أنها واصلت دراستها حتى الصف التاسع، كانت تعلم جيداً أن النساء اللاتي شربن حليب عشتار لديهن القدرة على القيام بأشياء كثيرة في نفس الوقت وإدارتها بشكل جيد.
كانت تحب الرسم وكتابة القصائد
وكما استطاعت الآلهة عشتار ترك آثار أقدامها على تل أندار، فلا ينبغي أن يكون أحفادها أناساً عاديين، المناضلة روناهي يكتا، التي ولدت في نفس الجغرافيا، استلهمت من ثقافة الآلهة وجعلتها معياراً خاصاً لحياتها، ولهذا السبب فإن حب روناهي يكتا للطبيعة والربيع كان كبيراً جداً، حيث قامت بتزيين كل شيء حولها بالأشجار والنباتات، وسبب اختلافها عن الجميع هو تمتعها بالعديد من المواهب والفنون من الرسم كما كانت تكتب القصائد.
روناهي يكتا كالشمعة التي تنير الظلام، ومن أجل حرية شعبها انضمت في عام 2012 إلى أنشطة الشبيبة الثورية، حيث بدأت بتنظيم الشابات والشبان، وجابت أنحاء إقليم شمال وشرق سوريا من شارع إلى شارع، ومن حي إلى حي، وأطلعتهم على فكرة حرية البلاد، بالإضافة إلى العمل التنظيمي، كما واصلت أيضاً الدورات التدريبية والتثقيفية لتطوير وتغيير خصالها وصفاتها الشخصية.
الانضمام إلى وحدات حماية المرأة
تلقت روناهي يكتا التدريب الإيديولوجي خلال عام 2013 و2015 و2018، لكن هذا لم يكن كافياً بالنسبة لها، فانضمت إلى صفوف وحدات حماية المرأة في عام 2021، وأثناء انخراطها في الصفوف العسكرية، شاركت في الحملات وتدريبات التخصص، وعندما اكتسبت الخبرة الكافية في هندسة الألغام، وكامرأة مقاتلة واثقة من نفسها خلقت حضوراً قوياً لنفسها.
حاربت إلى جانب والدها في جبهات كوباني
بعد انضمامها إلى وحدات حماية المرأة، انضم والد روناهي يكتا إلى صفوف وحدات حماية الشعب، وفي عام 2014، عندما اشتدت هجمات مرتزقة داعش على كوباني، قاتل الأب وابنته دفاعاً عن مدينتهما في ذات الخندق حتى النهاية وأعلنا مع رفاق دربهما عن تحرير كوباني.
لم تغب البسمة عن شفتي روناهي يكتا أبداً، وجمعت المجتمع حولها بعد أن منحته معنويات عالية وحماس، وبسبب الروح الشبابية التي امتلكها اجتمع حولها الشباب ووالشابات واحداً تلو الآخر وكانت تثري محيطها بالحديث عن تجربتها الطويلة الأمد، وروح التضحية التي تحلت بها في طفولتها، أظهرتها بنفس الحماس في حياتها الثورية.
وفي بعض السطور التي كتبتها عبرت عن سبب انضمامها بالقول "سبب انضمامي كان فقط من أجل الانتقام لوالدتي، ولكن الآن أنا أقاتل من أجل جميع النساء، كلما زاد علم ومعرفة الإنسان كلما كبر وتنامى هدفه، لذلك، الانتقام لجميع النساء هو هدفي، لا يمكن أن تبقى أرض كردستان محتلة، ومن المستحيل أن نصمت ونغض الطرف دون التضحية بأنفسنا".
بهذه الكلمات كانت تسعى كل يوم وراء معرفتها وبنت نفسها على مبادئ المرأة الحرة، لكنها لم تقتصر على ذلك، بل شاركته أيضاً مع أصدقائها ورفاقها ونشرته كلمة كلمة.
"هذه حرب الكرامة"
وعندما تزايدت هجمات مرتزقة الاحتلال التركي على سد تشرين، تحركت القيادية روناهي يكتا بروح مقاومة العصر واتخذت موقعها لمواجهة الهجمات، لقد ناضلت لحماية سد المقاومة، وكانت رائدة في التكتيكات الحديثة، ففي تقييمها الأخير في جبهة تشرين قالت "على الرغم من أننا تعرضنا للهجمات دفعة واحدة، إلا أن جميع رفاقنا فوق الأرض وتحت الأرض اتخذوا مواقعهم دون تردد وقاموا بتطهير السد من المرتزقة، نحن نواصل معركتنا بحماس وروح معنوية عالية، فهذه حرب الكرامة ويجب على الجميع حماية كرامتهم".
بهذه الكلمات حاربت روناهي يكتا وقاومت وعززت روح النضال، ولكن أي شخص يقف في وجه العدو المهيمن يصبح هدفاً له، وفي 25 كانون الأول/ديسمبر 2024 ارتقت إلى مرتبة الشهادة في سد تشرين إثر هجوم عنيف.
"كانت أختاً وأماً وصديقة لنا"
وعن تحلي روناهي يكتا بروح المسؤولية قالت شقيقتها ناز حسين "لم تكن أختاً لنا، بل كانت أيضاً أماً وصديقة، كان لديها شعور كبير ومثير للاهتمام بالمسؤولية، لقد كانت دائماً إلى جانبنا وقدمت لنا النصائح، ورغم صغر سنها، كانت تحاول دائماً حل مشاكلنا في إطار المساواة، كانت تنبؤاتها دائماً صحيحة وتتصرف بحذر".