قيادة الدراجات النارية... مطلب لا يُقهر في وجه القمع
في ظل غياب التدريب المنهجي، وانعدام شروط السلامة والتأمين، تواصل العديد من النساء في إيران قيادة الدراجات النارية في شوارع المدن، متحديات القيود المفروضة عليهن.

نيان راد
مهاباد ـ في شوارع إيران، لم تعد قيادة النساء للدراجات النارية مجرد مشهد عابر أو فعل يومي، بل تحولت إلى تعبير جريء عن الحق في التنقل، والسلامة، والاعتراف القانوني الكامل، رغم التهديدات المستمرةـ متحديات القيود القانونية والثقافية التي تحاول حصر أجسادهن في فضاءات مغلقة.
في سياق تتقاطع فيه القيود القانونية مع الأعراف الثقافية والدينية، تبرز قيادة النساء للدراجات النارية في إيران كفعل يومي يحمل في طياته رمزية المقاومة والتحدي فإنهن يواصلن قيادة الدراجات رافضات الانصياع لصمت مفروض.
تقول كيميا.خ، شابة في الثانية والعشرين من عمرها من مدينة مهاباد "كثيرا ما أتساءل، كيف يُسمح لنا بقيادة السيارات، حتى الثقيلة منها، بينما يحظر علينا قيادة الدراجات النارية؟ لماذا يمنع عنا التدريب والتأمين، وتعرض حياتنا للخطر بسبب غياب شروط السلامة؟ لماذا يصادر هذا الحق، وتسخر الثقافة، مدعومة بالقانون، لتكريس القمع بدلاً من كسر القيود؟".
رغم ثقل التابوهات والقوانين، لا تزال كيميا. خ، تحلم بامتلاك دراجة نارية، حلم لم يخمد تحت وطأة المنع بل ظل حياً في قلبها، ففي إيران، ينظر إلى قيادة النساء للدراجات النارية على أنها تجاوز للحدود الثقافية والقانونية، لكن الواقع في الشوارع يروي قصة أخرى، قصص نساء يقدن دراجاتهن بشجاعة، ينفخن روحاً جديدة في جسد مجتمع يتغير ببطء.
في مختلف المدن الإيرانية، باتت بعض النساء اللواتي يركبن الدراجات النارية يحظين بتقدير خاص لكسرهن تابواً متجذراً في الثقافة، ورغم استمرار المخاطر وغياب البنية التحتية الآمنة، لم تكن هذه التحديات كافية لإيقافهن، فبعضهن اخترن الطريق، بكل ما فيه من صعوبات، ليصنعن من الحركة فعل مقاومة.
الدراجات النارية شغف نسائي في مواجهة الخطر والتناقض القانوني
رغم إعلان المتحدثة باسم الحكومة فاطمة مهاجراني، في مؤتمر صحفي أخير أن لا وجود لعائق قانوني يمنع إصدار رخص قيادة الدراجات النارية للنساء، إلا أن التناقض في التصريحات الرسمية لا يزال حاضراً، مما يترك المجال للغموض والتأويل.
لكن النساء لم ينتظرن وضوحاً قانونياً أو صدور تشريعات جديدة، بل بادرن بتحويل منازلهن والأماكن العامة في ساعات الفراغ إلى فضاءات تعليمية بديلة، حيث تمارس المهارة وتكسر القيود.
روجيار. ك، إحدى فتيات الجيل (Z)، تتدرب مع صديقاتها في أحد الحدائق، وتؤكد أن الرغبة في قيادة الدراجة النارية لا ترتبط بالجنس، بل بالشغف والحق "النساء، تماماً كالرجال، يحببن قيادة الدراجات النارية، يجب أن يكون لنا الحق في الحصول على رخصة قيادة مثلهم".
وتابعت "غياب القانون لن يوقفنا، نحن نلاحق شغفنا سواء وجدت الرخصة أم لا، لكن وجود قانون واضح سيمنحنا فرصة الاستفادة من التأمين والتدريب السليم".
إن غياب البنية القانونية الواضحة، إلى جانب انعدام التدريب المنهجي وحرمان النساء من التأمين، لا يشكل فقط عائقاً قانونياً، بل يخلق بيئة محفوفة بالمخاطر تهدد سلامة النساء، خاصة الشابات اللواتي يصررن على ممارسة هذا الحق رغم كل التحديات.
من التابوهات الثقافية إلى دعم الأسرة
تتباين ظروف قيادة النساء للدراجات النارية من مدينة إلى أخرى في إيران، حيث لا يشكل القانون دائماً العقبة الأكبر، ففي بعض المناطق، تفرض الأعراف الثقافية والدينية قيوداً أشد وطأة من النصوص القانونية.
نجيبة. ق، امرأة في الخامسة والأربعين من عمرها، تسترجع مشهداً من الماضي وتقول "أتذكر امرأة كانت قبل نحو 15 عاماً، في مدينة مثل مهاباد، تركب دراجتها النارية كل صباح متجهة إلى عملها، مرتدية خوذة وتحرص على عدم لفت الأنظار، لكنها كانت توصم بالخطأ في أحاديث الرجال، في المدن الصغيرة والمتدينة، لا تزال قيادة النساء للدراجات أمراً غير مألوف".
ورغم هذا الترسب الثقافي، بدأت بعض الأسر في كسر التابوهات، متجاوزة السياق المجتمعي السائد، فعائلة لينا. ع، وهي فتاة في الثامنة عشرة من عمرها، اشترت لها دراجة نارية دعماً لشغفها، لتتحول القيادة إلى فعل يومي يعكس تمرداً ناعماً.
تقول لينا.ع "أخي علمنا أنا وأختي قيادة الدراجة، وقد تلقيت تشجيعاً من النساء، فغالبيتهن يبدين إعجابهن عندما يرونني، أما بعض الرجال، فيلجؤون إلى تعليقات جنسية مهينة، مما يعمق الحاجز الثقافي، لكن عائلتي كانت دائماً سندي".
بالطبع يا مالفا، إليك إعادة صياغة للنص بأسلوب أكثر ترابطًا وتحليلًا، مع تعزيز البنية الرمزية والديناميكية للحركة النسائية:
موجة لا تعرف التراجع
تتصاعد مطالب النساء في إيران للحصول على رخصة قيادة الدراجات النارية، وقد باتت مشاهدهن في الشوارع دليلاً حياً على هذا التحول المتسارع، ففي ظل غياب تشريع واضح، وبعيداً عن أعين شرطة المرور، تفرض النساء حضورهن في الفضاء العام، مجسدات الحاجة الملحة لإقرار قانون يمنحهن هذا الحق رسمياً.
ورغم افتقارهن للتدريب المنهجي والتأمين، فإنهن يواجهن أيضاً خطر الاعتقال ومصادرة دراجاتهن، ومع ذلك، لا يبدو أن هذه التهديدات قادرة على إيقاف هذا الزخم المتنامي، فالموجة النسائية التي تتسع يوماً بعد يوم لم تعد مجرد احتجاج فردي، بل تحولت إلى مطلب جماعي، متجذر في الشارع، يتحدى القانون والثقافة معاً، ويعلن عن نفسه كحق لا يمكن تجاهله.