قرنين من الزمن وقضية الإجهاض لا تزال تثير الجدل
لا يزال الإجهاض غير الآمن يشكل مصدر قلق كبير، في ظل غياب خدمات الإجهاض القانونية التي يمكن الوصول إليها في العديد من الدول حول العالم، حيث تلجأ إليه النساء مستخدمات طرق تعرض حياتهن للخطر.
مركز الأخبار ـ تزامناً مع اليوم العالمي للإجهاض الآمن، تحولت القضية المثيرة للجدل في العديد من البلدان حول العالم من ملف حقوقي إلى سياسي، في ظل المعتقدات الراسخة حول حق النساء في اتخاذ القرارات بشأن أجسادهن وصحتهن.
يعد الإجهاض من أبرز القضايا النسوية العالقة حتى في المجتمعات الأكثر تقدماً في قضايا المرأة، لأسباب مجتمعية، دينية، أخلاقية وسياسية جميعها مرتبطة بالذهنية الذكورية التي تعتبر أن للرجل الحق في التحكم بجميع جوانب حياة المرأة، حيث اختلفت ردود الأفعال والمواقف ما بين مؤيدٍ لحق اتخاذ المرأة القرار في إجهاض الجنين وبين مؤيدٍ لحق الجنين في الحياة، ما دفع بالعديد للمطالبة بحماية النساء وتذليل العقبات أمامهن، في اليوم العالمي للعمل من أجل الوصول إلى الإجهاض الآمن والقانوني، الذي صادف يوم أمس الخميس 28 أيلول/سبتمبر.
أكد ائتلاف التضامن من أجل حقوق المرأة الأفريقية في بيان وقعت عليه العديد من منظمات المجتمع المدني، على التزامهم الراسخ بإعمال حقوق المرأة في الحصول على الإجهاض الآمن والقانوني، تزامناً مع يومه العالمي حُدد من قبل حركة "صحة النساء"، اعترافاً بحق المرأة في اتخاذ القرارات المتعلقة بجسدها، وحث الحكومات حول العالم على إلغاء تجريم الإجهاض، ووضع حد للوصمة الاجتماعية وتقديم خدمات الإجهاض الآمن بطرق قانونية وطبية بعيداً عن المخاطر التي تتعرض لها النساء والفتيات حول العالم.
ولليوم العالمي للعمل من أجل الإجهاض الآمن والقانوني الذي تم تغييره في عام 2011 إلى "اليوم العالمي للإجهاض الآمن"، هذا العام أهمية كبرى، لأنه يصادف الذكرى العشرين لاعتماد بروتوكول الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب بشأن حقوق المرأة في أفريقيا "بروتوكول مابوتو"، الذي يطالب بضمان تمتع النساء والفتيات بحقوق الإنسان الخاصة بهن، بما في ذلك حقوقهن الجنسية والإنجابية.
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية التي تعتبر أن الإجهاض حق طبي وصحي؛ فإن 97% من جميع عمليات الإجهاض غير الآمنة تحدث في البلدان النامية، ويشكل عدم الحصول على رعاية إجهاض آمنة مخاطر على الرفاه البدني والعقلي للمرأة طوال الحياة.
وبحسب المنظمات الحقوقية والصحية العالمية، فإن عدم إمكانية الوصول إلى الرعاية الجيدة للإجهاض ينطوي على خطر انتهاك مجموعة من حقوق الإنسان للنساء والفتيات، بما في ذلك الحق في الحياة والتمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية، والاستفادة من التقدم العلمي وإعماله، واتخاذ قرار حر ومسؤول بشأن عدد الأطفال والمباعدة بين الولادات وتوقيتها؛ والحق في عدم التعرض للتعذيب والمعاملة والعقوبة القاسية واللاإنسانية والمهينة.
والجدير بالذكر أن القوانين التي تُجرم الإجهاض تتشابه وباتت الأنظمة السلطوية والاستبدادية هي من تحدد مصير جنينها، والدول التي تحظر الإجهاض كثيرة خاصةً تلك التي تصطدم بالعادات والتقاليد البالية، وبالتالي يمارس سراً ما يشكل خطراً على حياة النساء.
ويعد الإجهاض الغير آمن من أكثر الأنواع انتشاراً وتلجأ إليه النساء رغبةً منهن في إنهاء الحمل وخاصة عندما يكون اللجوء إلى الإجهاض القانوني ممنوع، إلا إنه يخلف العديد من النتائج السلبية، حيث يقوم الأطباء ذوي الخبرات القليلة والمفتقرون إلى المهارات اللازمة بإجراء عمليات إجهاض، قد تترك في كثير من الأحيان آثار وخيمة على المرأة ممكن أن تصل إلى استئصال الرحم وحرمانها من الإنجاب، أو يتم الإجهاض من خلال استخدام الأدوية خلال العشر أسابيع الأولى من الحمل.
كما أنه من أبرز الأسباب التي تدفع المرأة إلى إجراء الإجهاض هو الحمل الغير المرغوب فيه من قبل الزوجين لأسباب اقتصادية، بالإضافة إلى انتشار الزواج الأبيض لدى الشباب أو ما يعرف بـ "المساكنة" في العديد من البلدان، ومن أسوأ طرق إجراء الإجهاض تحفيز عنق الرحم باستخدام أشياء مدببة مثل "الإبر" التي تسبب نزيفاً شديداً يؤدي إلى استئصال الرحم أو الوفاة.
تختلف القوانين التي تتعلق بإجراء عملية الإجهاض في الغرب وأوروبا بين من تبيح الإجهاض تماماً ومن تسمح ولكن بشروط أو من في طريقها إلى إباحتها وبين قوانين تمنعها نهائياً. وتفرض العديد من الدول الغربية التي تمنع الإجهاض عقوبات قاسية على المرأة التي تقوم بعملية إجهاض.
ما زالت النساء عرضة لقوانين الإجهاض المتباينة على نطاق واسع، مصطدمة بحاجز العادات والتقاليد السائدة في دول الشرق الأوسط، وتعتبر غالبيتها أن الإجهاض جريمة تتفاوت عقوبتها بين السجن والغرامات المالية بحسب قوانين كل دولة.