قضايا المرأة تقيم عرض مسرحي للتوعية بخطورة ختان الإناث وتزويج القاصرات

تعد قضية تزويج القاصرات وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث من الأزمات الشائكة المتجذرة مجتمعياً ولها أبعاد أعقد من مجرد كونها ظواهر مؤذية للفتيات لارتباطهما بالثقافة والعادات ذات المرجعيات التاريخية المتوارثة.

أسماء فتحي

القاهرة ـ أقامت مؤسسة "قضايا المرأة المصرية" أمس الأحد 3تموز/يوليو، عرض مسرحي يناقش قضية ختان الاناث وتزويج القاصرات وآثارهما النفسية والجسدية على النساء في مختلف مراحل حياتهن.

تحتاج قضايا مثل تزويج القاصرات وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث لعمل ممتد ودؤوب لسنوات على تغيير تلك الرواسب الراسخة والمتنقلة بين الأجيال كإرث ثقيل متجذر، لذلك يتم استهداف الوعي المجتمعي وثقافته إلى جانب القوانين الرادعة باعتباره جزء أساسي ومكمل للتشريع منعاً للتحايل عليه.

وتبذل مؤسسات المجتمع المدني بشكل عام والنسوي منها على وجه الخصوص جهد مكثف لتغيير ثقافة المواطنين في هاتين القضيتين وتوليهم اهتمام كبير في برامج عملها على مدار السنوات الماضية بل وتكثيف العمل على الشرائح المستهدفة مؤخراً للعمل معها بشكل مباشرة بغية إحداث تغيير حقيقي سريع وملموس.

 

عرض مسرحي لفرقة "من كل حتة" حول تزويج القاصرات وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث

عرضت فرقة "من كل حتة" نموذج مكثف لقصص متصلة للتوعية بتأثير تشويه الأعضاء التناسلية للإناث وتزويجهم قاصرات وشكل الأسرة التي ترتكب الجريمتين في مشاهد ابداعية لاقت قبول كبير من الحضور ولمست واقعهم المرير.

وبدأت الفرقة بقصة لـ "الجدة" أم الأب التي اتخذت القرار فيها بتشويه أعضاء الحفيدة التناسلية وتساعدها أم الفتاة رغم عدم موافقة الأب، وخلال العرض القصير تبادلوا الآراء ولكن المؤثر في هذا المشهد أن الأم والجدة وصفتا مشهد تعرضهما لتلك الجريمة وكأنه حدث أمس متأثرتين بما حدث لهما في الصغر مؤكدتين أنهما تأذتا لدرجة أن المشهد بات محفوراً في مخيلتهما ولم يختفي حتى اليوم.

وكشفت القصة الثانية عن أحداث أكثر تأثيراً لمست آلام عدد كبير من الحضور لأب يهين زوجته ويجبر أبنته على الختان ولم يتأثر بصرخات الطفلة ومحاولاتها معه ولا الأم نفسها ليطلب "الداية" تلك المرأة التي تجري هذه الجراحة مستخدمة أدوات بدائية وتلا ذلك إجبار الطفلة على الزواج في سن مبكر.

ويصف مشهد آخر حياة تلك الطفلة بعد الزواج واهمال زوجها لها بحجة أنها صغيرة ولا تلبي احتياجاته، ورغم ذلك يتفق زوجها مع والدها على ختان الحفيدة الجديدة، وهنا تقف الجدة للأم وابنتها عاجزتين أمام قرارات الذكور وحضور نفس المرأة التي ترتدي ثيابها السوداء لتقوم بنفس الجريمة، في اشارة من فريق العمل على تسلسل الجرائم وتوارثها مع العجز وقلة الحيلة للنساء في تلك المعادلة.

وأخيراً ينتهي العرض بالحديث حول القانون وعقوبة كل شخص من المشاركين في تلك الجريمة في حال ثبوتها، موضحين أساليب الاستغاثة والتبليغ في مثل تلك الحالات.

 

 

نقاشات حول العرض ومشاركات من الحضور

دارت مجموعة من النقاشات بين فريق عمل المسرحية بعد انتهاء العرض والحضور من المشاهدين، واعتلت المنصة امرأة تناقشهم في ضرورة العدول عن تلك الجرائم، وتبادلوا المبررات التي يسوقها المجتمع في مثل هذه الحالات وأن ذلك الفعل يساهم في تربية الطفلات ليعلو صوت المشاهدة بأن التربية السليمة لا ترسخ الجور على الأعضاء التناسلية للفتيات ولكن محلها تغذية العقل بالعلم والفهم الأمثل للحدود مع الآخر.

وحدثت بعد ذلك عدد من المداخلات التي روت من خلالها النساء تجاربهن، لتقول إحدى الحضور أن زوجها صعيدي وأن أهله أصروا على ختان فتياتها الثلاثة ولم تقبل بذلك وبذلت كل قوتها لحمايتهن من تلك الجريمة التي تعاني منها حتى اليوم، بينما روت أخرى أن جارتها أنجبت طفلة وبعد إرضاعها تخرج لتلعب مع الأطفال لأنها في نفس عمرهم، متسائلة "كيف لها أن تقوى على تحمل تلك المسؤولية في هذا العمر"، وروت ثالثة أنه ابنتها تعرضت للختان كما حدث لها ولكن مستوى وعيهم ارتفع ولم يفعلوا ذلك مع الحفيدة حرصاً عليها.

 

 

"نعمل على التوعية المجتمعية بالقوانين من خلال الأنشطة والورش والعروض المسرحية"

قالت مسؤولة الدعم النفسي ببرنامج مناهضة العنف ضد المرأة في مؤسسة "قضايا المرأة المصرية" ناهد عمارة، إن العرض المسرحي واحد من الأنشطة التابعة لمشروع تعمل عليه المؤسسة مع سفارة النرويج للتوعية بشأن عدد من القضايا ومنها ختان الإناث وتزويج القاصرات.

وأضافت ناهد عمارة، أنهم يعملون على عدد من المحاور منها أنشطة للشباب وبرامج توعوية وكذلك العروض المسرحية حتى يتسنى لهم مناقشة تلك القضايا المسكوت عنها مجتمعياً، لافتة إلى أن تلك الظواهر متجذرة في نفوس المواطنين ويعملون على تصويبها والتوعية بخطورتها وأضرارها منذ عام 1995.

وأكدت على أن عملهم على تلك القضايا يتم على قدم وساق ولا يتوقف الأمر عند التوعية بل يقوموا بشرح مبسط للقوانين المجرمة لهذه الظواهر وسرد مسارها المنتهي بتشديد العقوبات كي تكون رادعة، مضيفة أن المؤسسة كان لها دور في طرح وقبول تلك القوانين ثم تنفيذها فيما بعد.

وهناك الكثير من التجارب المؤلمة التي تعاني منها النساء بحسب ناهد عمارة، التي أكدت أن المرأة التي تمر بتلك التجربة لا تنسى تفاصيلها طوال عمرها، وكأنها تتم اليوم ولم يمر عليها ساعة وليست سنوات عديدة، بل أن البعض حينما تتذكرنها تبكين وتتألمن وكأن العمر لم يمضي وأدق التفاصيل مازالت عالقة في ذاكرتهن من لون المشرط للثوب الذي كانت ترتديه وملامح المجرم الذي قام بهذا الفعل وغيرها من الأمور.

وعن تجارب النساء تقول ناهد عمارة، "التقيت نساء تجاوزن الـ 70 عام وتتذكرن يوم ختانهن بأدق تفاصيله رغم حدوثه لهم في سن الـ 8 أعوام، وهناك نساء تأثرن بالختان في علاقتهن الزوجية، بل يوجد أزواج يشترطوا إجراء عملية الختان، وواحدة من الحالات المؤلمة كانت لامرأة تعرضت للختان مرتين الثانية منهما بعد ولادة طفلها الثاني وانفصلت عن زوجها نتاج ذلك لسوء علاقتهم فيما بعد بسبب تلك الجريمة".

أما عن تزويج القاصرات أوضحت ناهد عمارة، أن هناك مقترح بقانون جديد أمام مجلس النواب في الوقت الحالي لتعديل المادة الخاصة بالزواج التي تقول "لا توثيق لزواج القاصرات"، بينما التعديل يقول "لا تزويج للقاصرات" قبل الـ 18 عام حتى لا يتم التحايل على الأمر، مشيرة أنهم مازالوا ينتظرون الموافقة على تلك المواد والتعديلات.