قضايا المرأة المصرية تعقد مؤتمر لمناقشة إشكاليات الإبلاغ وتأثيرها النفسي على النساء
عدد ليس بالقليل من النساء يواجهن إشكاليات في الابلاغ عما يتعرضن له من انتهاكات وخاصة العنف بمختلف صوره، وهو الأمر الذي يجعلهن يعانين نفسياً على خلفية ذلك.
أسماء فتحي
القاهرة ـ عقدت مؤسسة قضايا المرأة المصرية اليوم الثلاثاء 26 تشرين الثاني/نوفمبر مؤتمر حمل عنوان "إشكاليات الإبلاغ وتأثيرها النفسي على النساء".
افتتحت المؤتمر المديرة التنفيذية لبرامج المرأة، سهام علي التي أكدت أنه يأتي بالتزامن مع حملة الـ 16 يوم المخصصة لمناهضة العنف الواقع على النساء في العالم، لافتة أن تلك الفترة عادة ما تجد فيها المؤسسات الحقوقية والنسوية تحديداً فرصة لتسليط الضوء على العنف وتأثيره على النساء.
وأضافت أنهم يعملون على اشكاليات الابلاغ التي تواجه النساء حينما يتقدمن بالبلاغ سواء في الشرطة أو جهات تلقى البلاغات بالمراكز المتخصصة وغيرها لما لذلك من أثر على الواقع لما قد يترتب عليه من عزوف عن سلك مسار التقاضي من الفتيات والنساء.
ولفتت مديرة برنامج مناهضة العنف ضد المرأة بمؤسسة قضايا المرأة المصرية، نورا محمد، إلى أن المؤسسة أطلقت حملة إلكترونية بمناسبة الحملة العالمية المناهضة للعنف بعنوان "البلاغ أساس الحماية"، كما أنهم انتهوا من إعداد ورقة بحثية حول الإشكاليات التي تواجه النساء عند تقديم الشكاوى من واقع تجارب حقيقية للنساء، مضيفةً أن الورقة شملت جانب من تجارب المحاميات والمحامين العاملين على ملف العنف وكذلك للنساء المتضررات واستهدفت توفير أماكن مخصصة لتلقي بلاغات النساء يشعرن فيها بالأمان وانتهت لتوصيات للتعامل مع تلك الإشكاليات.
المعنفات قد يعانين من كرب ما بعد الصدمة ودعمهن النفسي ضروري
وأوضحت أستاذ علم النفس المساعد بجامعة عين شمس، منى أبو طيرة إن المشكلة الأساسية التي تصيب النساء حال تقدمهن ببلاغات متعلقة بالعنف تتمثل في الوصمة الاجتماعية من قبل الأسرة والمجتمع، وهو ما يشكل عليهن عبء كبير قد لا يحتملن مواجهته فيعزفن عن الابلاغ.
ولفتت إلى أن الثقافة المجتمعية ترى أن المرأة التي تعرضت لعنف في كارثة كبيرة يجب أن تخفيها ولا تتحدث عنها لكون ذهابها إلى قسم شرطة للإبلاغ سيعرض الأسرة لاتهامات اجتماعية غير لائقة ومن هنا تشعر بفقدان السند والدعم.
وأوضحت أن وجود إشكاليات في الإبلاغ يجعل الضحية فريسة لكرب ما بعد الصدمة لأن الجهة التي تفترض فيها الحماية لا تقوم بذلك فتشعر بالذنب ومن ثم قد تتجه للوم نفسها وكأنها المسؤولة عن ذلك وتتقمص تلك الصورة فتكون نتيجتها تقليل الإحساس بقيمة الذات ومن ثم ينشأ الاكتئاب والقلق والعزلة وتصل بالبعض للانتحار.
سيخرج المؤتمر بتوصيات داعمة للنساء
وأكدت الكاتبة الصحفية كريمة كمال، على إن المؤتمر يستهدف التعامل مع المرحلة التي تلي وقوع العنف على المرأة ومحاولتها الإبلاغ لدى مؤسسات الدولة وتعرضها في بعض الأحيان لعنف من نوع آخر بعدم تقدير الحالة التي تمر بها ومنحها التعاطف والدعم اللازم، معتبرة أن واحدة من الأزمات التي تواجه المعنفات تتمثل في البوح لأكثر من مرة عما تعرضن له من عنف وهو ما يشعرها بالمهانة، وبالتالي تصبح في حاجة للدعم والتعاطف والمساعدة من أجل تحقيق المستهدف من توجهها للشكوى وهو حصولها على حقها ممن تعدى على مساحتها الخاصة ومارس عليها عنف.
وأوضحت في تصريح لوكالتنا، أن عدم التعاطف يجعل الضحية في موقف سيء للغاية لأنها ستشعر بالتعنيف مرة أخرى، لافتةً إلى أن الدعم النفسي في تلك المرحلة ضروري لأنها بحاجة من يستمع لها ويوضح لها حجم ما وقع عليها من عنف وأنه سيمر حتماً وتعود للحياة بطاقة ومشاعر مختلفة وأنها ستتمكن من تجاوز ما حدث يوماً ما.
وعن المتوقع من المؤتمر فقد أشارت إلى أن الحضور سيثري النقاش، معتبرةً أن وجود أطراف القضية خاصة المحامين والمحاميات سيطرح الواقع وملابساته ومن ثم سيتم الوقوف على التوصيات اللازمة لتغييره.
التعامل مع النساء المأزومات وإشكاليات الإبلاغ
من جانبها قالت منى أبو طيرة أن دعم النساء المأزومات نفسياً بسبب ما وجدوه من إشكاليات في الإبلاغ يبدأن من العمل على الإطار القانوني وتسهيل الإجراءات الخاصة بالإبلاغ والتقاضي ومعاملة الشاكية بطريقة لائقة مع أخذ ما تشتكي منه على محمل الجد والاهتمام، مشددة على ضرورة وجود مساندة مجتمعية سواء في وسائل التواصل الاجتماعي أو الأسرة بصفة أخص ليتم النظر لأهمية سلامة الفتيات والنساء النفسية واعتبار سلامهن النفسي أولوية.
وأوضحت أن الفتيات المعرضات للعنف يجب أن يتم منحهن اهتماماً نفسياً ودعمهن خاصة إن كن في أعراض كرب ما بعد الصدمة والتي يجب في حال حدوثها اللجوء لمختص نفسي لأن التعافي قد يستغرق شهرين وربما يصل لعامين بحسب حجم ما تعرضت له الناجية من إيذاء نفسي، مشيرةً إلى أن الجهود يجب أن تتضافر للوصول بالمعنفات لبر الأمان، منوهةً إلى أن الواقع تحسن كثيراً من حيث نظرة المجتمع للدعم النفسي والتأكد من أنه احتياج جماعي وليس وصمة، لافتةً إلى أن هناك تطلعات لواقع أفضل من حيث تقدير الاحتياج للدعم النفسي ومحو أفكار الوصم بشأنه، معتبرة أن ذلك سيحدث حتما من خلال نقل التجارب والخبرات ممن تعافوا فعليا لمحيطهن الاجتماعي.