نسب العنف في ارتفاع... مطالبات بتكثيف الجهود للحد من الظاهرة

في إطار حملة الـ 16 يوم لمناهضة العنف ضد النساء، نظمت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ندوة لوضع حد لتصاعد العنف المسلط على النساء والفتيات في تونس.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ طالبت ناشطات وحقوقيات في تونس بوضع حد للعنف المؤسساتي الذي يتسبب بمضاعفة العنف ضد المرأة، مشددات على ضرورة تفعيل القانون عدد 58 لمناهضة العنف ضد النساء على أرض الواقع، والعمل على تغيير العقليات وتربية الناشئة على ثقافة اللاعنف والمساواة واحترام حقوق الإنسان.

 

لا لقتل النساء

خلال كلمتها الافتتاحية للندوة التي نظمتها الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، أمس الجمعة 2 كانون الأول/ديسمبر، قالت رئيسة الجمعية نائلة الزغلامي أنه "في إطار حملة الـ 16 يوم لمناهضة العنف ضد النساء، عرضت الجمعية فيلم حول التحرش الجنسي، كما قدمت مسرحية حول العنف"، مشيرةً إلى أنه "نؤمن إيماناً قوياً أنه لا يمكن خفض نسب العنف إلا بتوفر إرادة حقيقية لتغيير العقليات ولتغيير الثقافة الأبوية التي تظهر أكثر عند الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وتزيد من حدة العنف".

وأوضحت أنه في ظل التزام الحكومة الصمت قتلت أربع نساء في غضون شهر "نطالب بخارطة لرصد هذه الظواهر وحماية النساء والفتيات حتى لا نصل إلى حد القتل"، لافتةً إلى أن "العنف ضد النساء لا تقتصر ممارسته في المنازل فقط بل يمارس في الفضاء العام أيضاً، وكمثال على ذلك نلاحظ عنف الدولة على القاضيات باعتبارهن نساء فتوجه لهن التهم الزائفة تصل لحد المس بشرفهن".

وفي ختام حديثها قالت نائلة الزغلامي إن "الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ليست بمفردها بل معها شركاء من المجتمع المدني الذين يقفون سداً منيعاً ضد كل التراجعات من أجل تحقيق مكتسبات أخرى كالمساواة في الإرث والمساواة فعلية في القانون وأمام القانون".

 

الإفلات من العقاب يشجع على مواصلة العنف

وحول ما يتعين فعله للحد من العنف، قالت عضو جمعية النساء الديمقراطيات جليلة الزنايدي لوكالتنا "من الحلول الأساسية للحد من الظاهرة التوعية بحقوق الإنسان والمرأة التي يجب أن تبدأ من مرحلة الحضانة ثم المرحلة الابتدائية ثم الثانوية والكليات، بمعنى أن التوعية يجب أن يتم تمريرها عبر المناهج التربوية".

وأشارت إلى أن "القانون عدد 58 لا يطبق على أرض الواقع وأطالب الحكومة ووزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن بتطبيق القانون وضمان عدم إفلات الجناة من العقاب لأنه يشجع على مواصلة العنف".

 

 

838 حالة عنف خلال عام 2022

في تقديمها لإحصائيات مراكز الاستماع والتوجيه للنساء ضحايا العنف قالت جليلة الزنايدي إن العنف ضد المرأة لا يزداد عدداً فقط بل بشاعة أيضاً رغم مرور خمسة أعوام على إقرار قانون عدد 58 لمناهضة العنف ضد المرأة، وأن الحكومة لم تفِ بوعودها بل بقيت صامتة إزاء قتل النساء.

وذكرت أنه تم تسجيل 838 حالة عنف منذ بداية العام الحالي لغاية 31 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وتوقعت أن يصل إلى ألف حالة مع نهاية العام، معتبرةً أنه عدد كبير وخطير، 74% من تلك الحالات تعرضت للعنف الزوجي. بينما العام الماضي كان في حدود 67% و10% عنف أسري و8% عنف جنسي و8% عنف اقتصادي وأقل من 1% عنف سياسي.

وأشارت إلى أن العنف يزداد في وقت الأزمات حيث تضاعف خمس مرات زمن جائحة كورونا. وذكرت أن 35% هن نساء حاصلات على مستوى تعليمي عالي، 29% وصلن إلى مستوى التعليم الثانوي، و28% وصلن مستوى التعليم الابتدائي، و5% لم تتلقين تعليماً.

بدورها قالت عضو في الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات أحلام بلحاج "أشرفت على إعداد دراسة "مسارات النضال ضد العنف المسلط على النساء بين العوائق والتحديات" التي قام بها الائتلاف الجمعياتي، لأننا نهتم بمدى تطبيق القانون عدد 58 لمناهضة العنف ضد المرأة".

وأوضحت أنه "جاءت هذه الدراسة للدفاع عن حقوق الإنسان والرابطة التونسية للناخبات في إطار الائتلاف الجمعياتي، واستهدفت 50 امرأة وتم إجراء لقاءات للاطلاع على واقع العنف الذي تعرضن لها".

وبخصوص ما تم استنتاجه من هذه الدراسة ذكرت أحلام بلحاج "الضحايا تعرضن إلى جميع أشكال العنف وقليل جداً ما تكون الضحية تعرضت لشكل واحد فقط، كما تبين أن بعض أشكال العنف، كالعنف السيبراني والاغتصاب الزوجي والعنف الاقتصادي لا ينص عليها القانون بوضوح".

وأضافت أن الدراسة خلصت أيضاً إلى أن المؤسسات المكفول لها حماية ومرافقة ضحايا العنف هي مؤسسات ليس لديها إمكانيات كافية ولا تدريب كافٍ، ولا تقدم الخدمات المناطة بعهدتها بشكل واضح بل بالعكس في العديد من الحالات هي مصدر عنف مضاعف لضحايا العنف، ويمارس ضدهن بشكل مباشر عن طريق العنف اللفظي، حيث تتجه نحو مركز الأمن فتتعرضن للعنف وتجدن أنفسهن مجبرات على تقديم الرشوة وكثيرات تتنازلن عن حقهن في التتبع لأنهن لا تجدن من يستمع إليهن ولأن القانون ليس ملائماً".

وفي ختام حديثها أكدت أحلام بلحاج أن "واقع النساء يحتاج إلى الكثير من العمل لاسيما وأننا في فترة أزمة اقتصادية وسياسية واجتماعية تتفاقم فيها حالات العنف ضد النساء".

 

 

لا للتطبيع مع العنف

ومن جانبها قالت عضو الهيئة المديرة للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات حليمة الجويني أن "الائتلاف الوطني الجمعياتي لمناهضة العنف ضد النساء هو ائتلاف تم تكوينه في إطار المناصرة لتطبيق القانون عدد 58 والذي قمنا بالعديد من الأنشطة للمصادقة عليه كمكسب كبير يتضمن عدة جوانب، وهي الحماية والوقاية والتعهد بالنساء والتتبع، ولكن لاحظنا أنه توجد مقاومة كبيرة لهذا القانون".

وأضافت أن الدراسة التي قامت بها الحقوقيات حول ولوج ضحايا العنف إلى العدالة ومساراتهن لم يطبق بالكيفية المطلوبة رغم انخراط خمس وزارات في الحرص على تطبيقه.

 

 

واعتبرت عضو الهيئة المديرة للجمعية حياة الجزار في مداخلتها، أن القانون عدد 58 غير مفعل على أرض الواقع، وأن المتابعة الصحية والنفسية للضحايا منقوصة وأن المرافقة الاجتماعية بأنواعها غير مفعلة مع غياب العمل الشبكي والتعهد المؤسساتي للتعاطي مع النساء والأطفال ضحايا العنف.

وأضافت "المرصد الوطني لمناهضة العنف ضد المرأة عاجز عن تنفيذ التشريعات والتقييم ورغم كل هذه الاخلالات حاولت الجمعية عقد اجتماعات مع المؤسسات المتدخلة في مجال العنف، وتم الاتفاق على العديد من القرارات التي لم تفعل حتى يومنا هذا".

وأشارت إلى أن الاتفاقية الممضاة من قبل خمس وزارات غير مفعلة أيضاً والتنسيقيات موجودة في كل الجهات لكنها لا تفعل شيئاً بمعنى أن القانون ظل حبراً على ورق.

"حاولوا قتلها ثم قتلها القضاء" تقول عضو الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات نزيهة بوذيب عن امرأة من محافظة القصرين تعرضت للعنف المضاعف من الجناة ومن القضاء الذي قام باخلالات كارثية"، لافتةً إلى أن "تجندنا كجمعية وكمحاميات منتميات لها للدفاع عن هذه الضحية وكشف الاخلالات في انتظار أن ينصفها القضاء".