نساء لبنان تنتفضن ضد مقتل مهسا أميني

نظمت رابطة نوروز الثقافية ورابطة جين النسائية وجمعية المرأة الخيرية في بيروت اعتصاماً تنديداً بقتل النساء، التي كانت مهسا أميني آخر ضحاياه.

كارولين بزي

بيروت ـ أصدرت رابطة نوروز الثقافية ورابطة جين النسائية وجمعية المرأة الخيرية في بيروت أمس الأربعاء 21 أيلول/سبتمبر بياناً مشتركاً، تنديداً بمقتل مهسا أميني.

"لا لإبادة النساء، لا لقتل النساء نعم للحرية والعدالة"، بهذه العبارات نددت الجمعيات النسوية في لبنان بمقتل الشابة الكردية جينا "مهسا" أميني، من قبل شرطة الأخلاق في إيران، من خلال اعتصام نظمته في بيروت.

 

"شرارة كل ثورة حقيقية هي امرأة"

وجاء في البيان الذي أصدرته رابطة نوروز الثقافية ورابطة جين النسائية وجمعية المرأة الخيرية في بيروت "مرةً أخرى تَثبُتُ حقيقةُ أن القرن الحادي والعشرين سيكون عصر حرية المرأة فالاحتجاجات والتظاهرات الشعبية الحاشدة التي تشهدها مختلف المدن الإيرانية، تنديداً بمقتل الفتاة الكردية مهسا أميني "جينا"، بحجة عدم ارتدائها الحجاب حسب الأصول الشرعية، تلك الاحتجاجات الجماهيرية تؤكد مرةً أخرى أن الثورة أنثى، وأن شرارة كل ثورةٍ حقيقية هي أنثى فما تشهده بلدان منطقتنا المشرقية والمغاربية منذ أكثر من عشر سنين، بدءاً من تونس إلى مصر، ومن اليمن إلى العراق، ومن سوريا إلى السودان، ومن إيران إلى لبنان، تؤكد بما لا يقبل الجدل، أن المرأة في كل مكان هي أول مَن ينتفض ضد الظلم والاستبداد والطغيان، وأنها أول مَن يَرُودُ الثورات الشعبية، وأنه بالتالي لا يمكن لثورةٍ أن تصبح حقيقة، من دون بصمة المرأة".

ولفت البيان إلى مقتل مهسا أميني "شهد العالَم أجمع كيف تُرِكَت الفتاة الكردية مهسا أميني للموت بعد التعذيب الوحشي على يد ما تُسمى بشرطة الأخلاق، بحجة عدم ارتداء الحجاب الشرعي فهل الأخلاق تُفتي بقتل فتاةٍ لمجرد ظهور خصلات شعرها؟ وهل الشرف تم تحجيمه جداً فصار حكراً على الجدائل؟".

وناشدت رابطة نوروز الثقافية ورابطة جين النسائية وجمعية المرأة الخيرية في بيروت كل المنظمات والمؤسسات الدولية للضغط على الحكام من أجل وقف العنف والابادة ضد النساء، مشددين على ضرورة محاسبة كل مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بحق الشعوب بصورة عامة والنساء بصورة خاصة.

 

"الفوارق الزمنية أصبحت تضيق بين جريمة وأخرى"

وقالت رئيسة رابطة جين النسائية بشرى علي لوكالتنا "نظمنا هذا الاعتصام كرابطة جين النسائية، ورابطة نوروز الثقافية الاجتماعية، وجمعية المرأة الخيرية ومبادرة مناهضة الاحتلال وإبادة النساء من أجل الأمن والسلام، بعد أن ناقشنا بأنه يجب أن ننظم تحركاً وخاصة بعد الأحداث الأخيرة التي وقعت في إيران على خلفية مقتل الفتاة الكردية الإيرانية جينا المعروفة باسمها "مهسا أميني"، موضحةً "الاسم الذي أحبت عائلتها أن تناديها فيه كان جينا وبما أن الاسم كردي كان يُمنع تسجيله في دوائر النفوس، وبالتالي تم تسميتها "مهسا" بالرغم عن إرادة الوالدين".

وأضافت "على خلفية هذه الجريمة نرى مجدداً أن هناك تصعيد للإبادة ضد النساء. كما تزامن مقتل مهسا أميني، مع مقتل الجندية الأرمنية آنوش أبيتيان ما يشير إلى أن الفوارق الزمنية أصبحت تضيق بين مقتل امرأة وأخرى، ما يعتبر تعويم لثقافة قتل النساء واستهداف وإبادة النساء كل مرة بحجة وبشكل وببلد وهو ما لا يجب أن نسكت عنه، خاصة الجمعيات النسائية من أبرز أولوياتنا مناهضة العنف ضد النساء ومناهضة إبادة النساء ومطالبة المؤسسات والمنظمات الدولية أن تقوم بدورها بكل ما للكلمة من معنى".

وعن صمت عدد من الجمعيات عن قتل النساء لأسباب ربما حزبية أو سياسية قالت "هناك صمت لدى عدد من الجمعيات في لبنان وخارجه أحد أهم التحديات التي نواجها كناشطات هي أهمية وضع التبعية الحزبية أو السياسية جانباً وأن نضع قضية النساء وحريتهن أولوية، وهذا الأمر يحتاج إلى نضال طويل فنحن لا زلنا في البداية".

وأوضحت "لكل جمعية دورها ومجهودها ولكن لا يمكننا أن نحجم قضية المرأة ضمن أطر حزبية سياسية، هي قضية إقليمية بامتياز وقضية عالمية بامتياز بالتالي يجب أن نساند كل النساء ونكون أصواتهن لنرفع من صوت وإرادة المرأة الحرة لكي تكون الحرية حقيقة وتكون الحقيقة حرة في الوقت نفسه ويمكن أن يكون لكل جمعية منهاجها وتوقيتها للتعبير عن هذه الأمور".

 

"المرأة أساس المجتمع"

ومن جانبها قالت عضو المجلس العام لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD شرفين جودي عن مشاركتها في الاعتصام "نشارك في هذا الاعتصام تنديداً بالهجمات الممنهجة على المرأة في كل العالم، ولاسيما الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني التي تعرضت لهجوم وحشي، والمرأة هي الأساس وهي التي تناضل من أجل مجتمعها وشعبها".

وأوضحت "مقتل مهسا أميني لم يكن بسبب الحجاب، بل هو في إطار إهانة المرأة، المرأة الكردية والمرأة في الشرق الأوسط وفي العالم، لأن المرأة هي أساس المجتمع وهي أساس الأخلاق والإنسانية والمبادئ والحرية".

وأشارت إلى أن "العنف الممارس ضد المرأة هو ليس موجهاً ضدها حصراً بل ضد المجتمع لأن المرأة هي المجتمع، وأنا كامرأة كردية أينما تواجدت سأدافع عن كل النساء المعنفات".

وأكدت بأن العنف الذي يمارس بحق النساء يؤثر كثيراً على جيل المستقبل، ويؤدي إلى تفكك العائلة والمجتمع والأسرة، مضيفةً "المرأة هي الإدارة، والمدرسة والمقاومة وكل شيء، لذلك النظام الأبوي لا يقبل بالمرأة التي ستنتصر".

 

"الحجاب لا يمثل شرف المرأة"

وقالت عضوة رابطة نوروز نسرين برو "أكدنا في البيان أن الحجاب لا يعني شرف المرأة، ونعرف التاريخ الإيراني الذي كان نظامه في الماضي يقتل النساء لأنهن ترتدين الحجاب واليوم أصبح يقتلهن إذا خلعن الحجاب، وهو ما نصفه بالتخلف وقمع الحريات".

وأضافت إن المرأة القادرة على التطوير والتقدم هو ما يدفع الأنظمة الأبوية إلى قتل النساء الأمر الذي ينعكس على المجتمع، "إذا سيطر الخوف على المرأة ولم تستطع أن تعبّر عن نفسها لن نصل إلى مجتمع متطور".

 

"مسؤولية جيل الشباب الدفاع عن المرأة"

بينما قالت عضو في رابطة جين النسائية ديلان حسن "نحن نشارك اليوم إلى جانب عدد من الجمعيات تنديداً واستنكاراً وحزناً على مقتل الشابة الكردية مهسا أميني على يد الشرطة الإيرانية، لنرفع الصوت رفضاً لما حصل، ونشدد على أن المرأة يجب أن تكون حرة بلباسها ومعتقدها ورأيها مثلها مثل أي إنسان"، متمنيةً زوال الأنظمة التي تقمع النساء.

وأضافت "في لبنان لدي حرية ارتداء الملابس التي أريد، ولكن عندما أفكر بأن هناك من يمكن أن يقمعني بسبب ملابسي أشعر بغضب شديد وبأن عليّ أن أدافع عن كل النساء وأعتبر أن صوتي هو صوتهن"، مؤكدةً على أن "مسؤولية جيل الشباب الدفاع عن المرأة واسترداد حقوقها وأن يوصل هذا الجيل أصوات النساء المعنفات إلى المحافل الدولية كما نوصل صوتنا كشابات وشبان أيضاً".      

 

"العنف سيزيد من قوة المرأة"

أكدت عضو رابطة نوروز غزالة سعدو بأن مشاركتها في الاعتصام جاءت رفضاً لجرائم القتل بحق النساء وخاصة الكرديات اللواتي يعانين من القتل والتعذيب ويتوفين تحت التعذيب، مستغربةً من مقتل مهسا أميني بسبب خصلات شعرها التي ظهرت من تحت الحجاب.

وأضافت ما تعرضت له مهسا أميني ظلم كبير، مستنكرةً ما حصل من بيروت على غرار التحركات التي شهدتها بعض المدن العالمية.

وفي ظل ازدياد وتيرة العنف ضد النساء في العالم أشارت إلى أن "العالم يتجه نحو الأسوأ في حال استمرار العنف القائم"، مؤكدةً أن "المرأة لم تعد تسكت عن حقها، وممارسة العنف ضدها سيزيد من قوتها وإرادتها"، مستشهدةً بالمرأة الكردية في كوباني التي هزمت مرتزقة داعش.