نساء هرات تواجهن قمع طالبان بالاحتجاج والتمسك بحق الحياة
تُظهر احتجاجات موظفات مستشفى هرات صمود المرأة الأفغانية في مواجهة قمع طالبان، ونضالهن من أجل الحق في العمل والرعاية، وصرخة الدكتورة مسعودة أميد تجسّد إرادة نساء أفغانستان في الدفاع عن الكرامة والإنسانية.
بهاران ليهب
هرات ـ تواجه النساء الأفغانيات انتهاكات يومية على يد حركة طالبان، ورغم ذلك، فإنهن لا يترددن أحياناً في الرد الجماعي على هذه الممارسات، وشهدت كابول مؤخراً حملة اعتقالات واسعة طالت مئات الفتيات بحجة "عدم ارتداء الحجاب"، أُرسلن بعدها إلى السجون.
انتشرت روايات عن سجن وتعذيب النساء، وهذه المرة كانت نساء مدينة هرات هن الضحايا، فرغم أن غالبية النساء في المدينة يلتزمن بارتداء الحجاب الفضفاض والطويل المعروف محلياً بـ "حجاب الصلاة"، إلا أن حركة طالبان شددت قيودها عليهن مؤخراً، متجاوزة الأعراف الثقافية السائدة التي تُظهر التزام النساء بالحجاب.
ففي خطوة جديدة، منعت الخياطين من خياطة الملابس النسائية، وألزمت المؤسسات الصحية بأن تتولى الطبيبات حصرياً علاج النساء، وفي الأسواق، انتشر عناصر وزارة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" لمراقبة مدى التزام النساء بما يُعرف بـ "حجاب طالبان"، في تصعيد واضح للقيود المفروضة على المرأة الأفغانية.
تقارير توثق فقدان النساء والأطفال لحياتهم نتيجة حرمانهم من الرعاية الصحية
في تطور خطير للقيود المفروضة على النساء في هرات، مُنعت مؤخراً النساء غير المرتديات للنقاب أو الحجاب من دخول المستشفى الحكومي الوحيد في المدينة، وهو إجراء طال المريضات وحتى الطبيبات، وقد أفادت تقارير بوفاة عدد من النساء والأطفال نتيجة حرمانهم من الرعاية الصحية.
وفي 7 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، نظّمت موظفات المستشفى وقفة احتجاجية أمام بوابته، مؤكدات أن المستشفى لا يخدم هرات فقط، بل يستقبل مرضى من مدن مجاورة، ما يجعل هذا القرار تهديداً مباشراً لحياة آلاف النساء.

المرأة تحتج ضد سياسات طالبان القعمية
وفي هذا السياق، روت الدكتورة مسعودة أميد تفاصيل احتجاجهن قائلة "قبل يومين، حاولت دخول المستشفى لأداء واجبي، لكنني مُنعت مع عدد من المريضات وأطفالهن من الدخول، وبعد ساعات من الانتظار، سألنا عن السبب، فقيل لنا "يجب ارتداء الحجاب أولاً، ثم يُسمح بالدخول"، لم يكن أمامي خيار سوى العودة إلى المنزل".
وأضافت "لم أستطع النوم تلك الليلة، رأيت أمام بوابة المستشفى أماً تحتضن طفلها المتألم، تتوسل للسماح لها بالدخول، وعلى مقربة، كانت امرأة مسنة من إحدى المدن المجاورة مستلقية على الأرض الرطبة، وابنها يتوسل من أجل علاجها، العشرات من النساء والأطفال كانوا في نفس الحالة، نحن، العاملين في القطاع الصحي، توسّلنا أيضاً لنتمكن من تقديم المساعدة، لكنهم لم يصغوا، وتجاهلوا معاناة المرضى".
بعد صمت طويل، قالت وقد كتمت غضبها "كان الجو شديد البرودة، ولم تغب عن ذهني صور المرضى الذين قضوا ليلتهم خلف أبواب المستشفى المغلقة، لم أستطع النوم حتى منتصف الليل، حين اتصلت بي زميلتي التي شعرت بالحزن ذاته. في تلك اللحظة، قررنا الاحتجاج".
وأضافت "في صباح اليوم التالي، تجمعنا نحن الموظفات أمام المستشفى، رغم محاولات طالبان تفريقنا والصحفيين، مطلبنا كان بسيطًا وهو أن نُمنح حق مواصلة عملنا، لأن البلاد ونساء مجتمعنا بحاجة إلينا، لكنهم أصرّوا على ارتداء النقاب كشرط للدخول، وفي خطوة احتجاجية، قررنا معالجة المرضى المرتديات للبرقع، وقلنا ساخرات هل علينا إجراء العمليات الجراحية وهنّ يرتدين البرقع؟ وفي نهاية اليوم، أحرقنا البرقع تعبيراً عن رفضنا، لن نسمح لطالبان بفرض قراراتها الظالمة، فحياة الناس أولويتنا، وسنواصل نضالنا بكل ما نملك من قوة".

جسّدت احتجاجات موظفات مستشفى هرات مرة أخرى صمود المرأة الأفغانية في وجه قمع حركة طالبان، فرغم التهديدات والمخاطر والقيود المفروضة، تواصل النساء نضالهن من أجل حقهن في العمل والعيش بكرامة وإنسانية، كانت صرخة مسعودة أميد وزميلاتها صوتاً قوياً لإرادة المرأة الأفغانية، التي تواصل حمل شعلة الأمل حتى في أحلك اللحظات.