نساء السويداء تصرخن أين أبناؤنا أين المختطفين؟

شهدت ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء السورية وقفة مفتوحة شارك فيها نشطاء وأهالي المختطفين والمغيبين قسراً، حيث جاءت امتداد لسلسة من الوقفات الأسبوعية التي تحولت إلى منبر حرّ، يعبر من خلالها الأهالي عن معاناتهم، ويسلط الضوء على قضاياهم الإنسانية.

روشيل جونيور

السويداء ـ شكلت كلمات المشاركات في الوقفة الاحتجاجية في السويداء اليوم السبت 20 أيلول/سبتمبر، نداءً إنسانياً يختصر وجعهن وصرخة من قلب الألم، تفضح حجم الانتهاك، وتحمل في طياتها إصراراً على السيادة والكرامة، وتطالب العالم بأن يصغي لمعاناة لا يمكن تجاهلها.

لم يعد حراك السويداء مجرد تجمع احتجاجي، بل أصبح وسيلة فعّالة لإيصال صوت المدينة إلى الداخل والخارج، في محاولة مستمرة لتحطيم جدار الصمت، وتحريك الرأي العام تجاه قضية المختطفين والمغيبين، التي باتت تمثل جرحاً مفتوحاً في وجدان المجتمع المحلي.

من قلب ساحة الكرامة، وتحت خيمة الأمل، تحدثت نور رضى، ممثلة عن إحدى المنظمات التابعة للمغتربين الداعمين للحراك، مؤكدة أن الاعتصام ليس مجرد موقف، بل عهد لا يُنكث "نحن هنا من أجل المختطفين، هذا الاعتصام أقيم خصيصاً لأجلهم، وسنبقى ثابتين في هذه الخيمة، جنباً إلى جنب مع أهاليهم، الذين لن يتخلوا عن قضيتهم".

وأوضحت "لدينا دعم من متبرعين، وكل ما يُقدّم هنا مخصص فقط لتأمين احتياجات الاعتصام، هدفنا واضح وبسيط عودة المختطفين، ولا شيء غير ذلك".

بدورها، عبّرت الناشطة السياسية سماهر العنداري عن موقف واضح وحاسم من قلب ساحة الكرامة ضمن فعاليات الوقفة الأسبوعية التي باتت صوتاً متجدداً للمطالبة بالحق "خلال الأيام الماضية، عبّرنا عن إرادتنا عبر التوقيعات والمنصات الإلكترونية، واليوم جئنا بأصواتنا، لنُسمع العالم كله، السويداء تملك الحق الكامل في تقرير مصيرها، هذه الأرض أرضنا، ولن نسمح لأي جهة أن تقرر مصيرنا نيابةً عنا".

وأضافت سماهر العنداري، بصوتٍ يملأه الألم والإصرار "نعيش معاناة كبيرة، فما زال هناك نساء ورجال مجهولو المصير، مختطفون قسراً، ومغيبون من مختلف الأعمار، حتى أطفالاً، من حق كل عائلة أن تعرف أين أبناؤها، وفي أي مكان يُحتجزون، فهذه أبسط حقوق الإنسان".

وفي نداء واضح للمجتمع الدولي، طالبت الدول الضامنة والداعمة بالتدخل الفوري "نطالب هذه الدول بأن تمارس ضغطاً حقيقياً على الحكومة السورية المؤقتة لتحديد مصير المختطفين، فليس من حق أي جهة أن تحتجز الناس وتتركهم أسرى لديها".

ولفتت إلى أنه "قبل أيام، زار أحد المسؤولين تلك الجهة، وهذا يؤكد أنها جماعة جهادية، وأنها بالفعل مسؤولة عن اختطاف هؤلاء الأبرياء، رغم ادعائهم أن الناس ذهبت إليهم طوعاً، نحن نرفع صوتنا بكل ما نملك من قوة، ونطالب بعودة المختطفين والمختطفات، لأن هذا حقنا الطبيعي، نريد أن نعيش في وطننا بأمان، دون أن يتحكم أحد بمصيرنا أو يفرض علينا واقعاً لا نختاره".

وتحدثت سماهر العنداري بأسى ووضوح عن معاناة السويداء، مؤكدةً أن هذه الأرض لا تقبل الوصاية ولا تخضع لأي حكم خارجي "تحدثت مراراً عن السويداء، لأنها ليست مجرد منطقة، بل وطنٌ لأناس أحرار، لا يقبلون أن يُفرض عليهم مصيرهم، نحن من يصنع القرار، ونحن من يدافع عن الأرض، وأتمنى أن يصل صوتنا إلى العالم".

وتابعت "أشكر كل صوت حر، عبّر عن تضامن إنساني معنا في وجه الانتهاكات الجسيمة التي تعرضنا لها في السويداء، نحن لا نريد أن نكون ممرات مفتوحة لأي جهة، نحن شعب أنهكته الحرب".

وأكدت "لقد مضى أكثر من 60 يوماً بلا كهرباء، بلا ماء، بلا إنترنت، بلا دواء، المساعدات الإغاثية لا تكفي حتى لتغطية جزء بسيط من احتياجات الناس".

 


  وعبرت يسرى أبو خطار الحلبي عن وجع السويداء الذي لا يزال "نطالب بالسلام والاستقلال، قتلوا أبناءنا، الأطفال حُرموا من طفولتهم، لم يعرفوا اللعب، بل كبروا وهم يتحدثون عن الحرب، إنهم يخوضون معركة لا تشبه أعمارهم، وأنا أصرخ كل يوم، لكن صرخة السويداء لا تصل".

وأضافت "قتلوا أطفالاً رُضّع في أحضان أمهاتهم، وهذا أمر لا يمكن للعقل أن يتقبله، نحن لا نطلب سوى الحرية والسلام، ابني مختطف، لكنني أطالب أولاً بإطلاق سراح النساء المختطفات، وهنّ أولى من أي شيء، حتى من ابني".

 


  ومن قرية جرين، وقفت ترفة يوسف أبو حسون تحمل وجعاً لا يُحتمل "مرّ شهران وأنا أعيش فقدان ابني وزوجي، ولا يزال مصيرهما مجهولاً، هما من بين عشرة شبّان من قريتنا اختفوا، ولا نعرف عنهم شيئاً حتى الآن، أعيش على أمل كلمة واحدة تطمئنني، وتخفف من ألم الفراق الذي ينهش قلبي".

وتابعت "أتمنى أن يُفرج عن المختطفين في أقرب وقت، خاصة النساء، فمعاناتنا لا توصف، نطالب بحق تقرير المصير، نعيش مأساة حقيقية، والوجع بات أكبر من أن يُحتمل".

ومن ذات القرية، روت نور أبو حسون مأساةً مؤلمة "في الخامس عشر من تموز، اقتحموا منطقتنا وأخذوا 15 شاباً من عائلتي كأسرى، بينهم ابني، وقتلوا عمي وخالي، ومنذ ذلك اليوم، لا نعرف شيئاً عن مصيرهم، كلهم من عائلة واحدة، وأنا أتحدث عن بيت لم يبق فيه أحد، هجّرونا من منازلنا، وأحرقوا البيوت والأراضي، حتى الأشجار لم تسلم منهم، حرمونا من التعليم، من جامعاتنا، ومن أبسط حقوقنا".

وسلطت الضوء على معاناة النساء في ظل هذه الأزمة "النساء يعانين بصمت، خاصة في هذه الظروف القاسية، هناك وجع لا يُحتمل، في عائلة واحدة فقط، زوجة عمي مختطفة مع اثنين من أبنائها وزوجها، نُمنح وعوداً يوماً بعد يوم، لكن لا شيء يتحقق".