ندوة تسلط الضوء على وضع النساء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الملتهب

اتفقت النساء في الندوة على أهمية خلق فرص نضالية مشتركة، لدعم المساندة بين نساء الشرق الأوسط الملتهب وشمال أفريقيا.

زهور المشرقي

تونس ـ نظم تحالف ندى ندوة إقليمية تناولت وضعية النساء في الشرق الأوسط الملتهب، وذلك ضمن إطار حملة الـ 16يوماً العالمية لمناهضة العنف ضد النساء، وأثثتها أصوات نسائية من غزة وكردستان والسودان ولبنان.

قالت عضوة المكتب السياسي لجهة النضال الشعبي الفلسطيني منى النمورة في مداخلتها، إن فعاليات الحملة العالمية لمناهضة العنف ضد المرأة (حملة الـ 16 يوماً)، هذا العام، تتزامن مع ذكرى مرور 76 عاماً على صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، في واحدة من أشرس الحروب التي عرفتها البشرية وأكثرها همجية ووحشية، حيث تستهدف القوات الإسرائيلية الكينونة والوجود الفلسطيني، عبر حرب الإبادة المتواصلة منذ أكثر من  13 شهراً، على مرأى ومسمع العالم والدول التي تدعي حمايتها لقيم الإنسانية وحقوق الإنسان، وتسعى عبر جرائمها المتواصلة، إلى اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه، ومحو تاريخه، وهو الهدف الذي ما تزال السلطات الإسرائيلية تسعى لتحقيقه بكافة السبل الممكنة منذ نكبة عام 1948 وما تلاها من حروب ومجازر ارتكبت بحق الفلسطينيين والفلسطينيات، سعياً لتحويل الشعب الفلسطيني إلى مجموعات متناثرة من السكان، بلا حقوق سياسية أو وطنية.

وأكدت أن الحملة هذا العام تسعى إلى تسليط الضوء على المعاناة الخاصة التي تواجهها النساء الفلسطينيات نتيجة العنف اليومي، بما في ذلك النزوح القسري، فقدان المأوى وأدنى المستلزمات الصحية الأساسية للمرأة، وتعرضهن لجرائم الاستهداف المباشر حيث تم قتل أكثر من 13 ألف امرأة عدا اللواتي لا زلن تحت ركام منازلهن حيث تم تدمير 70% منها، علاوة على النزوح القسري المتكرر لأكثر من مليون امرأة بين المناطق التي غاب عنها الأمن والأمان، حيث تسعى القوات الإسرائيلية إلى تقليص ما تسميه بـ "المناطق الآمنة" ضمن خطط وأهداف ممنهجة لإعادة احتلال قطاع غزة مجدداً، الأمر الذي أثر بشكل مدمر على الحالة العامة وانعكست آثاره على الجميع، وخاصة النساء والأطفال.

وأوضحت أن المرأة الفلسطينية تمر بمرحلة نوعية غير مسبوقة منذ النكبة الأولى عام 1948، حيث تواجه المخاطر الوجودية وتبديد المكاسب المتحصلة بتضحيات مئات الآلاف من الضحايا، ومعاناة الأسرى والأسيرات في سجون، حيث تواصل القوات الإسرائيلية تحت مسمع العالم انقضاضها على الأرض متمعناً في مصادرتها وتسريع عمليات البناء الاستيطاني بشكل غير مسبوق، وعزل المدن والقرى عن بعضها البعض، عدا عن انقضاضها على مخيمات اللاجئين في محاولة لإخفاء جريمته المرتكبة عام 1948 فارضاً الحصار وتقطيع الطرق، مانعا تواصل المدن والقرى مع بعضها البعض للبدء بعملية إغلاق بعض البلدات بالبوابات الحديدية ومستمراً في سياسة الاعتقال وزج المناضلين والمناضلات في السجون، ومرتكباً جرائم اغتصاب وممارسة انتهاكات جنسية موثقة، وممارسة القتل ضد الفلسطينيين والفلسطينيات وتدمير الأراضي والمساكن، بحماية تامة من جنوده المدججين بالسلاح.

وأكدت أن العنف الأشد الذي تواجهه النساء هو العنف الاستعماري المتمثل في الإبادة الجماعية والتجويع والتهجير القسري، مستخدما سلاح التجويع في حربه متمادياً بالتبجح في الإعلان عن عزمه على تغيير خارطة الشرق الأوسط الجديد بتحويل نموذج غزة إلى لبنان وإلى أي مكان تصل له نيرانه بغطاء من الولايات المتحدة التي تفتح مخازن السلاح وتزويده بالأسلحة الفتاكة بما يضعها في منزلة الشريك الكامل في حرب الإبادة حيث تم إلقاء أكثر من 85 ألف طن من المتفجرات على غزة التي لا تتجاوز مساحتها 365 كم مربعاً، في الوقت الذي تستمر هيئة الأمم المتحدة في عدم تطبيقها القرارات التاريخية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية واتباعها سياسة ازدواجية المعايير المعتمدة على حق النقض "الفيتو" بزعامة أمريكا.

وقالت إن كل ذلك ساهم في إدارة القوات الإسرائيلية ظهرها للشرعية الدولية واستخفافها بها وعدم التزامها بها، والتي تكثفت مؤخراً في قرارها منع عمل وكالة غوث اللاجئين "الأنروا" في الضفة الغربية وقطاع غزة الذي سيكون له عواقب وخيمة على حياة اللاجئين الفلسطينيين.

وتطرقت إلى تعرض الأسيرات إلى كافة أشكال العنف والاعتداءات الجنسية والاغتصاب ليس فقط الاغتصاب البشري وإنما اغتصاب من قبل الكلاب التي تركت لتنهش أجساد الأسرى.

وطالبت بتنفيذ قرارات محكمة الجنايات الدولية بإصدار مذكرات اعتقال بحق قادة القوات الإسرائيلية المسؤولين عن جرائم الإبادة، داعية المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية والعمل على وقف الحرب وحماية النساء الفلسطينيات.

من جانبها أكدت غنى العندراي عضوة مؤسسة في شبكة دبل أكس، من لبنان، أن العنف الذي تواجهه اللبنانيات استمر حتى في نزوحهن خلال الهجمات وأوكلت لهن كل الأدوار المتعبة خلال الأزمة، معتبرة أن الحروب هي نتاج الأنظمة الابوية التي تنكل بالنساء وتضطهدهن.

وأوضحت المهام المضاعفة التي تحملتها النساء في لبنان منذ بدء الهجمات على الجنوب، وتضررهن من النزوح، معتبرة أن الواقع المشترك للنساء في الحرب يتمثل في كون أن الأدوار التي تعطى لهن في وقت السلم نفسها وقت الصراع.

وقالت إن الحرب لا تزيل الأدوار الاجتماعية بل تزيد من حدتها وتخلق اعباءً جديدة، مشيرة إلى أنهن تعانين عنف الحرب والقتل والتمييز وتخلق أشكالاً جديدة لاستهدافهن، لافتةً إلى العنف الذي عاشته النازحات من قبل العائلة.

مديحة عباس وهي صحفية من السودان، قالت إن مستوى العنف الذي تعيشه السودانيات لا يمكن وصفه بالوبائي الذي يستفحل بشكل مرعب، محذرة من استمرار هذا الصمت الدولي والاقليمي إزاء القتل والاغتصاب الذي تعيشه النساء.

وأكدت أن العنف الممارس على السودانيات يسلط على كل فئات الشعب، لافتة إلى أن 25 مليون سوداني يعانون من سوء التغذية، وأغلبهم من النساء والأطفال وكبار السن "النازحات تتعرضن للمطاردة، في مزيد من القتل والقهر والتنكيل".

وكشفت عن تعرض مراكز الإيواء للقصف دون أن يحرك للعالم ساكناً، داعيةً إلى التضامن مع المتضررات من الحرب في السودان وإيصال اصواتهن للعالم حتى لا تشعرن أنهن وحدهن أمام آلة العنف الوحشية، مناشدة النساء والإعلام بدعم السودانيات وبلدهن المستباح، وطالبت بمحاكمة المجرمين وتقديمهم للعدالة.

وأوضحت أن آخر تقرير صادر عن الأمم المتحدة بتاريخ 26 تشرين الثاني الماضي كشف عن ارتفاع عدد الأشخاص المعرضين للعنف في السودان إلى 12مليوناً، كما كشف التقرير الأممي نقص تمويل برامج مكافحة العنف القائم على النوع، حيث يتم توفير التمويل لـ 24 % فقط.

وحملت قوات الدعم السريع مسؤولية ارتكاب العنف الجنسي على نطاق واسع أثناء تمددها في مختلف مناطق السودان، خاصة في الخرطوم ودارفور والجزيرة.

ولفتت إلى تعرض المدافعات عن حقوق الإنسان منذ اندلاع الحرب في 15 نيسان 2023 إلى شتى أنواع العنف من ملاحقة واعتقال والتهديد والاغتصاب، مما اضطر الكثيرات لترك مواقع العمل خاصة المحاميات والصحفيات واللجوء إلى بلدان أخرى.

وبدورها أكدت عضوة الهيئة التنفيذية للمؤتمر الوطني الكردستاني هيفي مصطفى أن وضع النساء في كردستان المقسمة إلى أربعة أجزاء صعب، حيث تقاسي النساء في إيران التهميش والظلم وتواجهن أحكاماً بالإعدام بسبب مواقفهن السياسية وآرائهن، لافتة إلى أن السلطات التركية تحاول إخماد أي حراك نسائي سلمي وتتعرضن إلى الاعتقال والزج بهن في السجون.

وأشارت إلى وصول العديد من الكرد إلى البرلمان عبر انتخابات ديمقراطية لكن تم إعفائهم من قبل تركيا وسُجن البعض منهن، مبينة أن انتفاضة المرأة في إيران زادت من تعسف السلطة وقمع الحركة النسائية.