ندوة رقمية تسلط الضوء على واقع المرأة الفلسطينية في خضم الحرب

شددت الناشطات المشاركات في الندوة الرقمية، على ضرورة توحيد النضال وتشكيل جبهة نسوية للوقوف بوجه السياسات التي دائماً تبنى على الإبادة والقمع خاصة بحق النساء.

مركز الأخبار ـ ضمن سلسلة البرامج التي وضعتها منسقية الشرق الأوسط للمؤتمر النسائي العالمي، عُقدت الندوة الرقمية الإقليمية الرابعة، أمس الاثنين 4 آذار/مارس، لتسليط الضوء على واقع المرأة الفلسطينية في خضم الحرب والتحديات التي تواجهها وآفاق الحلول.

كانت قد عقدت منسقية الشرق الأوسط للمؤتمر النسائي العالمي ندوات إقليمية سلطت الضوء على واقع المرأة الكردية وثورة روج آفا وذكرى الهجوم على شنكال والإبادة الجماعية بحق الطائفة الإيزيدية وخاصة النساء.

ولا تزال الأزمة الإنسانية في قطاع غزة تزداد سوءاً كل يوم حيث يواجه القطاع كارثة المجاعة وكانت قد حذرت المنظمات الأممية منها "اليونيسف" من كارثة سيكون ضحيتها مئات النساء والأطفال، وللمرة الثالثة على التوالي تستخدم الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" ضد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي بشأن الحرب في غزة مما عرقل المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار.

ومع استمرار الحرب تتزايد المخاوف بشأن وضع النساء والأطفال في غزة الذين يواجهون تحديات ومعوقات عديدة، وحول معاناة المرأة الفلسطينية، قالت القيادية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مريم أبو دقة إن المرأة الفلسطينية عانت كثيراً خلال الحرب الأخيرة التي بدأت في السابع من تشرين الأول الماضي، وهذا ما أظهرته حصيلة القتلى المرتفعة بحق النساء والأطفال حيث قُتل 13 ألف طفل و10 آلاف امرأة، وهو الأمر الذي يؤكد أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني.

وأضافت "منذ اليوم الأول للحرب في غزة، قطعوا الماء والكهرباء ودمروا المنازل ورياض الأطفال والآثار وحتى المساجد والكنائس لم تسلم منهم، فضلاً عن انعدام الأمن الغذائي حيث أصبح الناس يموتون جوعاً خلال ستة أشهر، كما أن القانون الدولي لا يعمل في دول الشرق الأوسط والدول الفقيرة وهذا ما كشفته الحرب في غزة".

وحول ما حدث لها في فرنسا، لفتت إلى أنه فور وصولها إلى فرنسا وبالرغم من أنها ذهبت بشكل قانوني من أجل إعطاء محاضرات تاريخية إلا أنها تعرضت للعديد من الانتهاكات "منذ أن وصلت إلى فرنسا تعرضت للخطف والضرب والملاحقة والمحاكمة، ومن ثم تعرضت للخطف مرة ثانية والاعتقال لمدة أربعة أيام في السجن، وبعدها تم ترحيلي فقط لأنني فلسطينية وأدعم قضيتي كل هذا حدث معي في الدولة التي تدعي الديمقراطية".

وعن التحديات والمعيقات التي تعاني منها الفلسطينيات في خضم الحرب والهجمات المستمرة، أوضحت أن الأهالي في قطاع غزة ينحصرون في بقعة صغيرة وهي مدينة رفح التي لا توجد فيها أدنى مقومات الحياة وأصبحوا دون مأوى أو حتى غطاء يحميهم من برد الشتاء، مضيفةً "هناك نساء بدأن بأخذ حبوب منع الحمل نظراً لأنه لا يوجد مكان تلدن فيه، لأنهن شاهدن بأعينهن كيف ولدت امرأة دون عناية أو وسائل طبية وسمعن صرخاتها من شدة الألم وبعد أن أخرجوا الجنين وضعوه في صندوق صغير من الكرتون دون غطاء أو رعاية طبية". 

وأشارت إلى أنه "بسبب عدم وجود طعام نظيف أو أدوية أصبحت الأمراض تنتشر بشكل كبير بين الأهالي، فضلاً عن حالات التحرش بالنساء واغتصاب فتيات وسرقة أموال ومجوهرات وأوراق من النساء من قبل إسرائيل أمام أزواجهن ففي حال قاوم زوجها وحاول مساعدة زوجته يقومون بقتله أمامها، بالإضافة إلى المعاملة السيئة التي تعانين منها في سجون الاحتلال منها الإهانة والضرب والتهديد والتفتيش العاري والتحرش الجنسي".

وشددت على ضرورة أن يكون اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف الثامن من آذار/مارس، يوم تضامن واسع وكبير من قبل نساء العالم وخاصة نساء الشرق الأوسط، فالمرأة الفلسطينية تمثل كافة النساء المضطهدات "واجب نساء العالم دعم المرأة الفلسطينية لأن دورهن مهم في خضم الحروب والنزاعات، مثال على ذلك، عندما تم اعتقالي في فرنسا خرجت النساء هناك إلى الشوارع احتجاجاً على اعتقالي".

وحول دور المرأة والمنظمات الحقوقية والنسائية في تصعيد مقاومة الشعب الفلسطيني والتي أدت إلى تغيير نظرة الجيل الجديد وخاصة في الغرب الذي باتت نسبة كبيرة منهم تؤمن بأن إسرائيل ارتكبت إبادة في قطاع غزة، بينت أن "المرأة تلعب أكثر من دور، عدا الدور النضالي، فهي التي تولد النصف الآخر وتربيه وترضعه حليب الثورة وتشجعه فأنا والدتي هي من علمتني النضال، لذلك تحدث الاحتلال علناً بأنه يجب القضاء على النساء والأطفال الذين يشكلون الجيل الجديد الذي سيحارب ضد الاحتلال".

وأوضحت أن "هناك منحى جديد فالشعوب ثارت على أنظمتها الحاكمة وأدركت أنها كذبت سنين طويلة تحت شعار الديمقراطية فهناك مضطهدين ونساء تعانين في الغرب أيضاً وهذا ما كشفته الحرب على قطاع، لذلك أقول إن القادم أفضل بالنسبة للعالم وفلسطين وخاصة المرأة التي تربي جيل الثورة وتحمي الأسرة وتحافظ على التراث والعادات والتقاليد أينما كانت".

وعن دور الناشطات والحركات النسوية من أجل القضاء على الأنظمة الحاكمة، لفتت إلى أنه "لا توجد حرية للمرأة ووطنها مسلوب لذلك خيارها وطريقها الصحيح أن تقاوم مع الشعب حتى زوال المحتل، بالمقابل لا تستطيع أن تناضل وهي مكبلة يجب أن تناضل بالتوازي أي أن تأخذ حقها في كافة مجالات الحياة بالتساوي مع الرجل"، معتبرة أن أي انتصار للمرأة في أي بلد أو إقليم هو انتصار لجميع نساء العالم لذلك يجب أن "نعمل معاً في حلقة واحدة من أجل حقوق المرأة وهذا يتطلب استمرار النضال والحملات والتحالف والتشبيك مع كل قوة في جميع أنحاء العالم من أجل تغيير النظام الحاكم".

من جانبها تحدثت نائبة رئيس رابطة نوروز الثقافية الاجتماعية حنان عثمان عن الأنشطة التي قاموا بها في لبنان من أجل التنديد بالحرب "كحركات نسوية نظمنا حراك شعبي ونسائي لإعلاء الصوت والتنديد بما يحدث بغزة، ونظمنا اعتصامات ومظاهرات في بيروت ووقفات احتجاجية مع جمعيات وتحالفات وشبكات وطنية وإقليمية، وقمنا بتسليم مذكرات تنديد للأمم المتحدة بالرغم أنه لا توجد ثقة بهذه المنظمات التي تدعم الغرب والدول التي تدعم الإبادة الجماعية في القطاع، وشاركنا في قنوات تلفزيونية لإعلاء صوت النساء في كل من أجزاء كردستان الأربعة وفلسطين وتم النقاش حول الانتهاكات التي تحدث هناك مع رشا القيسي مسؤولة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في بيروت".

وأضافت "بدعوة من الحملة الأهلية لنصرة فلسطين تم حضورنا في لقاء سياسي موسع تحت شعار "فلسطين تجمعنا"، وعُقدت العديد من الندوات المحلية والإقليمية تحت شعار "وقف الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيات"، وكحركات كردية في لبنان لدينا العديد من النشاطات في اليوم العالمي للمرأة، منها احتجاجات وبرامج اعتصامات جماهيرية وعصيانات مدنية للوقوف بوجه الإبادة ووقف إطلاق النار في القطاع".

بدورها قالت عضو منسقية مؤتمر ستار في إقليم شمال وشرق سوريا شيراز حمو إن "المرأة الفلسطينية عبر سنوات نضالها أثبتت أنها مقاومة عظيمة كما أثبتت ارتباطها بأرضها بمعنى أن الانتماء لم يتحرك من مضمونه وحافظت على الهوية الفلسطينية وهذا بفضل مقاومتها ورفضها لسياسيات الصهر والانحلال التي تستهدف الشعب الفلسطيني بشكل عام والمرأة بشكل خاص والتي شهدناها في الآونة الأخيرة بارتكاب المجازر والتشتت والإنكار والتجويع".

وأضافت "الأنظمة المتدخلة في الشرق الأوسط لا تستطيع ترسيخ مصالحها في المنطقة نتيجة المقاومة النضال اللذان يبديهما الشعب في فلسطين وإقليم شمال وشرق سوريا، وخاصة النساء اللواتي استمررن في المسيرة النضالية لكليوبترا وزنوبيا ونفرتيتي وشخصيات نسوية مناضلة تكافح في وجه الأنظمة الحاكمة".

وبينت أن شعوب العالم والشرق الأوسط تضامن مع قطاع غزة لأن ما يجري هناك كشف الوجه الحقيقي لنوايا العدو بخصوص المنطقة، لافتةً إلى أن القضية الفلسطينية والكردية قضيتان أساسيتان ومحوريتان في الشرق الأوسط، فإذا لم يتم حلهما من خلال تحرير المرأة واسترداد حقوقها بشكل كامل وقيام المؤسسات الحقوقية والإنسانية بواجباتها على أرض الواقع، لن يحل السلام في المنطقة.

وشددت شيراز حمو على ضرورة توحيد النضال وتشكيل جبهة نسوية للوقوف بوجه السياسات التي دائماً تبنى على الإبادة والقمع خاصة بحق النساء "نعلن تضامننا مع الشعب الفلسطيني ومقاومة الفلسطينيات ونصر برفع وتيرة النضال ونساند بكل ما أوتينا من إمكانيات وقوة المرأة الفلسطينية لأن معاناة النساء هي واحدة وأهدافنا واحدة".