ندوة رقمية تحت عنوان "من فجيج إلى غزة: دور النساء في نضالات الشعوب"
نظمت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ـ فرع كندا ندوة رقمية تحت عنوان "من فجيج إلى غزة ـ دور النساء في نضالات الشعوب" للبحث في نضالات النساء تاريخياً في المغرب وفلسطين والقواسم المشتركة بين البلدين.
سوزان أبو سعيد
بيروت ـ بمشاركة ناشطين/ات من المغرب وفلسطين والمئات عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم، نظمت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ندوة رقمية تحت عنوان "من فجيج إلى غزة: دور النساء في نضالات الشعوب"، حيث تطرق المتحدثون/ات إلى نضال النساء في فلسطين، وكذلك في واحة فجيج والمغرب بمواجهة السلطات القمعية بحق أصحاب الرأي والصحفيين والناشطين من اعتقال وتنكيل.
أشارت رئيسة لجان المرأة العاملة الفلسطينية عفاف غطاشة إلى محطات تاريخية في نضال المرأة في فلسطين، منها فترة الانتداب البريطاني تزامناً مع وعد بلفور، الذي اعتبر فلسطين أرض بلا شعب، وشعب بلا أرض، ومنذ ذلك الحين ونساء فلسطين تناضلن ضد هذا الوعد مروراً بنكبة 1948 ونكبة 1967 التي هجرت معظم الشعب واستولت على الأراضي وهنا بدأت المرأة بمحاولة تنظيم نفسها أكثر من المحطات الأخرى من خلال الجمعيات والأطر والتنظيم والتعبئة والنضال المباشر، وأكثر محطة يجب التركيز عليها هي في ثمانينيات القرن الماضي في الانتفاضة الكبرى عام 1987 حيث كان للنساء دوراً في تنظيم هذه الانتفاضة، وعلى جبهتين عبر أربعة أطر، اتحاد اللجان العاملة الفلسطينية، اتحاد العمل الاجتماعي، اتحاد لجان المرأة الفلسطينية واتحاد العمل النسوي والذي هو إطار الجبهة الديمقراطية، ما ساهم بتعزيز نضال الشعب الفلسطيني.
وأضافت "إلى اتفاق أوسلو المشؤوم، الذي نعتبره أكذوبة السلام والاتفاقيات وكذبة بناء مؤسسات الدولة ونحن تحت الاحتلال، ما تسبب بتراجع العمل الوطني لصالح عمل السلطة الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني، وأفرز انقساماً حاداً في الشارع الفلسطيني إلى فتح وحماس، وكان هناك الانتفاضة الثانية والتي شاركت فيها النساء بشكل أو بآخر، ولكن ليس كما حصل في الانتفاضة الكبرى مع تراجع الوعي وإلى ما هنالك، إلى أن جاء 7 تشرين الأول والذي لا يختلف عن النضالات الأخرى ولكنه كان نتيجة ما يعانيه الشعب في الضفة والقطاع".
وأكدت أنه "على الرغم من ذلك فنحن صامدون في أرضنا، برغم كل الدمار والألم والتجويع الحقيقي والمقصود، فلا يوجد بديل لنا، وبتقديري مع دخولنا الشهر السابع من هذه الإبادة، وقد عرى ما يحدث الاحتلال والعالم والإمبريالية العالمية التي تكيل بمكيالين، والمنظومة الحقوقية للأمم المتحدة وخصوصاً القرار 1325، فأين هي منه وخصوصاً حقوق المرأة والنساء، والاعتداء الجنسي وغير الجنسي المباشر عليهن؟".
من جانبها أشادت عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع كندا زهرة أورحيم بدور الشعب الفلسطيني وكفاحه المستميت من أجل التحرر وبناء دولته، وصمود الأم الفلسطينية وهي تودع طفلها الرضيع، فهي تمثل لحمة المجتمع وحاضرة في الساحة السياسية والثقافية والاجتماعية وساحة المعركة، ولها القسط الأوفر من القتل والمعاناة، حيث تستهدفها القوات الإسرائيلية لأنها وقود الثورة وخزان المقاومة حيث أنها لا تزال تخوض كل أشكال النضال في ظل الاحتلال والحصار والتهجير والقمع والعنصرية، وقدمت العديد من المناضلات أمثال شادية أبو غزالة، ودلال المغربي، وخالدة جرار وغيرهن، مضيفةً "ننتقل من فلسطين إلى المغرب، لتعطينا الرفيقة نجية البريم نبذة عن معاناة المغربيات أمام الخروقات السافرة لحقوق النساء أثناء ما عرف بسنوات الرصاص، والتي كان لها نصيبها من المعاناة بعد اعتقال زوجها محمد البوكيلي وكانت ناشطة فعالة ضمن عائلات المعتقلين السياسيين ولعبت أدواراً مركزية في معركة التحرر".
وتلت الصحفية خلود المختاري شهادة على واقع الصحفيين القديم والجديد، وعلى التجربة الأليمة لمعاناة الصحفيين ولا سيما النساء وكأم وزوجة، وعلى معاناة المعتقلين/ات وعائلاتهم "من منطلق كوني من زوجات المعتقلين فنحن هدف للمضايقات وللانتقام والمتابعات القضائية غير العادلة، والغرض منها انتقامي لا شيء آخر، فهؤلاء المعتقلين سليبو الإرادة والحرية، وخلال مقاومتنا في مواجهة السلطة وتطور أساليبها وإعلامها الخاص، نتعرض للتشهير وكيل الاتهامات والتهديد بالاختطاف بحق النساء وأنا منهن، وأشياء أخرى يتم الإعلان عنها في وقتها، من قبل الذهنية القمعية بحق المرأة من أمهات وزوجات وأخوات نكاية بالمعتقلين".
وأضافت "في هذه الحالة وعبر التاريخ، تصبح هذه المرأة المسؤولة عن الأسرة عرضة لاضطهاد على مستوى عال، وأتكلم عن تجربتي وزوجة الصحفي توفيق بوعشرين والتي لم يسحب جواز سفرها فحسب، بل كانت عرضة للتشهير والاضطهاد لفترة طويلة جداً، منها ادعاء ممارسة الجنس مع شقيقها، وتبين لاحقاً أن ليس لديها شقيق لكن هذه الذهنيات تؤمن بتلفيق التهم".
ولفتت إلى أنه "منذ عام 2020 وأنا أحاول إيجاد مخرج لهذا الاعتداء اللفظي والاضطهاد، فالمغرب اليوم يعيش تناقضاً كبيراً، فهو عضو في الأمم المتحدة ويريد إيهام العالم أنه حسم ما كان يحصل في الستينيات والسبعينيات وحتى الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي للمناضلين، لكنه اليوم يحاول التعامل مع هذه عبر الإعلام المدعوم من المال العام ومن جيوب المغاربة، وبيد السياسيين، وبالتهديد والاضطهاد والترهيب والسب والشتم بالأعراض والتشهير بحياة الأشخاص عبر الكذب والادعاءات على زوجات وأهالي المعتقلين، من قبل السلطة التي انتزعت مكتسبات نضال وتاريخ وديمقراطية الشعب المغربي، ومنها الأحداث الغريبة والملاحقات العينية التي تعرضت لها شخصيا والتي يتم تسجيلها ضد مجهول، وكذلك معتقلي حراك الريف لديهم حصة كبيرة من الإجحاف والظلم، ومنها تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان وملفات أبنائها التي وضعت لدى المقررين الأمميين المعنيين بالاعتقال التعسفي بالريف لينال حصته من التنمية".
وعن معطيات واحة فجيج، أشارت رئيسة منتدى النداء للتنمية في فجيج الناشطة فتيجة قادي إلى أن "موقع الواحة في أقصى الجنوب الشرقي للمملكة المغربية، وتحدها الحدود المغربية الجزائرية من 3 جهات وعدد سكانها وفقاً لإحصائيات 2014 حوالي 45 ألف نسمة، ويميز الواحة تدوير سكانها للمياه الصالحة للشرب، وهي خاصية متميزة للمدينة من الستينيات وحتى يومنا هذا، وما أجج الوضع في فجيج بتر أكثر من ¾ من مجالها الحيوي، لصالح الجارة الجزائرية وفي عدة فترات تاريخية، وآخرها في 18 آذار 2021".
وبينت أنه "تتميز الواحة بتوزيع معقلن لمياه السقي، وتقاسم المياه على أساس حقوق الري على الأفراد غير مرتبطة بملكية الأرض، ويتم تكييفها وفقاً للظروف المحلية وتحكمها عادات الأجداد والأعراف، ويعتبر هذا النظام من الممارسات الجيدة ويعتبر عنصراً أساسياً للتراث الثقافي والتقني للواحة إلى درجة أنه تم تصنيفه كنظام بارع للتراث الزراعي العالمي من قبل منظمة الفاو، وداخل مجلس الجماعة الخاصة بالواحة هناك 5 نساء".
وعن نضال المرأة الفجيجية، لفتت إلى أنه "تظهر النساء في الفضاء العام أولاً في مقاومتهن للاستعمار الفرنسي، وثانياً خلال سنوات الرصاص وثالثاً ضمن المرحلة الحالية والسياسات العمومية التي لا تخدم المواطن البسيط، وكله في إطار دفاع المرأة عن كرامتها وكرامة سكان فجيج، وأبرزها في عام 1946 في إطار ما يسمى بازدواجية التعليم، حيث تم بناء مدرسة حرة بموازاة المدرسة الفرنسية حيث تعرضت إحدى المناضلات للملاحقة والاعتقال من قبل المستعمر لمجرد أنها كانت تنظم عملية نقل طعام من المنازل من قبل نساء فجيج إلى ورش بناء المدرسة".
وأضافت "نظمت وقفات احتجاجية من قبل النساء رافعات لافتات وشعارات منددة بالمستعمر وكذلك محطة عام 1961، حيث شهدت مناطق المغرب مظاهرات حاشدة ومنها واحة فجيج، وتم قمعها لتتجمهر النساء أمام إحدى المدارس معتمدات على الصراخ كشكل من أشكال طلب النجدة، ومطالبات بإطلاق سراح أبنائهن وأزواجهن، وكان لهذا دور في إطلاق سراحهم".
وأشارت إلى المرحلة الثالثة أي مرحلة سنوات الرصاص في الستينيات والسبعينيات، حيث تعرضت المرأة الفجيجية لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، ومنهن فاطمة عيسى زوجة المختطف بلقاسم وزان وأم عبد الرحيم والتي أصبحت أيقونة التصدي والتحدي، وشاركت في الوقفات والنضالات والاعتصامات وإضراب عن الطعام وقوافل تضامنية، وغيرها من النضالات المختلفة لنساء فجيج".
وتحدثت عن الفترة الحالية أي الحراك المائي الاجتماعي والذي تشارك فيه المرأة بكثافة، من خلال وعيها بجميع المراحل التي عاشتها في السابق، ضمن سياق عام مغربي ضد قانون 321 المتعلق بسياسة المياه في واحة فجيج لتحويل تخصيص المياه والقطاعات العامة لشركة خاصة، ونضال المرأة في الحراك الاجتماعي المائي نابع من اعتبار المياه العمود الفقاري للعيش والحياة في الواحة، واعتبار المياه ملك عام لسكان فجيج، ونزلت الجماهير الكثيفة إلى الشارع وفي مقدمتها النساء، اللواتي تشكلن 60% من سكان فجيج، لمنع هذا الإجراء والقانون، رافعين شعار "لا لتسليع مياه فجيج" و"مياه الواحة خط أحمر".
ولفتت إلى عنوان الندوة من فجيج إلى غزة والقواسم المشتركة بين المرأة الغزاوية والفجيجية في هذا المجال "تضامننا اللامشروط مع نساء فلسطين، وأهم ما نتقاسمه هو التشبث بالأرض، والنضال من أجل الكرامة، والحفاظ على الموروث والمكتسب، ومنها الحفاظ على الحقوق الأساسية مثل المياه، فالمرأة الغزاوية تصارع المحتل والمرأة الفجيجية تصارع السياسات الحكومية، والتي تحرم المرأة من الكثير من الحقوق الأساسية مثل الحق بالتطبيب والتعليم والترفيه والعمل، وبالتالي الحق بالعيش الكريم، مع تضامننا مع المعتقلين السياسيين من صحفيين وأصحاب رأي".