ندوة علمية حول الدور الاجتماعي للمرأة العربية وقت الأزمات
للمرأة دور فاعل بالمجتمعات خاصة في ظل الكوارث الكبرى كالحروب والصراعات والنزاعات وغيرها من الأمور التي تلقي بظلالها على مختلف فئات المجتمع.
أسماء فتحي
القاهرة ـ نظم مركز الفارابي للدراسات السياسية والتنموية، أمس السبت 12 تشرين الأول/أكتوبر، ندوة علمية حول الدور الاجتماعي للمرأة العربية وقت الأزمات بمشاركة عدد كبير من النساء الفاعلات من دول مختلفة وخاصة تلك التي تأن من وطأة الحروب والنزاعات.
افتتحت الجلسة الكاتبة والباحثة المتخصصة في شؤون المرأة، أسماء الحسيني، بكلماتها التي تطرقت فيها للمعاناة التي تعيشها المرأة في المنطقة بالوقت الراهن، مؤكدة أن النساء تتحملن عبء وتبعات التغيرات العاصفة التي تشهدها الدول من حروب وثورات وانقلابات وتدهور في الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
وأضافت أن المرأة تكبدت أثمان باهظة نتيجة سوء الإدارة وأنظمة الحكم غير الرشيد والمظالم وعدم العدالة وتغيبها عن المشاركة في العمل العام وتحمل مسؤولياتها تجاه مجتمعاتها رغم أنها أساس المجتمع، لافتة إلى أن هناك انهيارات مروعة وانقسامات وانشقاقات وتجاذبات أسفرت عن صراعات مجتمعية وضحايا ولاجئين ونازحين ومشردين، وهو ما كان للنساء منه نصيب كبير، مؤكدة أن تلك الأوضاع باتت تتطلب عمل نسائي جماعي للخروج من هذا الواقع.
للمرأة في الأزمة السورية دور فاعل
وكشفت المهندسة فدوى فراس عن واقع المعاناة في سوريا وما يحدث من قتال مطول حصد عدد لا يحصى من الأرواح، وشرد الملايين داخل البلاد وخارجها مع انهيار اقتصادي طال البنى التحتية والقوى العاملة، مشيرةً إلى أن هذا المشهد أظهر دور المرأة وسط شواهد تثبت القدرة على إحداث تحولات محورية في مجرى الواقع.
وأضافت أن الواقع أثبت قدرة النساء على تكوين العلاقات والاستفادة منها، وكذلك امتلاك معرفة عن تفاصيل النساء بالمنطقة، لافتةً إلى أن منطقة الزبدانى التابعة للعاصمة دمشق حينما طولبوا بتسليم المقاتلين وتسليم الأسلحة وباتت النساء قادرات على التحرك في منطقة التماس اجتمعن وبدأن عملية وساطة لإنهاء الحصار وكن قادرات على حماية المدنيين وتخليصهم.
وكشفت عن الدور الذي لعبته منظمة "مبادرون" حينما لمست زيادة معدل العنف المحلي تجاه النازحين من الريف للعاصمة دمشق ومن هنا شكلت لجان محلية وأعضاء من المؤثرين في المجتمع وتمكن المواطنين من الاجتماع والنقاش حول ما يتعرضون له من انتهاكات، وهو ما ساهم في استقرار أوضاع النازحين لاحقاً ومنحهم المزيد من فرص العمل والتعلم في المجتمع المضيف.
نساء السودان تعملن من أجل السلم والأمن
بدورها أكدت سعدية عيسى، الأمينة العامة لمنظمة أسرتنا لذوي الإعاقة بالسودان، أن النساء أينما كن هن الأكثر تأثراً بالصراعات والحروب، معتبرةً أن تحقيق الاستقرار لا يتم إلا في وجود العدالة والمساواة التي لا تحدث إلا عبر الدساتير والقوانين الملزمة.
ولفتت إلى أن السلام المجتمعي يخفف من حدة الصراع، معتبرةً أن الهدف العام من العقد الاجتماعي يتمثل في تعزيز حقوق الإنسان بمختلف المجالات، مؤكدة أن النساء عادة ما تحتجن لحماية حتى تستطعن العمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة وأولوياتها بمختلف الدول العاملة من أجلها والتي يتوجب أن تظهر مؤشراتها في الوقت الراهن.
وأوضحت أن الواقع بات يفرض أولوياته والتي تتمثل في الأمان والاستقرار بالنسبة للسودان، مؤكدة أن النساء في ظل الأزمات والصراعات تتعرضن لانتهاكات تتعلق بالاعتداءات والتحرش والاغتصاب وغيره.
وأكدت أن النساء في السودان استطعن إنفاذ كوتا ومنحن 25% لدخول الانتخابات لأول مرة عام 2010، واستمروا في النضال بالمجتمع المدني حتى زادت تلك النسبة لـ 40% لاحقاً، مشددةً على أهمية إشراك النساء في عملية التفاوض لكونهن الأكثر معرفة بقضاياهن عن غيرهن.
المرأة يمكنها لعب جميع الأدوار
قالت ممثلة مجلس سوريا الديموقراطية ليلى موسى، لوكالتنا أن المنطقة تمر بحالة حرجة ومفصلية من تاريخها في ظل الحروب والصراعات والأزمات، وما يحدث من رسم للخرائط والاستراتيجيات الجديدة في ظل تغيب لدور المرأة وشعوب المنطقة ومن هنا اقتضت الضرورة لتسليط الضوء على دور المرأة لما لها من تأثير تاريخي في الواقع شاهد على ذلك في الماضي والحاضر.
واعتبرت أن الندوة جمعت نساء من عدة بلدان لتبادل الخبرات والأفكار حول ما تقوم به المرأة من دور في المنطقة وما يمكن أن يتم العمل عليه بشكل جماعي، لافتة إلى أنه لا يمكن حصر المرأة في دور معين لكونها تمتلك الخبرات والمؤهلات التي تمكنها من لعب جميع الأدوار وكسر العديد من التابوهات والأفكار التي كانت حكراً على الرجال ومنها العمل العسكري الذي لعبته النساء في إقليم شمال وشرق سوريا في محاربة الإرهاب ونجاحها في ذلك.
ويمكن للمرأة أن تكون فاعلة في رسم سياسات بلدانها في المستقبل فيمكنها أن تكون حاضرة طوال الوقت حتى بعد انتهاء الصراعات والحروب لتتمكن النساء من مواصلة دورهن الفاعل أثناء الأزمة وعقبها لأن الواقع بات يحتاج تغيير الرؤية القاصرة للمرأة على كونها الضحية فحسب.
وأشارت إلى أن أبرز المعوقات التي تحول دون قدرة النساء على القيام بأدوار متعددة وفاعلة في المجتمع تتعلق بالبعد الذاتي المرتبط بالمرأة ذاتها كونها تحتاج لتوعية بقدراتها وحقيقتها، والأخرى متعلقة بالمجتمع والذهنية الذكورية المقاومة من أجل الحفاظ على سلطاتها وصلاحياتها.
واقع النساء في اليمن الأسوأ
أكدت فريدة الأحمد، الباحثة اليمنية في الشؤون السياسية، أن الأمم المتحدة عام 2017 وصفت اليمن بأنها أسوأ مكان للنساء في العالم بسبب واقع ما تتعرض له المرأة من تهديدات وعنف قائم على النوع الاجتماعي كما أحدثت الحرب تغيرات جذرية لكون الكثيرات بتن مضطرات للعمل لإعالة أسرهن نتيجة فقد العائل.
وأضافت "خرجت من تحت الركام في عام 2015 وعبرت 10 مدن يمنية حتى وصلت للحدود ومنها لعمان ومنها للسعودية وأخيراً لمصر التي احتضنتني كما هو الحال بالنسبة للكثيرات الهاربات من نيران الحرب والصراع الداخلي"، معتبرةً أن التحديات التي تواجه النساء كثيرة خاصة من يعملن في المجال العام اللواتي تتعرضن لمخاطر من رجال الدين المحرضين ضدها.
وأكدت أن المعاناة تخلق نساء قويات وقادرات على المواجهة والمواصلة فتحولت التحديات لأداة جعلت الكثيرات تكتشفن قدراتهن الخاصة التي جعلتهن قادرات على إعالة الأسر وحماية الأطفال وأيضاً التواجد في المجال العام ومراكز صناعة القرار.
الدعم المحلي والإقليمي ضرورة لتتخطى النساء ما تتعرضن له من انتهاكات
وكشفت المديرة التنفيذية للمؤسسة المصرية للتدريب بحقوق الإنسان، صباح منسي، أن وضع المرأة في الأجواء الراهنة التي تدمي القلب بات صعب للغاية كونها الخاسر الأول في مختلف التفاصيل الصادمة، فهي من تفقد أولادها وزوجها ويتم اغتصابها وانتهاكها والتنكيل بها في مختلف الدول.
واعتبرت أن للنساء دور قوي في تلك الأزمات ولكنهن بحاجة لدعم من المنظمات المحلية والعالمية لتمكينهن من تجاوز ما يقع على كاهلهن من انتهاكات وأعباء، مؤكدة على أهمية اتخاذ قرار حتى تصبح الاعتداءات التي تتعرض لها المرأة في ظل النزاعات المسلحة وخاصة الاغتصاب جرائم لا تسقط بالتقادم.
وعما تحتاجه النساء لتخطي ما تعانيه من أزمات والتواجد بقوة في مختلف الأدوار، فقد أوضحت أن عملية نشر الوعي تأتي في المقدمة لأن هناك الكثير من المجتمعات مازالت في حاجة لكسر الأفكار النمطية تجاه المرأة وقدراتها خاصة في مواطن صنع القرار، فضلا عن إتاحة فرص التعلم ودعم المجتمع المدني لها لمساندتها وتمكينها من الأدوات اللازمة لذلك، مضيفة أنها تحتاج لتوجد اقليمي لتعزيز قدراتها من خلال برامج داعمة لحقها في العمل والصحة وغير ذلك.
النساء أساس تماسك المجتمع
أكدت الاخصائية النفسية الاريتيرية، صابرين أحمد، أن للنساء دور قيادي في الواقع الذي تزداد فيه التعقيدات السياسية والاقتصادية، فهن الركيزة الأساسية للمجتمعات ويظهر دورهن الريادي في مختلف المجالات لكونهن أساس تماسك واستقرار المجتمع.
واعتبرت أن الدور التغييري الذي تلعبه المرأة داخل الأسرة جعلها مسؤولة عن تكريس مفاهيم التسامح والسلام والاستقرار وغيره من القيم داخل الجيل الصاعد وهو ما يعزز الاستقرار داخل الأسرة ويمتد تأثيره للمجتمع.
وأوضحت أن النساء يساهمن بدورهن في حل النزاعات على المستوى الأسري والمجتمعي لكونهن قادرات على بناء جسور التواصل والتسامح، معتبرة أنه لا يمكن الحديث عن هذا الدور دون الوقوف على تمكينهن في مختلف المجالات لما لذلك من دور في تعزيز قدرتهن في التصدي للتحديات التي تواجه مجتمعاتهن.