ناشطات تونسيات: الوضع المتأزم يدفع إلى التشكيك بمنظومة حقوق الإنسان

أحيا العالم الذكرى الـ 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وودع حملة الـ 16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة في ظل ظرف عالمي متأزم دفع العديد إلى التشكيك في منظومة حقوق الإنسان أمام ما يطالها من انتهاكات صارخة.

تونس ـ أصدرت جمعية النساء الديمقراطيات في تونس، اليوم الاثنين 11 كانون الأول/ديسمبر، بيان للتنديد بواقع النساء اللواتي تعانين في ظل الحروب واستفحال التمييز المسلط ضدهن الأمر الذي يؤدي إلى ترسيخ السلطة والفكر الذكوري.

لفت بيان جمعية النساء الديمقراطيات إلى أن "إحياء ذكرى هذا الإنجاز الإنساني العظيم، يستحضر فيه معاناة الشعب الفلسطيني بكل فئاته وما يجابهه من استيلاء وقتل، ويحضر زيف شعارات المنظمات الدولية التي تأسست من أجل السهر على حماية حقوق الإنسان وتواطؤها في بحر الدماء التي سالت على الأراضي الفلسطينية".

وأضاف البيان "تحضر نصب أعيننا معاناة النساء والأطفال في زمن الحروب وفي استفحال التمييز المسلط عليهن والذي يجعلهن أكثر هشاشة في مجابهة كل التغيرات الجيوسياسية والمناخية والمضي قدماً في ترسيخ سلطة الفكر الأبوي والذكوري".

وأشار إلى أن واقع التونسيات أيضاً يستمر في التراجع ومجابهة خطاب ازدواجي بين التشدق بالمساواة والاعتراف بدورهن السياسي والاقتصادي والاجتماعي وبين واقع تتطور فيه مظاهر التمييز والتنكيل السياسي والتفقير وممارسة العنف في أشكاله الواسعة التي وصلت حد القتل.

وتزامن اشتداد الأزمة الاقتصادية مع تراجع وضع الحريات في تونس إذ تواترت الإيقافات بمقتضى المرسوم عدد 54 لعام 2022 المؤرخ في 13 أيلول/سبتمبر من العام ذاته، والمتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، مرسوم تم توظيفه لإطلاق حملة من الملاحقات القضائية للأفراد بسبب مشاركتهم في التحركات والتجمعات ورفعهم لشعارات مناهضة للسلطة العمومية، كما طالت الناشطين/ات في المنظمات والجمعيات والأحزاب، بالإضافة إلى التهديد بالمس من المرسوم 88 الذي يعد مكسباً من مكاسب الثورة وتعزيزاً لدور المجتمع في ظرف يتسم بالتحديات وتنوع الصعوبات.

وتجدد الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات في هذه المناسبة مساندتها وتضامنها مع رئيستها السابقة، والناشطة الحقوقية والنسوية بشرى بلحاج حميدة وتطالب السلطة بتأمين عودتها لأرض بلادها وإيقاف كل الإشاعات التي تطالها، معبرة عن تضامنها المطلق مع المحامية دليلة بن مبارك مصدق ومع الصحفيات/ين والإعلاميات/ين ونشطاء الرأي وكل من يحال على معنى هذه النصوص القانونية بهدف التضييق على حرية التعبير، كما عبرت عن مساندتها للسياسية عبير موسي بعد قرار إيداعها في السجن بشبهة معالجة بيانات شخصية وعرقلة الحق في العمل والاعتداء بقصد إثارة الفوضى.

وطالب البيان بإطلاق سراح كل السجينات والمساجين السياسيين وعدم إبقائهم رهن الاعتقال "لأننا نؤمن أن القاعدة هي الحرية والسجن هو استثناء وفي انتظار تغيير القوانين الزجرية نطالب بإعفاء العديد من الشابات والشبان ممن تعج بهن/م السجون والمتورطات والمتورطين في استهلاك المخدرات والتعامل معهن/م على أساس ذوات وذوي هشاشة وليسوا مجرمون".

كما طالب البيان بالكف عن اتهام الجمعيات والمنظمات وشيطنتها لأنها بقيت الملاذ الوحيد للفئات الأكثر هشاشة وفي مقدمتهم النساء المعنفات والعاطلات عن العمل، والتخلي عن التنقيح المزمع إدخاله على المرسوم عدد 88 لعام 2011 الخاص بالجمعيات الذي يرمي إلى تقييد حقوق وحريات منظمات المجتمع المدني، وتضييق الفضاء المدني في البلاد، داعياً إلى تشريك المنظمات ومكونات المجتمع المدني في الحوار وإيجاد الحلول السياسية الكفيلة لمجابهة الأزمة السياسية والتحديات الاقتصادية.

 

وحث البيان على ضرورة رفع وتيرة النضال من أجل المساواة في الحقوق والكرامة والحريات والتصدي لكل مظاهر الحيف والتمييز وكل أشكال الانتهاكات "نتضامن مع كل أحرار العالم وفي مقدمتهم النساء اللواتي تناشدن الكرامة الإنسانية والحرية وحق الحياة وقد عاهدنا أنفسنا على الدفاع على كل من انتهكت حقوقهن/هم، وفي هذا اليوم العالمي نحيّي الأجيال التي سبقتنا في النضال من أجل الحقوق والحريات ونشدّ على أيادي الأجيال القادمة لمواصلة المسيرة من أجل تحرير كل البشر".