ناشطات: نناضل من أجل العدالة البيئية في المناطق المهمشة

تُكابد النساء في تونس واقعاً صعباً نتيجة التغيرات المناخية التي فاقمت مآسيهن، فبرغم وجود تشريعات ثورية مهمة ألا أنها لم تأخذ بعين الاعتبار ولم تراعي الاحتياجات الخاصة بهن.

زهور المشرقي

تونس ـ أثّرت التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة والجفاف وارتفاع مستوى البحر فضلاً عن الآفات الزراعية بشكل كبير على حياة النساء في تونس، وعانت التونسيات في السنوات الأخيرة من مأزق الهشاشة البيئية والمناخية، حيث تأثرن بشكل لا متكافئ بالأزمات نتيجة لوضعيات الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية القائمة على الموروث الثقافي والصورة النمطية لدور النساء داخل الأسرة.

كشفت دراسة حديثة للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، عن معاناة نساء المناطق الداخلية المُفقرة في تونس من الآثار المأساوية للتغيرات المناخية خاصة اللواتي تعتمدن بشكل أساسي على المياه والموارد الطبيعية لتحقيق سبل عيشهن.

وأوردت الدراسة التي درست عشرات الحالات أن النساء في المناطق المهمشة تعانين في ظل غياب برامج وتشريعات تعزز صمودهن في مواجهة التحديات البيئية والمناخية المتزايدة، علاوة على أن 71% منهن تفتقدن للتغطية الاجتماعية والصحية.

وأكّدت أن نساء مناطق الشمال الغربي أثرت حرائق الغابات عليهن في السنوات الأخيرة لا سيما وأنهن تعملن في مجال تقطير النباتات الطبية والعطرية، حيث تراجع الغطاء النباتي الغابي في مضاعفة مشقة جمع وتقطير النباتات وعمق الصعوبات الاقتصادية للناشطات صلب مجتمع التنمية الفلاحية وأثر ذلك على تراجع الغطاء النباتي لأكثر من الثلثين خلال الخمس سنوات الأخيرة.

ولفتت الدراسة إلى أن نسبة النساء اللاتي تعانين من الأمراض الجلدية والحكة نتيجة تلك الهشاشة البيئية تجاوزت الـ 30%، وتعاني 30% من الالتهابات والأمراض التناسلية و40% من النساء من التهاب المجاري البولية وأمراض الكلى.

ودعت الدراسة إلى تعزيز السياسات العامة والمبادرات المجتمعية لدعم النساء خاصة في المناطق الريفية، إضافة إلى ضرورة أن يتبنّى مختلف الفاعلين والمتداخلين في الشأن التنموي خطاً مستداماً ومنسجماً مع الواقع المعيشي للنساء.

وشددت على أهمية دعم قدرات النساء على مواجهة التحديات المناخية والبيئية عن طريق برامج تدريبية تشمل تطوير قدراتهن في استخدام التكنولوجيا الحديثة وبرامج التدريب والدعم الاقتصادي.

وقالت إيناس الأبيض، المكلفة بملف تأثير التغيرات المناخية على النساء، بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إن النساء في المناطق الداخلية تنتقلن من ولاياتهن للعمل في الساحل في مجالات مختلفة دون عقود ودون تغطية اجتماعية وصحية، مشيرة إلى تعرضهن للتعسف والعنف وتكافحن في ظروف غير آمنة وغير مهيئة ولا تحفظ كرامتهن حيث يمكن الاستغناء عنهن بشكل سهل لاعتبار أن العمل الفلاحي غير آمن من كل النواحي.

ولفتت إلى أن هذه الفئة من النساء غير قادرات على التوجه إلى الحكومة لمقاضاة صاحب العمل في حالة الطرد أو العمل دون إطار قانوني، معتبرة أن هناك رابط مباشر بين التغيرات المناخية والبيئة المتدهورة في تلك المناطق المهمشة حيث بات العمل الفلاحي دافعاً من دوافع النزوح البيئي.

وأكدت أنه من دور المجتمع المدني تسليط الضوء على ظاهرة نزوح النساء نتيجة التغيرات المناخية والهشاشة البيئية، مشيرة إلى أنه قادر على الضغط وصياغة القرارات وتقديمها للسلطة.

وقالت إن تحقيق العدالة البيئية للنساء باتت أمراً أساسياً لضمان التنمية المشتركة والعادلة "النساء هن المتضررات الأكثر من التغيرات المناخية وتدهور الوضع البيئي، لاعتبارها حارسة الموارد الطبيعية والمسؤولة الأولى على توفير القوت لأطفالها وأسرتها". مشيرة إلى أن التغييرات المناخية خلال السنوات الأخيرة في تونس تأثرت بها النساء كثيراً وبلغ تأثيرها حد تجويعها.

 

 

واعتبرت الصحفية إيمان خليف، أن التغيرات المناخية تأثرت بها النساء في تونس بشكل مضاعف، لافتة إلى أنه من واجب الإعلام النضال من أجل تحقيق العدالة.

وقالت إن النساء في المناطق الحدودية تأثرن بآفة الجفاف وعدم توفر المياه الصالحة للشرب، لا سيما أن التشريعات والدستور يفرضان تمكين النساء من حقهن في المياه.

وتطرقت إلى مأساة استمرار الهشاشة عبر تشغيلهن وعدم تمكينهن من التغطية الاجتماعية والصحية والتنقل الآمن.

 

 

وعن إمكانيات الحدّ من وضعية الهشاشة، قالت أية الحرباوي، من قسم العدالة البيئية والمناخية بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إن التشريعات لم تعد كافية خاصة وأن احتياجات النساء تختلف مقارنة بالرجل، في بلد تعمل 79% من نسائه في المجال الفلاحي و30% منهن في قطاع البرباشة وهن تعشن وضعيات اجتماعية هشة ومعقدة وارتفاع نسب العنف من قبل صاحب العمل، وترى أن هذه الوضعيات فاقمتها التغيرات المناخية.