ناشطات مغربيات يقدمن مذكرة ترافعية لتعزيز التمكين الاقتصادي للنساء
نظم ائتلاف جمعيات "أجيال المساواة" ندوة دعت من خلاله إلى تعزيز التمكين الاقتصادي وإدماج مقاربة النوع الاجتماعي في السياسات التنموية لتحقيق المساواة والاستقلالية للنساء.
رجاء خيرات
المغرب ـ أكدت المشاركات في الندوة أن تعزيز التمكين الاقتصادي للنساء والفتيات يُعد عنصراً محورياً لتحقيق المساواة، مشددات على ضرورة إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في السياسات التنموية الجهوية، ودعم النساء في بناء قدراتهن لإنشاء مشاريع تتمكن من خلاله تحقيق اكتفائهن الذاتي.
نظم ائتلاف جمعيات "أجيال المساواة" أمس الأربعاء 12تشرين الثاني/نوفمبر، ندوة جهوية حول الحقوق الاقتصادية للنساء والفتيات بمراكش، تم خلالها تقديم مذكرة مطلبية وترافعيه تضمنت توصيات تهم التمكين الاقتصادي للنساء، كما استعرضت أهم المعيقات والتحديات التي تحول دون تمكين النساء اقتصادياً، خاصة نساء العالم القروي اللواتي تفتقرن لأبسط الإمكانيات التي تساعد على تحقيق الاستقلالية المالية والمساواة.
وأشارت المداخلات إلى أنه على الرغم من أن المغرب شهد تحسناً ملموساً في مجال التمكين الاقتصادي للنساء والاستقلالية المالية للفتيات والنساء كزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل وزيادة عدد المقاولات والتعاونيات النسائية بفضل العديد من التشريعات والبرامج التنموية، غير أن هناك العديد من التحديات المتعلقة بانخفاض نسبة مشاركة النساء في النشاط الاقتصادي وتفاوت الأجور والفرص المتاحة بين الجنسين.
التمكين الاقتصادي في صلب الترافع
وقالت منسقة البرنامج حليمة أولامي إن مشروع "أجيال المساواة" يضم أربع جمعيات هي جمعية "الأمان للمرأة والطفل"، "فدرالية رابطة حقوق النساء"، "جمعية الفضاء الجمعوي" بالجماعة القروية أيت أورير، ثم "جمعية "بسمة" بجماعة سيدي الزوين.
وأوضحت أن كل واحدة من هذه الجمعيات عملت على قضية تتعلق بالحقوق الاقتصادية للنساء، واجتمعت في الأخير على مشروع مشترك يهم تقديم مذكرة ترافعية تخص التمكين الاقتصادي للنساء، مع تقديم مجموعة من التوصيات التي تدخل في صلب البرامج التنموية والسياسات العمومية لجهة مراكش أسفي.
كما أكدت أن البرنامج ركز على تقديم دورات تكوينية لفائدة نساء داخل الجمعيات الشريكة، وهن نساء مقاولات وحاملات مشاريع مقاولة أو تعاونية، وذلك من أجل تعزيز قدراتهن سواءً على المستوى التشريعي أو إنشاء المقاولات أو من خلال تقديم مقترحاتهن والانخراط في الترافع من أجل إعداد هذه المذكرة الترافعية التي تم تقديمها خلال الندوة.
ضعف المقاولة النسائية
من جانبها قدمت رئيسة فدرالية رابطة حقوق النساء سناء زعيمي عرضاً مٌفصلاً حول المذكرة الترافعية التي أعدت من طرف ائتلاف "أجيال المساواة"، حيث أكدت أن نسبة النشاط الاقتصادي للنساء لا تتعدى 25 %، مما يؤكد على عدم استفادتهن العادلة من سوق العمل وإرغامهن على العمل في قطاعات غير مهيكلة، خارج أية حماية قانونية واجتماعية وبأجور تقل عن أجور الرجال بحوالي 30 %.
كما أشارت إلى أن 20 % من الأسر القاطنة بالمجال الحضري تعيلها النساء، بحسب أرقام المندوبية السامية للتخطيط، في حين 12،3 % من الأسر تعيلها نساء قرويات، علماً أن هؤلاء النساء هن في وضعية صعبة لأنهن إما مطلقات أو أرامل بنسبة 71،7 %، ويعانين من ارتفاع في نسبة الأمية وعاجزات عن تنويع مصادر دخلهن و فاقدات للتغطية الصحية.
وقدمت تشخيصاً لوضعية النساء والفتيات بجهة مراكش أسفي، بناءً على معطيات الدراسات التي تم إنجازها في إطار المشروع، لافتةً إلى أن المشاكل التي تعيق وتيرة التمكين الاقتصادي للفتيات والنساء بجهة مراكش أسفي تتمثل في ارتفاع نسبة البطالة وسط الفتيات والنساء النشيطات بالجهة والتي تصل إلى 31،16 %، وكذلك ضعف وقلة المبادرات النسائية الفردية في إطار الاقتصاد الأسري خاصة بالوسط القروي.
وبشأن المقاولات النسائية، شددت على أن الجهة تعاني من قلة وهشاشة النسيج التعاوني والمقاولاتي الصغير المهيكل للتمكين الاقتصادي للنساء، لافتةً إلى أن عدد التعاونيات النسائية بلغ 810 تعاونية من مجموع النسيج التعاوني البالغ عدده 5971، أي بمعدل 17،6 مقاولة نسائية فقط من مجموع النسيج المقاولات بالجهة.
كما أشارت إلى صعوبة ولوج الفتيات والنساء النشيطات بالجهة إلى التمويل العمومي المستدام قصد مزاولة أنشطة اقتصادية بشكل فردي في إطار تنظيمات مهيكلة.
وأرجعت هذه الاكراهات إلى عدم وضوح الرؤية الاستراتيجية لبرنامج التنمية الجهوية وضعف اعتماد مرتكزات وأدوات مقاربة النوع الاجتماعي في برامج التنمية الجهوية، كما سجلت ضعف استعمال المفاهيم ذات الصلة بالنوع الاجتماعي ضمن برنامج الجهة.
وشددت على أهمية تجويد اعتماد مقاربة النوع الاجتماعي في وضع المخطط التنموي وتتبع وتقييم برنامج التنمية الجهوية، وكذلك مأسسة وتنشيط منظومة مندمجة للتمكين الاقتصادي والاستقلالية المالية للفتيات والنساء وأسرهن بجهة مراكش أسفي.
ضرورة تمكين النساء اقتصاديا
بدورها أشارت رئيسة الفضاء الجمعوي بجماعة "أيت أورير" والشريكة في المشروع نجاة أتكارضي إلى إنه انطلاقاً من وضعة النساء الوافدات على مركز الاستماع للنساء ضحايا العنف التابع للفضاء الجمعوي تبين أن اللهجة الأمازيغية تشكل عائقاً أمامهن للولوج للخدمات الأساسية، فضلاً عن أنهن تعانين من عدم التمكين الاقتصادي.
وفي هذا الإطار أوضحت أن الجمعية ارتأت العمل مع النساء الوافدات على مشروع أطلقن عليه اسم "يودا" (أي كفى)، وهو عبارة عن مبادرة محلية من أجل ولوج النساء للخدمات الأساسية، مؤكدةً أن المشروع تضمن مجموعة من الأنشطة، منها التعريف بالمشروع في وسط المسؤولين المحليين.
كما لفتت إلى أن البرنامج تضمن كذلك تنظيم قوافل تحسيسية وتوعوية في وسط نساء المنطقة بشأن حقوقهن الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وكذلك من أجل القضاء على التمييز القائم على اللغة والثقافة، وهو المشروع الذي تم بالشراكة مع عشر جمعيات مدنية بالمنطقة وعشر جماعات ترابية.
وأضافت أن المشروع أفضى إلى تشخيص تشاركي مع جميع المسؤولين المحليين (رؤساء الجماعات الترابية) و جمعيات المجتمع المدني من أجل الوقوف على المشاكل والعقبات التي تعاني منها النساء القرويات، وكذلك إعداد دليل لفائدة المؤطرين والمؤطرات أثناء قيامهم بالحملات التحسيسية والتوعوية لفائدة النساء في العالم القروي.
وأكدت أنه في ختام المشروع اتضح أن أكبر عائق أمام النساء القرويات يتمثل في ضعف تمكينهن الاقتصادي، وهو ما دفع بالفضاء الجمعوي للانخراط في تقديم المذكرة المطلبية للترافع بشأن ضرورة تمكين النساء اقتصادياً.
وفي ختام اللقاء، طالبت المشاركات بدعم النساء من خلال تسهيل ولوجهن للخدمات الأساسية وتعزيز قدراتهن الذاتية في مجال إنشاء المقاولات والتعاونيات والمشاريع المدرة للدخل سواءً من خلال تنظيم دورات تكوينية في التسويق الرقمي أو تسهيل الحصول على التمويل.