ناشطات مغربيات تطالبن بإدماج مقاربة النوع الاجتماعي في السياسات العمومية

أكدت ناشطات حقوقيات على ضرورة تسطير تخطيط تنموي يستجيب للنوع الاجتماعي يتضمن احتياجات وحقوق النساء في السياسات والبرامج التنموية بهدف تحقيق التنمية المستدامة والمساواة بين الجنسين في جميع الجوانب.

رجاء خيرات
المغرب ـ
طالبت ناشطات حقوقيات بضرورة إدماج مقاربة النوع في برامج التنمية المحلية لجهة مراكش آسفي، كما دعين إلى تمكين النساء من الوصول إلى مراكز القرار. 
نظمت فدرالية رابطة حقوق النساء، أمس الثلاثاء 21 أيار/مايو مائدة مستديرة قدمت خلالها نتائج دراسة تحليلية حول مستوى إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في برامج التنمية المحلية، وهي الدراسة التي تمت بشراكة مع مركز التعليم الدامج والمسؤولية الاجتماعية بجامعة القاضي عياض. 
وقالت رئيسة فدرالية رابطة حقوق النساء لجهة مراكش آسفي سناء زعيمي إن هذه الدراسة تندرج في إطار مشروع "نعم لسياسات ترابية مبنية على النوع" ضمن البرنامج الجهوي "أجيال المساواة" الذي بدأ عام 2022 وسيستمر إلى غاية 2027، لافتة إلى أن التخطيط الاستراتيجي للبرامج التنموية المبنية على النوع الاجتماعي ليس كالتخطيط الاستراتيجي بشكل عام.
وأوضحت أن الرؤية التي ارتكزت عليها الدراسة كانت مبنية على أهمية مصطلح "النوع الاجتماعي" بالنسبة للفدرالية كحركة نسائية، وبالتالي فالتخطيط الاستراتيجي ينبغي أن يحقق المساواة بين الجنسين في جميع جوانب التنمية سواء كانت محلية أو جهوية.
وأكدت على ضرورة تسطير تخطيط تنموي يستجيب للنوع بتضمين احتياجات وحقوق النساء في السياسات والبرامج التنموية بهدف تحقيق التنمية المستدامة. 
وأشارت إلى أن مقاربة النوع الاجتماعي ينبغي أن تندرج في السياسات الترابية خاصة برامج التنمية الجهوية، بهدف تقليص الهوة بين الجنسين وتحويل هذه السياسات عبر مؤسساتها المختلفة إلى أداة لولوج النساء للخدمات والأنشطة والاستثمارات الجهوية، وتمكينهن من الانخراط في الحياة العامة اقتصادياً وإدماجهن اجتماعياً، باعتبارهن الفئة الأكثر عرضة للإقصاء و التهميش. 
ولفتت إلى أن الدراسة تهدف إلى دعم المؤسسات الترابية في تنزيل القوانين والسياسات العمومية التي تهدف إلى تحقيق المساواة، كما ترمي إلى وضع تحليل للفجوات التي سادت إدماج مقاربة النوع في برامج التنمية الجهوية وجرد المساحات التي تحتاج إلى تعزيز إضافي في مجالات النوع والمساواة، كما تستهدف تقييم ما إذا كان هذا البرنامج يأخذ بعين الاعتبار مؤشرات ونتائج مستجيبة للنوع الاجتماعي أم لا.
وحول الإطار المرجعي لمساواة النوع، بينت أن المغرب انخرط منذ نهاية العقد الأخير من القرن الماضي في سلسلة من الإصلاحات الهيكلية التي تروم إلى تأسيس دولة الحق والقانون، ومن ضمنها مساواة النوع وحقوق النساء، حيث يولي المغرب أهمية خاصة لحقوق النساء وجعل النوع الاجتماعي والمساواة إطاراً معيارياً أساسياً لمختلف السياسات العمومية الوطنية. 
وبينت أن الدراسة المنجزة خلصت إلى أن المؤشرات المعتمدة في برامج التنمية، ورغم كثرتها حيث تتجاوز 170 مؤشراً، إلا أنها غير مبنية على النوع الاجتماعي، حيث لا وجود لأي مؤشر موجه للنساء أو الرجال.
وبشأن البرامج التنموية كتوفير مياه الشرب والسقي، خلصت الدراسة إلى أنه رغم أن النساء هن من تتحملن آثار الجفاف وانتشار الأوبئة، إلا أن البرامج التنموية لا تعترف بتضمين النساء في إدارة الموارد المائية المستدامة. 
وفيما يخص الدعم الجهوي للاستثمار وريادة الأعمال والتشغيل، أكدت أن الدراسة أظهرت عدم دعم وتعزيز ريادة الأعمال النسائية والوصول إلى فرص العمل في القطاعات المستهدفة، كما أن المقاولات النسائية هي الأقل استفادة من الدعم العمومي بشكل عام. 
وعن البنية التحتية والخدمات الصحية، خلصت نتائج الدراسة إلى أن وصول النساء إلى خدمات صحية عالية الجودة أساسي لرفاهية النساء وتمكينهن، خصوصاً بالنظر للإحصائيات ذات الصلة بأمراض النساء وأمراض أخرى تصبن بها أكثر من الرجال، إضافة إلى ضعف استفادة النساء في وضعية هشة من الخدمات الصحية، ومع ذلك لا يقترح البرنامج التنموي أية تدابير محددة لتحسين وصول النساء إلى خدمات صحية. 
وأوضحت سناء زعيمي أن هذه النتائج المستخلصة من خلال الدراسة المنجزة والتوصيات التي جاءت بها، سوف يتم اعتمادها للترافع بشأن إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في السياسات العمومية وبرنامج التنمية الجهوية خلال الفترة ما بين 2022 و2027.

 


من جهتها أشارت المكلفة بدعم منظمات المجتمع المدني بالمغرب مريم بلحسين إلى أن هذا البرنامج "أجيال المساواة" يبني على الثقة والتعاون المستمرين بين جمعيات المجتمع المدني والجهة الداعمة لتحقيق أهداف مشتركة أساسها إرساء مبدأ المساواة بين الرجال والنساء، وكذلك خلق ديناميات جهوية تسهر على تتبع السياسات الترابية والعمومية من أجل بيئة تطبعها المساواة والعدالة الاجتماعية.
وأضافت أن برنامج يهدف إلى دعم مختلف الجهات المعنية وطنياً ومحلياً وكل الذين يمكنهم المساهمة في إرساء الحقوق الإنسانية للنساء بشكل أفضل في السياسات العمومية وتبني قضايا المساواة من قبل الرأي العام، بالإضافة يهدف كذلك إلى تعزيز التمكين الفعلي للنساء ونشر ثقافة المساواة بين الجنسين ومحاربة كافة أشكال العنف ضد النساء ومواكبة منظمات المجتمع المدني بكل من تونس والجزائر وليبيا والمغرب. 
ولفتت إلى أن البرنامج يسهر على خلق ديناميات مدنية وطنية ومغاربية من أجل تقاسم التجارب المثمرة والترافع على المستوى الإقليمي، لافتة إلى أنه بعد أكثر من سنة على شراكة "خبرة فرنسا" مع مجموعة من المنظمات النسائية بجهة مراكش آسفي، فقد تمكنوا من إرشاد وتوجيه وتمكين أكثر من 1435 امرأة بالجهة، وإيواء أكثر من 73 امرأة تعرضن للعنف المبني على النوع الاجتماعي، كما استفاد أكثر من 500 شاب/ة من ورشات توعوية ودورات تكوينية من أجل نشر ثقافة المساواة بين الجنسين، فضلاً عن مجموعة من الحملات الترافعية المحلية استطاعت خلق تغييرات نموذجية بين الجنسين.
ودعا المشاركون/ات في اللقاء بضرورة تمكين النساء من الوصول إلى مراكز صنع القرار، حيث أن المغرب يتوفر على 12 جهة ترابية، لكن لا توجد إلا امرأة واحدة تترأس إحدى الجهات، كما أوصوا بتوفير وسائل النقل في العالم القروي لتمكين النساء من لولوج سوق الشغل والوصول إلى الخدمات الأخرى، وإخراجهن من العزلة المفروضة عليهن. 
وأوصى المشاركون/ات إلى أهمية الترافع بشأن إدماج مقاربة النوع في السياسات العمومية والبرامج التنموية لتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء من الاستفادة من كافة الخدمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها.