ناشطات حقوقيات تطالبن بتحديث المنظومة الجنائية المغربية
أكدت ناشطات حقوقيات على أن النساء والفتيات في المغرب يعانين من التمييز بشكل واضح في عدد من النصوص القانونية وفي عدد من الممارسات، داعيات إلى ضرورة تحديث المنظومة الجنائية المغربية وإدماج المقاربة الحقوقية ومقاربة النوع الاجتماعي.
حنان حارت
المغرب ـ من أجل أن يكفل للنساء الحق في الوصول إلى العدالة على قدم المساواة وضمان حمايتهن من التمييز والقيود التي تحد من حريتهم الأساسية، قدمت فيدرالية رابطة حقوق النساء، مذكرة تضمنت ملاحظاتها واقتراحاتها بشأن تعديل المسطرة الجنائية والقانون الجنائي.
نظمت فيدرالية رابطة حقوق النساء، أمس الجمعة 22 تشرين الثاني/نوفمبر، ندوةً صحفية، في العاصمة الرباط، تحت عنوان "من أجل منظومة جنائية عصرية ضامنة لحقوق النساء وللحريات الأساسية وملائمة للدستور والمواثيق الدولية لحقوق الانسان"، قدمت خلالها مذكرة ترافعية تضمنت ملاحظاتها حول مقتضيات القانون الجنائي الذي يكرس التمييز والحيف ضد النساء المغربيات.
وعلى هامش الندوة، قالت رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء سميرة موحيا إن القانون الجنائي الحالي متجاوز بحكم الواقع "المنظومة الجنائية الحالية هي فضاء واسع للتمييز وتكريس دونية النساء والتراتبية بين الجنسين".
وطالبت بمنظومة جنائية ملائمة للتحولات المجتمعية وللتطورات التي جاء بها الدستور المغربي والتزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان، خاصة في ظل الإشعاع الدولي للمغرب، لافتةً إلى أنه برغم التطورات التي شهدها النظام القانوني، إلا أن النظام الجنائي ظل تقليدياً ولا يزال يعتمد على آليات العقاب دون أن يمنح الأولوية لمعالجة الجذور الاجتماعية للسلوكيات المخالفة، أو توفير بيئة قانونية تضمن المساواة الفعلية والحرية الشخصية والجماعية لكافة المواطنين والمواطنات.
وطالبت سميرة موحيا المنظومة الجنائية بأن تعترف بالأدوار الجديدة للنساء ومناهضة التمييز وإعطاء المكانة الحقيقية للمرأة في المجتمع، مع تجاوز كل الصور النمطية والدونية التي يكرسها القانون الجنائي، داعية إلى تجريم كل الظواهر التي لها علاقة بالعنف وتعزيز المفاهيم والتعريفات التي لها علاقة بالعنف مثل العنف الزوجي والسياسي والرقمي والاستغلال الجنسي والمطاردة والتنمر وغيرها.
وشددت على ضرورة سد الفراغات التي ظهرت إثر الواقع الذي تعيشه حالياً النساء "هناك فراغ تشريعي، فالواقع تطور، لكن القانون الجنائي لا زال ثابتاً في مقتضياته لأنه يعود لعام 1962 "لا بد من إعادة النظر في هذا القانون برغم كونه خضع لتعديلات متعددة وجزئية، لكن نجد هناك حشواً ونصوصاً مكررة".
وأبرزت أنه من بين مطالب الفيدرالية هو إخراج قانون جديد بفلسفة واضحة مبنية على حقوق الإنسان خاصة حقوق النساء والتي تقطع مع كل المقتضيات التي تكرس لدونية النساء، مؤكدةً على أن القانون الجديد، يجب أن يضمن كرامة المرأة والرجل والأطفال "نريده قانوناً يحترم حرية المعتقد ويرفع الإجرام عن الإجهاض الطبي والإيقاف الإرادي للحمل".
من جانبها أوضحت المحامية وعضوة فيدرالية رابطة حقوق النساء سعاد بطل أن انعقاد الندوة يأتي من أجل مناقشة المسطرة الجنائية والقانون الجنائي في السياق العام وهو الحملة الأممية لمناهضة العنف ضد النساء "قدمنا مذكرة في مشروع القانون الجنائي في مجموعة من المقتضيات والفصول التي ينبغي إعادة النظر فيها بما ينسجم مع دستور 2011 الذي نعتبره دستور الحقوق بامتياز والذي يحمل مجموعة من الضمانات سيما الحقوق الإنسانية للنساء".
وذكرت أنه "ينبغي أن يكون المشروعان ملائمان للاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، خاصة وأن ديباجة الدستور جاءت بسمو الاتفاقيات الدولية على القانون الوطني، وبالتالي لابد أن نراعي هذه المعطيات الدستورية والحقوقية الدولية في مذكرة فيدرالية رابطة حقوق النساء المتعلقة بتعديل مشروع القانون الجنائي والمسطرة الجنائية".
ونوهت سعاد بطل أن مذكرة الفيدرالية تستحضر جملة من الملاحظات والتعليقات والتوصيات ذات الصلة بمناهضة العنف ضد النساء الموجود في المغرب من قبل اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة واللجنة المعنية بحقوق الإنسان ولجنة مناهضة التعذيب ولجنة حقوق الطفل واللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومجموعة العمل حول التمييز ضد المرأة في التشريع والممارسة.
وطالبت المداخلات على المضي نحو منظومة جنائية عصرية ضامنة لحقوق النساء وللحريات الأساسية، وتعميق النقاش حول مضامينها من منظور المقاربة الحقوقية والنوع الاجتماعي والمطالب الأساسية التي تؤكد عليها الحركة النسائية المغربية في مجال الحقوق والولوج المنصف للعدالة، بما يتماشى مع المبادئ الدستورية والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب.