مزكين بوتان مقاتلة جمعت بين حبها للأرض ونضالها من أجل الحياة
تركت المقاتلة مزكين بوتان وراءها إرثاً كبيراً بعد نضال طويل في الخطوط الأمامية بساحات القتال، خاصةً بعد أن أخذت على عاتقها عبء النضال الوطني حتى لحظاتها الأخيرة.
بيريتان هيام
الحسكة ـ حققت ثورة روج آفا العديد من الإنجازات بفضل صمود وقيادة المرأة الحرة، ولا يزال النضال في إقليم شمال وشرق سوريا مستمراً، بروح الوحدة الوطنية ووحدة الشعوب.
لجأت العديد من الفتيات إلى النضال في إقليم شمال وشرق سوريا، وقمن بتدمير الحدود القومية التي قسمت المجتمع من جميع الجهات، عززن من إرادتهم القوية بهويتهن ووجودهن ولغتهن وثقافتهن الوطنية واتجهن إلى جبهات المقاومة، ورأين أن واجبهن الأساسي هو حماية وطنهن، وكان كل هذا مدفوعاً بالمشاعر الوطنية.
واتجه الشعب الكردي والكردستاني إلى ميدان الثورة بروح التضحية عند الهجوم على مدينة كوباني، وشاركوا في هذه الحرب بكل قوتهم، رداً على تصريح أردوغان بأن "كوباني سقطت وستسقط" لكنهم قالوا بالأجماع أن "المقاومة هي الحياة"، ومن بين المشاركين في مقاومة كوباني المقاتلة مزكين بوتان.
ولدت "روجدا كاينار" الملقبة بمزكين بوتان، في عائلة وطنية في جزيرة بوتان وشاركت بكل عزم وإصرار في المقاومة، وقامت بكل الواجبات والمسؤوليات التي وقعت على عاتقها، وعندما هاجمت داعش مدينة كوباني انضمت إليها كامرأة شجاعة ذات طموح كبير وفي وقت قصير تولت دور القائد الشاب وكان غضبها على كل المجازر هائلاً، كما شاركت بفعالية وقوة في الخطوط الأمامية ضد الإبادة الجماعية التي ارتكبها داعش ضد الشعوب، وشاركت في المجازر التي ارتكبتها الدولة التركية في مدينة نصيبين شمال كردستان قبل سنوات.
واحتضنت مزكين بوتان رفاقها بحرارة وخاضت نضالاً لا مثيل له جنباً إلى جنب مع رفاقها في ساحات القتال، وأخذت على عاتقها منذ الصغر عبء النضال الوطني، وبشخصيتها القوية قامت بواجباتها حتى النهاية، وباعتبارها قائدة شابة ضمن صفوف وحدات حماية المرأة تدربت على معرفة حرب الشعب الثورية، وعمقت أبحاثها في المجالات التكتيكية والإستراتيجية، وجمعت بين حبها للأرض ونضالها من أجل الحياة، وفي نقاش مع رفاقها في النضال قالت في إحدى المرات "الحياة الحرة كالوصول إلى الجنة" وبعبارة أخرى عرفت الحياة الحرة بالجنة.
عاشت مزكين بوتان حياة حرة وأعطت معنى لوجودها واستقبلت كل يوم بحماس كبير ومعنويات عالية، وفي تقييمها للحياة قالت مزكين بوتان "إذا لم يعش الإنسان في حقيقته الخاصة، فلن يتمكن من الانتماء إلى نفسه وهذا يمنعنا من رؤية جمال الحياة الحقيقية وتجربتها، أن الأشخاص الذين يهربون من واقع الحياة لا يستطيعون الشعور بأي شيء ولا يمكن التوصل إلى أي استنتاجات من هذا".
حظيت مزكين بوتان بالاحترام لصمودها واتخذت خطوات قوية حتى لحظاتها الأخيرة، ولم تتنازل عن حبها ومعنوياتها وحماسها، فقد خلقت جمالاً عظيماً من خلال نضالها، لتفقد حياتها في حادث بمدينة عين عيسى في التاسع والعشرين من كانون الثاني/يناير2023.