مؤتمر مبادرة شبيبة الشرق الأوسط: شعوب المنطقة ستطور وحدتها الخاصة
اختتم مؤتمر مبادرة شبيبة الشرق الأوسط الذي انطلق تحت عنوان "الشباب وبناء المستقبل الحر" أعماله في العاصمة اللبنانية بيروت بيومه الثاني والأخير.
سوزان أبو سعيد
بيروت ـ في يومه الثاني والأخير اختتم مؤتمر مبادرة شبيبة الشرق الأوسط أعماله ببيان الشباب فضلاً عن اقتراحات لتوصيات وحلول للنهوض بأوضاع شباب المنطقة وخصوصاً النساء، في سبيل الوصول إلى النجاح وبناء مستقبل أفضل عبر تطوير آليات مشتركة للحد من المشاكل التي تعترضهم بهدف الوصول إلى المشاركة الفعالة والمساواة.
أعتبر المنسقون/ات أن نجاح هذا المؤتمر تم بجهود الحضور الكبير وتلبيتهم للدعوة والمشاركة الفعالة والتنوع للعشرات من الحركات والتنظيمات والمذاهب والقوميات والإثنيات والدول والأفكار الموجودة، بحيث يشكل هذا المؤتمر صورة مصغرة لكونفدرالية شبابية تمثل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يشكل نقطة تحول بيد الشباب والمرأة في المنطقة.
وناقش المؤتمر في يومه الثاني في الورشة الأولى أزمة المناخ وتدهور الطبيعة، ودور الشباب في الحد منه والعمل على إيجاد حلول لأزمة المناخ، وبناء حياة صحية آمنة وأخلاقية، وعن تأثر النساء والفئة الشابة على هذا التغير يكون بصورة أكبر، أما الورشة الثانية فتناولت مشاكل المرأة الشابة في مسألة التعصب الجندري وزواج القاصرات والختان وغيرها، وفي الورشة الثالثة تمت مناقشة المقاربة السلطوية للشباب واستخدامهم كأدوات لمصالحها، وفي الورشة الرابعة تمت مناقشة أشكال التعصب.
آفاق الحلول المحتملة
في الجلسة الثالثة والأخيرة من المؤتمر تمت مناقشة آفاق الحلول المحتملة والبديلة للمشكلات العالقة، والوصول إلى بديل للحداثة الرأسمالية، والحداثة الديمقراطية ومشروع الأمة الديمقراطية، وفي مجال آخر تمت مناقشة دور الشباب في نضال الأمة وتقرير مصيرها، وقضايا الشعوب المعرضة للإبادة، صون وإرادة الشعوب في إطار بناء مجتمع أخلاقي وسياسي، وتم التركيز على الدور الريادي للمرأة الشابة في وضع حلول لأزمات الشرق الأوسط وتم عرض نماذج للتنظيمات السياسية في المنطقة، والعمل على توحيد إرادة المرأة في مواجهة التحديات، فضلاً عن تشكيل آلية تنظيمية جامعة للدعم المتبادل وتوحيد الطاقات الشبابية في بناء كونفيدرالية شباب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبعد ذلك كانت الكلمة الختامية وقراءة نتائج المؤتمر والتوصيات وبيان المرأة الشابة وحفلة غنائية.
بيان المرأة الشابة
قُرأت عدة بيانات منها بيان المرأة الشابة الذي أكد أن المؤامرة الدولية استهدفت إرادة شعوب العالم وخاصة إرادة المرأة في شخصه القائد عبد الله أوجلان "العبارة التي أطلقها المفكر عبد الله أوجلان من أجل المرأة Jin Jiyan Azadî أصبحت على لسان جميع نساء العالم، وكشابات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نتبنى فكر وفلسفة القائد أوجلان وننضم إلى الحملة العالمية من أجل حريته الجسدية وحل القضية الكردية".
تحديد طرق وأساليب النضال وإيجاد الحلول اللازمة
أكدت الكلمة الختامية للمؤتمر أنه "كشباب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، نواجه أصعب الأزمات القائمة في ظل النظام العالمي الحالي وفي كل يوم يمر، تنتشر الأزمات والحروب في كل مكان في الشرق الأوسط، التعصب القومي والديني يفتحان الطريق أمام إبادة الشعوب، وفي الوقت نفسه تغلق الأبواب أمام وحدة الشعوب، وتنهب طبيعة المنطقة وثرواتها، فنظام الحداثة في وجوده بعد 500 عام، لم يقدم شيئاً لشعوب الشرق الأوسط، سوى الفقر والحروب والصراع وانقسام المجتمعات واستغلال ثرواتهم ونهبها، وهو اليوم يحرم شباب المنطقة من مستقبل حر حيث يمكن رؤية نتائج ذلك في كل مكان، كالهجرة والتغيير الديموغرافي وقتل النساء والعنف وتطور الميليشيات المسلحة التي ترهب شعوب المنطقة خدمة لهذا النظام".
لكن الكلمة شددت على إرادة الشعوب في مواجهة هذا النظام "النظام العالمي القائم والدول الحالية، لا يمكنها فرض أسلوب حياة جديدة على المنطقة من خلال تدخلاتها، ولا يمكنها إيجاد مخرج من هذه الفوضى والأزمة، ولا ينبغي لنا أن نخدع أنفسنا بالحلفاء الأجانب، وشعوب المنطقة سوف تطور وحدتها الخاصة، وتعتمد على قوتها، وبهذه الطريقة ستكون قادرة على إيجاد حل".
وعن الهدف من انعقاد المؤتمر لفتت الكلمة إلى أنه "اليوم ينظم شباب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أنفسهم، من أجل مستقبل حر وعادل، الشباب يعنى بالبحث عن الحقيقة وإيجاد الحلول ولعب الدور الطليعي في حرية مجتمعاتهم، ولكي نتمكن من توضيح القضايا الراهنة معاً، وتحديد طرق وأساليب النضال وإيجاد الحلول اللازمة، اجتمعنا معاً، نحن مبادرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الفترة ما بين 8 و9 حزيران في العاصمة اللبنانية بيروت، اجتمعنا 95 شاباً وشابة، ممثلين عن الفئة الشابة من 15 دولة، وعن 24 من المنظمات والحركات وشبيبة الأحزاب السياسية، وخلصنا إلى أنه:
أولاً: يمكن تنفيذ حل للأزمة الحالية خارج نظام الحداثة الرأسمالية، من خلال بناء شرق أوسط ديمقراطي.
ثانياً: الحداثة الرأسمالية بكل تشعباتها لا يمكن أن تخلق حلاً أعمق للمشاكل الراهنة، ومؤتمرنا ينص على ضرورة معارضة كافة المشاريع التي تُفرض على المنطقة من الخارج، مثل مشروع الشرق الأوسط الكبير، وأيضاً الإسلام السياسي، ويمكن القيام بنضال فكري وسياسي واجتماعي".
ثالثاً: يرفض مؤتمرنا كافة المواقف والآراء التي تبحث عن الحلول من الخارج، مع نظرة استشراقية لمنطقة الشرق الأوسط، باعتبارها منطقة صغيرة ولا ترى قوة الحل بحد ذاتها، وبخلاف ذلك ترى أن الشباب قوة ديناميكية للتغيير والولادة من جديد، ورابعاً: توصل مؤتمرنا إلى نتيجة مفادها، أن جميع الاختلافات التاريخية وجوانب الثقافة واللغة والتاريخ والتقاليد والأمم والمعتقدات ومشاكل شعوب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مترابطة، لذلك، من أجل أن يصبح الشباب قوة للتنمية والحلول فهناك حاجة ملحة لبناء وتعزيز وحدة الشباب، وفي خامساً: من أجل أن نتمكن من تحقيق توحيد القوة واتخاذ خطوات ملموسة نحو تحقيق كونفدرالية شباب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فقد اختار مؤتمرنا منسقية تتكون من جميع التنظيمات والحركات المشاركة في المؤتمر.
سادساً: يعتبر مؤتمرنا استعباد النساء والسلطة الذكورية قضية أساسية، ويؤكد أن الشابات هن القوة الرائدة في عملية التحول الديمقراطي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
سابعاً: لا يرى مؤتمرنا حلاً في مشروع الدولة القومية التي تستخدم الشعوب والمعتقدات القومية ضد بعضها البعض، وتنكر وجودها وتشكل العائق الأساسي في التوجه للديمقراطية، وفي هذا الصدد فإن مؤتمرنا يرى الحل في المشروع الوطني الديمقراطي الذي يدافع عن حق كافة مكونات المنطقة في تقرير مصيرهم.
ثامناً: يرفض مؤتمرنا التفسيرات التي تصف مقاومة الشعوب المشروعة بالإرهاب، ويعلن أنه من حق كل مجتمع الدفاع عن نفسه ضد أي شكل من أشكال الاحتلال والاستعمار والقمع.
تاسعاً: نحن ضد الرأسمالية وأيديولوجيتها الليبرالية، التي تقسم المجتمع على أساس فهم زائف للحرية، وتعزز الفردية، وتشتت الشباب عن واجباتهم الوطنية، كما أننا ضد النظام الأبوي السلطوي وتدمير الطبيعة والبيئة وجميع أشكال القمع على أساس الجنس والهوية والدين واللغة والجنسية.
عاشراً: يرى مؤتمرنا أن سياسات الاحتلال التي تنتهجها الدولة التركية والتي يتم تطويرها لخدمة مصالح قوى الحداثة الرأسمالية من ليبيا إلى القوقاز واليمن وكردستان هي العدو المشترك لجميع شعوب الأرض وشعوب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وعلى هذا الأساس يدعم النضال المشروع للشعب الكردي، وكافة شعوب المنطقة.
11 ـ يدعو مؤتمرنا إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني ويدعم حق الشعب الفلسطيني في مقاومته وتحرير أرضه من النهر إلى البحر.
12ـ العمل من أجل حرية كافة المعتقلين السياسيين الثوريين، في إطار الحملة العالمية من أجل الحرية الجسدية لعبد الله أوجلان والتي انطلقت في 10 تشرين الأول/أكتوبر من العام 2023، ونعلن عن مشاركتنا ودعمنا لحرية القائد عبد الله أوجلان وحل للقضية الكردية".
قضية محورية ووجودية
في بيان مبادرة شباب الشرق الأوسط تم التأكيد على أن "القوى الاستعمارية والهيمنة العالمية مازالت تغض النظر عن القضية الكردية بصفتها قضية محورية ووجودية في الشرق الأوسط، حيث أن القضية الكردية هي قضية عالمية وتم تقسيم كردستان ناهيك عن محاولات هذه القوى لطمس وجود الشعب الكردي ثقافياً واجتماعياً وواجهت جميع الحركات التحررية الكردية الفشل بسبب مصالح الإمبريالية العالمية".
ولفت البيان إلى أن "القائد والمفكر الأممي عبد الله أوجلان يخضع منذ أكثر من ٢٥ عاماً لاعتقال تعسفي وعزلة تامة تزايدت في السنوات الثلاث الأخيرة حيث تمنع الدولة التركية محاميه وذويه وعائلته من اللقاء به وإننا نرى بأن هذه العزلة لها أسباب سياسية بحتة وذات طابع لا إنساني وغير أخلاقي وغير قانوني، وانطلاقاً من واجبنا الإنساني والأخلاقي في الدفاع عن حق كل إنسان ناضل من أجل الحرية والديمقراطية نرفض هذه العزلة فالقائد أوجلان يمثل ملايين الشعوب التواقة للحرية وهو صاحب فلسفة الحل لأزمة الشرق الأوسط ونحن مؤيدون لهذه الفلسفة".
كما دعا البيان لتحرير القائد عبد الله أوجلان جسدياً في أسرع وقت "ندعو جميع الثوار والحركات التحررية لإدانة هذه العزلة والدعوة لحرية القائد أوجلان وعلى هذا الأساس نعلن انضمامنا إلى الحملة الدولية التي انطلقت في أكثر من مكان حول العالم تحت شعار الحرية لأوجلان الحل السياسي للقضية الكردية".