مؤتمر في لبنان يسلط الضوء على أهمية دور المرأة في صنع السلام
أقامت منظمة "جسر إلى" بالتعاون مع جمعيات ومنظمات محلية ودولية مؤتمراً حول مشروع "النساء صانعات السلام"، بهدف تعزيز المشاركة الفعالة للمرأة والشباب في عملية صنع السلام، وتحويل الصراعات بصورة سلمية تماشياً مع القرار 1325 الأممي الخاص بالمرأة والسلام والأمن.
سوزان أبو سعيد
بيروت ـ بمشاركة ناشطين/ات من المجتمع المدني من لبنان أقامت منظمة "جسر إلى" أمس الجمعة 19 كانون الثاني/يناير، مؤتمراً حول مشروع "صانعات السلام النسوة في العمل" في العاصمة بيروت بالتعاون مع "حركة السلام الدائم" وجمعية "محاربون من أجل السلام" وبحضور هيئة الأمم المتحدة للمرأة وهيئة شؤون المرأة اللبنانية، وأعضاء من المجتمع المدني.
تناول المؤتمر دور النساء في لبنان سواء في السلم والحرب اللواتي شكلن الخطوط الأمامية في ثورة 17 تشرين الأول وما طالهن من عنف خلال جائحة كورونا، كما عرضت ثورة النساء في إيران بعد مقتل الشابة الكردية جينا أميني، وما تتعرض له النساء من انتهاكات واعتداءات في إقليم شمال وشرق سوريا وليبيا والسودان وغيرها.
وتناولت الجلسة الأولى التي حملت عنوان "أطر ومفاهيم لدعم ممارسات بناء السلام في مناطق الصراع وما بعد الصراع" محورين المحور الأول كان تحت عنوان "بناء السلام خلال الحرب والسلام ودور النساء في العدالة الانتقالية"، أما المحور الثاني فحمل عنوان "نحو ذكورية جديدة، محاربون سابقون كنماذج لاعنفية لبناء السلام".
أما الجلسة الأخيرة من المؤتمر حملت عنوان "مجتمع فاعل نحو الغد" تضمن محورين المحور الأول، تناولت فيه خبيرة المرأة والأمن والسلام شيرين الجردي موضعية الخطة الوطنية للمرأة والأمن والسلام في لبنان ضمن أجندة القرار 1325، أما المحور الثاني كان حول دور الألعاب الالكترونية في التطرف العنيف بين الشباب ودور جلسات الحوار في منعها.
وعلى هامش المؤتمر، قالت الناشطة السياسية لينا حمدان "اجتمعنا للحديث عن أهمية دور المرأة في صناعة السلام، فكما شاهدنا خلال الثورة وقبلها والمبادرات الهامة للسلام كانت المرأة فيها ولا زالت الدافع في التخطيط والتنفيذ لأن المرأة صانعة سلام في كافة المجالات"، لافتةً إلى أنه "منذ أكثر من 10 سنوات نحاول تقديم مشاريع وقوانين، كقانون الكوتا لمشاركة أكبر للمرأة في الحياة السياسية، ولكن للأسف لا زال المجتمع اللبناني متخلف جداً عن باقي الدول العربية والأجنبية في تحقيق نسبة تلك الكوتا".
وأشارت إلى أنه "بالمقارنة بين مشاركة نساء لبنان حيث تشكل 4.9% فقط من الموجودين بالمجلس النيابي، لكن في الإمارات تشكل النساء نسبة ٥٠% وفي المغرب ٤٥% وكذلك الأمر في الدول العربية الأخرى مثل الجزائر والعراق، نجد أن للمرأة مشاركة أوسع علماً أن لبنان هو البلد الاول في العالم العربي الذي أعطى النساء حق التصويت والانتخاب والترشح في عام ١٩٥٤، وأعتقد أن مشاركة المرأة في اتخاذ القرار لن يكون هناك قرار نزاع أو حرب بل قرار سلام وعلم ومستقبل".
من جهتها قالت الخبيرة في القانون الدولي ورئيسة جمعية "لاودر" خلود الخطيب إن "العنف الذي نراه في مجتمعاتنا ليس وليد اللحظة وبالتالي فكل المحاولات والآليات للقضاء عليه لن يحصل بسرعة، بل تحتاج لعمليات متراكمة وكبيرة من الإطار القانوني في إطار دولي لتوحيد المعايير العامة لإحقاق الحرية والمساواة وكيفية التكامل مع الآليات الدولية والجهود الوطنية وكيفية تغيير القوانين بناء على المعايير الدولية، بالإضافة إلى كيفية التصدي للعنف في هيكلية المؤسسات الذي يكرس فيها التمييز وغيرها".
وأوضحت أنه "عندما نتحدث عن مجتمعات سليمة يجب أن يكون هناك آليات الوصول إلى العدالة، وألا توجد قوانين تمييزية تؤدي إلى تهميش وإقصاء للناس، والحل هو بالتطلع إلى الجهود الأممية التي تلعب دوراً في هذا المجال، كما أنه لدينا مجموعة من المواثيق والآليات التي تسطر أهمية أن يكون هناك مساراً قانونياً، لكي يكون ملزماً لأصحاب القرار والنافذين في السلطة بألا يكون هناك تهميشاً للنساء، وأن تبدأ مشاركتهن اليوم في صناعة القرار والقضاء على العنف وأن تكن جزءاً أساسياً في عملية بناء السلام والتي نشهدها في هذه الورشة، وكيف نترجم هذه الآليات على أرض الواقع، وذلك بسلسلة من القوانين التي توائم هذه الاتفاقيات، وكون قوانينها لا توائم هذه السلسلة من الاتفاقيات والمواثيق الدولية، لذا نشهد العنف رغم كل الجهود العالمية".
من جانبها قالت رئيسة البرامج في جمعية "محاربون من أجل السلام" كريستينا فورش صعب "في ظل الصراع والخوف من حرب على الحدود الجنوبية للبنان والنزاعات في العالم، علينا أن نسأل أنفسنا ماذا يمكننا فعله لمنع النزاعات والحرب والعنف على المستوى الفردي والجماعي والمجتمعي؟، وأحد هذه الطرق هو مشاركة النساء والاعتراف بأهمية دور المرأة في السلام والأمن وأجندة مجلس الأمن والقرار ١٣٢٥".
أما مديرة برامج ورئيسة مشاركة مجموعة العمل الجندري في هيئة الأمم المتحدة للمرأة جمانة زبانة أوضحت أن "أجندة المرأة والسلام والأمن والتي من خلالها طورنا أول خطة للسلام في لبنان بعد أن صادقت عليها الحكومة اللبنانية في عام ٢٠١٩، شدد على أهمية مشاركة النساء في بناء السلام وخطط التعافي، وأنه من حقهن المشاركة في كافة المجالات ومنها بناء السلام واتفاقيات السلام بالإضافة إلى حمايتهن من العنف والتمييز ضدهن بالقوانين".
وأكدت أنه "من هذا المنطلق وكهيئة الأمم المتحدة للمرأة، أسسنا مجموعات نسائية على المستوى المحلي يبلغ عددهن حتى الآن ٥٠٠ امرأة تعملن على تفادي النزاعات، والتعاطي مع الماضي والمصالحة وخصوصاً في المجتمعات التي كانت عدوة لبعضها في الحرب الأهلية، كما تعملن على الوساطة لنشر ثقافة السلام، وما نلاحظه من خلال عملنا مع النساء أنهن قادرات، ولديهن دور في بناء السلام، لكن للأسف تعرضن للعنف من مجتمعهن أكثر وطُلب منهن العودة إلى أدوارهن النمطية كربات منازل والقيام بالأعمال المنزلية".
وأضافت "علينا تقديم الحماية والدعم والتدريب والدعم النفسي للنساء اللواتي تتعرضن للعنف، لأن لبنان يمر بالعديد من الأزمات كالأزمات النفسية جراء الحرب والاقتصادية، لذلك من الضروري تمكين المرأة اقتصادياً لتستطيع القيام بمبادرات قيادية ومن بينها مبادرات سلام"، لافتةً إلى أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار حماية النساء ودعمهن وتمكين المساواة بين الجنسين.
وعن وضع النساء أثناء الحروب، قالت إن "أوضاع النساء خلال الحروب غير معروفة أو موثقة ولكن عندما نقوم بدراسات وإحصاءات ونقوم بسؤالهن عن أوضاعهن ومشاكلهن وخصوصا النساء المهمشات كذوات الإعاقة والمعيلات والمسنات وعندما نخلق لهن مساحات للحوار نستطيع التطرق إلى القضايا التي تخدمهن"، مشيرةً إلى أنه من الأساسيات في أجندة المرأة والأمن والسلام التكلم عن واقع النساء وتوثيقه ووضع ميزانيات وبرامج تتطرق لاحتياجات النساء، وعملية التعافي من الانتهاكات التي تتعرضن لها من اعتقالات وتعذيب وتحرش وعنف جندري ومنع من المشاركة من كتم الصوت وحصرهن بدورهن الاجتماعي وغيره.
وقالت المديرة التنفيذية لمنظمة "جسر إلى" الإيطالية مارتينا بينياتي مورانو "هناك الكثير من النساء لديهن أدوار في تسهيل مواجهة النزاعات والتعايش بين المجتمعات المختلفة، ولدينا العديد من الاقتراحات وقد بدأنا بتطبيق بعض هذه المبادرات المبتكرة وإعطاء الأمل للنساء اللواتي تعشن في ظروف صعبة جداً، لذا أعتقد أننا بتطبيق أجندة المرأة للأمن والسلام مع الخطة الوطنية الإيطالية والخطة الوطنية اللبنانية، سنوحد الابتكار لصانعات السلام، وهذا ما خرجنا به من هذا الحدث".
وعن الانتهاكات في القوانين الدولية، لفتت إلى أنه "يجري القانون الدولي الآن انتهاكه في العديد من الحكومات في الشرق الأوسط التي من المفترض أن توفر الأمن، كالحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، بالإضافة إلى الانتهاكات التركية بحق المدنيين في إقليم شمال وشرق سوريا من خلال استهدافه للبنية التحتية، والصواريخ الإيرانية والأمريكية في العراق، وكأن هناك اتفاق غير رسمي بين الدول بأن حقوق الانسان ليست مهمة".
وأشارت إلى أنه من الصعب على المجتمع المدني أن يستمر بالتساؤل والمطالبة باحترام القوانين وحقوق الانسان العالمية، ولكن رغم ذلك يجب الاستمرار بالنضال لأن النساء في هذه المجتمعات تكافحن للمحافظة على الفئات الأكثر هشاشة والتأكد بأن الروح المعنوية للشعوب لم تنهار وتتدمر، وخصوصاً في إقليم شمال وشرق سوريا فالنساء هناك هن الأشجع حيث وصلن إلى مراكز القيادة في مجتمعاتهن، كما وأنهن تحاولن أن تصلن الى رؤية أكثر إنسانية وديمقراطية في الشرق الاوسط لذلك "يجب أن نسمع أصواتهن لنتمكن من تطبيق القوانين العالمية خصوصاً المتعلقة بحقوق الإنسان".