كونفرانس الرئاسة المشتركة نقطة انطلاقة نحو سورية ديمقراطية

تحت شعار "من التنوع تنبثق قوتنا... ومن التشاركية تبنى إرادتنا"، عقد الكونفرانس الأول للرئاسة المشتركة في مقاطعة الرقة بإقليم شمال وشرق سوريا.

الرقة ـ ركزت المشاركات في كونفرانس الرئاسة المشتركة، على أهمية تطبيق مبدأ المساواة والتشاركية في العائلة ليصبح أسلوب حياة وليس مجرد نظام مؤسساتي، مراهنات على أنه لو المرأة قادت الكرة الأرضية لن تريق قطرة دماء بينما أرض في قيادة الرجل عبارة عن حروب وسفك دماء.

عقد مجلس تجمع نساء زنوبيا، اليوم الثلاثاء 27 أيار/مايو، كونفرانس الرئاسة المشتركة تحت شعار "من التنوع تنبثق قوتنا... ومن التشاركية تبنى إرادتنا"، على مستوى ثلاث مقاطعات الرقة والطبقة ودير الزور، وذلك في مقاطعة الرقة، بحضور الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا وتنظيمات المجتمع المدني والحركات والتنظيمات النسائية.

وبدأ الكونفرانس بإلقاء كلمة من قبل الناطقة باسم مجلس تجمع نساء زنوبيا خود العيسى والتي وصفت الكونفرانس بـ "التاريخي" لأنه يحمل في طياته بصيص أمل لسورية الجديدة التي تحتضن الجميع وتضمن كرامتهم، مبينة أن "الرئاسة المشتركة ليست فقط أسلوب إداري يتكون من رجل وامرأة، وهي ليست عملية حسابية تتمثل بالمساواة العددية بين الجنسين، بل تتطلب مشاركة كل من المرأة والرجل بإرادتهما الحرة، وتعني إعادة تعريف العلاقة بينهما على أسس التكامل دون أن يفقد أي منهما طابعه".

ولفتت إلى أن الرئاسة المشتركة "تمثل فهم جديد للسياسة وتتطلب مناهضة الذهنية القوموية والهرمية الدولتية والرأسمالية، فهي تمثل الحل لهيمنة الرجل القائمة على استغلال واستبعاد المرأة عن المجال الإداري والسياسي، وهي بالتالي تعيد النظر للأدوار المبنية في المجتمع بدء من الفرد حيث لا يكون فقط قرار الرجل ووجوده الذي يقبل وبناء على نظرته ترسم الحياة والطبيعة".

وأكدت أن "تطبيق نظام الرئاسة المشتركة في سوريا الجديدة ليس خيار بل ضرورة ملحة لتحقيق العدالة الاجتماعية، لأن المرأة ليست نصف المجتمع فقط بل هي صانعة الأجيال، ولبناء مجتمع يعمه العدل والاستقرار لابد من تطبيق نظام عادل"، مشددة أن هذا الكونفرانس سيكون نقطة انطلاقة نحو سوريا ديمقراطية يسودها التشاركية والتآخي.

وقيمت عضوة الهيئة الرئاسية في حزب الاتحاد الديمقراطي فوزة يوسف الوضع السياسي على الصعيد السوري "سوريا أرض أعرق الحضارات، ومنها نشرت المبادئ الأخلاقية والقيم الدينية، وأول الثورات التي تحققت في هذا الكون كانت على هذه الجغرافية كثورة الزراعة والقصيدة واللغة، لذا يليق بنا أن نعيش بحرية وبنظام ديمقراطي".

وتابعت "لا يمكننا تحقيق التشاركية في المجتمع، ولا يمكننا أيضاً تحقيقها في سوريا دون أن نبدأ من المجتمع نفسه"، معتبرة أن "الذهنية المركزية والمتعصبة هي التي أدخلت المنطقة في أزمة وما يشهده العراق وإيران ولبنان وسوريا مثال على ذلك, فالدول المهيمنة تستثمر هذه الأزمة لصالحها، وعلينا أن نقضي على هذه الأسباب التي تجعلنا في حالة مأساوية".

وتطرقت إلى سياسة فرق تسد التي لا تزال قائمة وبارزة بشكل كبير في سوريا "كل دولة تسعى لتنفيذ مخططاتها فإيران تسعى لتشكيل هلال شيعي بينما تركيا تسعى لتشكيل هلال وهذا ما يجعل المنطقة في حرب مذهبية وطائفية، ورأينا المجازر التي شهدها الساحل السوري على أساس طائفي وكذلك السويداء وجرمانا وصحنايا بهدف الاقتتال الداخلي في سوريا، فضلاً عن الخطاب الكراهية والتحريض ضد مناطق إقليم شمال وشرق سوريا"، مشددة على ضرورة الوعي بهذه الفتن كونها لا تخدم الوحدة السورية ولا النسيج السوري.

وفي تعليقها على رفع العقوبات على سوريا، أوضحت أن "رفع العقوبات خطوة جيدة بالنسبة لسورية وعلى الحكومة السورية المؤقتة أن تستفاد من هذه الخطوات، لأن الحكومة السورية فشلت في هذا الامتحان عندما همشت وأقصت إقليم شمال وشرق سوريا، لأن هذه السياسة هي من أسقطت نظام البعث وفجرت الثورة في سوريا، وعلى الحكومة أن تدرك ذلك، ونحن نريد دستور ديمقراطي وجمهورية تكون لكل السوريين".

ومن ثم تم قراءة توجيهات القائد عبد الله أوجلان عن مفهوم الرئاسة المشتركة كون هذا النظام مستوحاة من فكره وفلسفته، ويبين القائد أوجلان أنه "للوصول لحرية المرأة لا بد من دخولها الميدان السياسي لتحقيق الممارسة الديمقراطية، لأن الحركة النسائية التي لا تفوز بالديمقراطية لا يمكنها أن تفوز بالحرية والمساواة، والحاجة هي ضمان الحرية الكاملة بين الجنسين من خلال حل العقلية والفضاء الديمقراطي والسياسي وتحقيق إرادة الحياة المشتركة وفقاً لذلك، وإذا لم يتم قبول مسألة الرئاسة المشتركة، فستكون هزيمة كبيرة للمرأة، ولذلك ينبغي إضفاء الطابع المؤسسي على الرئاسة المشتركة".

وبعد قراءة توجيهات القائد أوجلان تم عرض سنفزيون عن تطبيق الرئاسة المشتركة في مؤسسات إقليم شمال وشرق سوريا، وتعريف مفهومه بشكل أوسع وأعمق.

 

"ابتكار جديد لترسيخ المساواة"

ومن ثم فتح باب النقاش حول نظام الرئاسة المشتركة، وبدورها اعتبرت سهام قريو الرئيسة المشتركة لمجلس الشعوب في الإدارة الذاتية الديمقراطية أن "هذا النظام انبثق من فلسفة الأمة الديمقراطية وهو ابتكار جديد لترسيخ المساواة".

وبينت أنه "خلال تطبيق هذا النظام استطاعت المرأة أن تشارك بنسبة 50 بالمئة في كافة المؤسسات بعد أن كان دورها محصور في المنزل، بينما ما حققته المرأة من التساوي والتشارك كان بمثابة ثورة"، لافتةً إلى انبهار الوفود الخارجية التي تزور الإدارة الذاتية من مشاركة المرأة الفاعلة في كافة مفاصل الإدارة.

شهرزاد الجاسم عضوة منسقية المرأة في دير الزور، اعتبرت أن "عقد هذا الكونفرانس يعبر عن إصرارنا في ترسيخ المساواة والعدل، ونظام الرئاسة المشتركة هو صوت لكل امرأة تسعى للعيش بحرية والنهوض بمجتمعها، ومن التشاركية سنقود سورية إلى بر الأمان".

فيما اعتبرت جيهان خضرو رئيسة مكتب المرأة في مجلس سوريا الديمقراطي أن "استمرارية نظام الإدارة الذاتية منذ تأسيسها هو تواجد المرأة في هيكليتها، نظراً لأن المرأة تمثل العامود الفقري لمشروع الأمة الديمقراطية، لذا رأينا مؤخراً استهداف النساء من قبل الجهات المعادية لمشروعنا الديمقراطي بهدف إفشاله لأنهم أدركوا حقيقة دور المرأة"، كما تطرقت إلى التحديات التي تواجه هذا النظام من تحديات جيوسياسية لفشل هذه التجربة، وكذلك التحديات الأمنية لمناطق إقليم شمال وشرق سوريا.

فيما تطرقت جيهان محمد عضوة منسقية مجلس تجمع زنوبيا في مقاطعة الرقة، إلى "أهمية تعزيز دور المرأة عبر التدريبات كيلا يبقى دورها في الإطار الشكلي، بل يكون مؤثراً وقادراً في بناء التغيير".

وكما شاركت العديد من الرئيسات المشتركات تجاربهن الأولى في خوض تجربة الرئاسة المشتركة والتحديات التي واجهتهن وإصرارهن على تغيير الذهنية الذكورية التي كانت تحاول إحباط عزيمتهن في إنجاح هذه التجربة، وأن اليوم هذه التجربة أصبحت رائدة ويتطلعن إلى جعلها نموذج لسورية المستقبل.

فيما قالت زليخة عبدي الرئيسة المشتركة لهيئة التربية والتعليم في مقاطعة الرقة، أن "الكثير يسخرون من الذكاء العاطفي لدى النساء ولا ينظرون إلى الدمار الذي خلفه الذكاء التحليلي، وهنا يتطلب التوازن فنظام الرئاسة المشتركة سيوازن بين هذين الذكاءين".

وجميع الآراء التي طرحت اتفقت على أن النساء يخضن حرباً إيديولوجيا لترسيخ الحياة التشاركية والقضاء على مفهوم تابعية المرأة للرجل، منتقدات عدم تطبيق هذه الأطروحات في العائلة والتربية الاجتماعية، لأن العائلة والمجتمع أساس إنجاح هذه التجربة لتكون فلسفة للحياة.

والجدير ذكره أنه سيعقد كونفرانس مماثل في مقاطعتي الفرات والجزيرة.