مؤشر الحريات في تونس إلى أين يتجه؟

سجلت جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات 99 انتهاكاً في مجال حرية الرأي والتعبير على مدار عام، معتبرة ذلك ناقوس خطر يهدد مستقبل الحريات في تونس.

تونس ـ نظمت جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات، أمس الثلاثاء 27 شباط/فبراير، ندوة صحفية سلطت الضوء على الانتهاكات التي تحدث في مجال حرية التعبير على مدار عام 2023.
أكدت جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات في تقريرها السنوي بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان التي عاشتها تونس على مدار عاماً كاملاً، والتي استهدفت عدداً واسعاً من التونسيين والتونسيات بمختلف نشاطاتهم/هن خاصة الأصوات الناقدة والناشطين/ات، أنّ أكبر الانتهاكات كانت من نصيب حرية التعبير ما أثر سلباً على واقع الحريات والحقوق في البلاد. 
وقالت الجمعية إنها رصدت وجمعت حالات الانتهاك والتي تراوحت بين إيقاف واستدعاء للاستماع فقط ومحاكمات على معنى قوانين مختلفة من المجلة الجزائية أو مجلة الاتصالات بالإضافة إلى المرسوم عدد 54، فضلاً عن الإيقافات التي وصفتها بـ "التعسفية" التي شملت عدداً من السياسيين/ات والصحفيين/ات مسجلة ارتفاعاً مقارنةً بالسنوات السابقة.
وأشارت إلى أن ذلك يؤكد أن السياسة المعتمدة من قبل الحكومة ستفرض هيمنة على مختلف المجالات باستعمال الأجهزة القضائية والتنفيذية في تقييد حرية التعبير والتنازل على جملة الحقوق والمكتسبات التي مثلت أحد أهم أهداف الثورة التونسية وشكلت أهم مقومات الديمقراطية التونسية منذ عام 2011.
وقالت المكلفة بالاتصال وعضو بالجمعية مي العبيدي، لوكالتنا، إنه تم رصد 99 حالة انتهاك من اعتداء على حرية التعبير واحتجاز تعسفي وتعذيب وملاحقات قضائية بسبب إبداء الرأي، مسجلة أن انتهاكات حرية التعبير تترأس قائمة التجاوزات التي تم توثيقها علاوة على المحاكمات على أساس المرسوم 54 والفصل 97 من المجلة الجزائية الخاص بارتكاب أمر موحش تجاه الرئيس، إضافة إلى اعتماد مجلة الاتصالات على معنى الفصل.
وأشارت إلى أن الجمعية رصدت على مدار العام الماضي 19 ملاحقة قضائية على أساس المرسوم 54 وتوزعت عدد الحالات على 4 صحفيين و7 محامين و3 سياسيين واثنين من النشطاء و3 آخرين.
وذكرت أن قطاع الصحافة كان أشد القطاعات تعرضاً للانتهاكات إذ سجلت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين 237 اعتداءً إلى حدود شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي ولم تقف الانتهاكات المسلطة في منعهم من ممارسة عملهم بحرية أو تعنيفهم أثناء وجودهم في الميدان، بل استمرت لتصل حد متابعتهم قضائياً ومحاكمتهم جراء ممارستهم لعملهم الصحفي.
ولفتت إلى أن نقابة الصحافة رصدت 26 حالة تتبع عدلي كانت في 10 مناسبات على أساس المجلة الجزائية و7 إحالات على أساس المرسوم 54، مؤكدة أن العام المنصرم مثّل تواصلاً لمسيرة السلطة بقيادة مؤسسة رئاسة الجمهورية في فرض هيمنتها على المجال السياسي والحقوقي عبر تسخير أجهزة الحكومة من سلطة تنفيذية وقضائية من أجل تقييد حرية التعبير.
واعتبرت أنّ المحاكمات على أساس المرسوم 54 الذي جاء للحد من حرية التعبير والصحافة وتقييد الأصوات الحرة، أمر مخجل بعد سنوات من ثورة اعتقد التونسيون/ات أنها جاءت لتخلصهم من "بطش الاستبداد والخوف"، معبرة عن أسفها لخسارة "أبرز مكسب ثوري كان وساماً للثورة".
وبينت مي العبيدي أن "الانتهاكات المسجّلة مخيفة وخطيرة وتجعلنا أمام سؤال وحيد إلى أين نمضي؟، هل بات طبيعياً أن نحاسب على رأي وتدوينة عبر مواقع التواصل الاجتماعي؟". 
وأفادت بأن النساء كن أيضاً من بين الضحايا حيث سجلت إيقافات في صفوف صحفيات على غرار تواصل سجن الصحفية شذى الحاج مبارك ومحاكمة الصحفية منية العرفاوي بسبب تدوينة انتقدت فيها وزير الشؤون الدينية، إضافة إلى محاكمة محاميات كدليلة مصدق وإسلام حمزة على أساس المرسوم 54.
وفي ختام حديثها اعتبرت مي العبيدي أن ضعف تمثيلية النساء في البرلمان والمجالس المحلية بسبب غياب  قانون المناصفة هو انتهاك آخر يسجَل ضدهن عام 2023، علاوة على التغيير المفاجئ في القانون الانتخابي الذي قلب موازين القوى وأقصى وجود النساء، فضلاً عن الهرسلة الإلكترونية التي تتعرض لها السياسيات وصولاً إلى قتلهن، وكلها تجاوزات بحقهن.