مطالبات بتعديل قانون الإجهاض في تونس وتوسيع الخدمات الصحية
دعت مجموعة "توحيدة بن الشيخ" إلى احترام الاستقلالية الجسدية للنساء عبر ضمان وصون حقهن في الإجهاض الآمن دون تمييز وحيف وبعيداً عن الضغوطات المرتبطة بالوصم الاجتماعي والدين والثغرات القانونية.

زهور المشرقي
تونس ـ رغم مرور أكثر من خمسين عاماً على تشريع قانون الإجهاض في تونس، لا تزال النساء تواجهن عوائق قانونية واجتماعية تحول دون التمتع الفعلي بهذا الحق، حيث لايزال الإجهاض موضوعاً محرماً يواد شعوراً بالذنب ويتيح للبعض حرمان النساء من الخدمة الصحية.
نظمت مجموعة "توحيدة بن الشيخ" ندوة صحفية أمس الخميس 25 أيلول/سبتمبر، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الاجهاض والذي يصادف الثامن والعشرين من الشهر الجاري، سلطت فيها الضوء على العوائق التي تعترض النساء بعد نصف قرن من إتاحة القانون التونسي الإجهاض دون قيد أو شرط حتى12 أسبوعاً، في إطار تكريس الاستقلالية للنساء. وأكدت المتدخلات على أن القانون كان بمثابة تحقيق الاستقلالية الجسدية الفعلية وبرغم النظرة المجتمعية المرتكزة على الدين الا أن النساء دافعن عن هذا الحق.
وعلى هامش الندوة قالت رئيسة مجموعة "توحيدة بن الشيخ" هادية بلحاج، إن الاستقلالية الجسدية مؤشر مهم جداً لوصول النساء لحقوقهن الجنسية والإنجابية، لافتة الى أن تونس كانت سباقة في سن قانون منذ عام1973يسمح بالإجهاض باختيار المرأة في أول ثلاث أشهر من الحمل، إلا أن التمتع الفعلي بهذا الحق لايزال غير متكافئ بالنسبة لعدد كبير من النساء نتيجة تحديات كثيرة.
"لم يأخذ القانون بعين الاعتبار التكنولوجيا التي تعتمد على الإجهاض الدوائي الذي دخل تونس منذ عام 2001، علاوة على وجود حالات خاصة بالنسبة لحاملات الإعاقة أو النساء في حالة هشاشة والقرارات حيث لا زال القانون غير واضح، إضافة إلى التحديات في الموارد البشرية التي تؤثر غالباً على رأي المرأة استناداً على الدين أو تعقيد الأمر بطلب تحاليل تكون عادة غير مهمة في إطار التأثير عليها لعدم إيقاف حملها"، وفقاً لما أكدته هاديه بلحاج، مشيرةً إلى أن الإجهاض الدوائي لا يتوفر في كل المراكز الصحية سواءً العمومية أو الخاصة ويتوفر فقط في ديوان الأسرة والعمران البشري، معتبرةً أنه من الضروري توفير هذه الخدمات لاعتبارها تسهل العملية في كل المستشفيات والمراكز الصحية.
عوائق كثير تُعرقل حق النساء في الإجهاض
وعن الدراسات التي أجرتها الجمعية أشارت إلى استمرار وجود العوائق التي طالما طالب المجتمع المدني بمعالجتها وعمل الدولة على محاربتها بالإعلام والحملات التوعوية على غرار الوصم الاجتماعي حيث لايزال الإجهاض موضوعاً محرماً يواد شعوراً بالذنب ويتيح للبعض حرمان النساء من الخدمة الصحية، علاوة على غياب المعلومات والتثقيف الجنسي الشامل ما يحرم الفئات الشابة من معرفة حقوقهم، إذ تقول إحصائيات الجمعية إن ربع الرجال من عمر 19 إلى 29 عام وأقل من نصف الشابات تعرفن أن تونس تتحوز على قانون للإجهاض، وهو ما يعيد الحديث حول الصحة الجنسية في المدارس والمؤسسات التربوية بشكل عام.
وقالت إن هناك عدم تكافؤ للنفاذ للمعلومة بين المناطق الريفية والحضرية وصعوبات مضاعفة للشباب والنساء في وضعيات هشة كمحدودات الموارد وذوات الاعاقة والناجيات من العنف والمتعايشات مع فيروس نقص المناعة والمهاجرات ما يحرمهن من المعلومة والخدمات الصحية، علاوة على وجود ثغرات قانونية والإجراءات المعقدة وغير الواضحة للنساء غير المتزوجات أو القاصرات.
مطالب بتعديل قانون الإجهاض
وأشارت إلى أن الجمعية تدعو إلى تعديل وتعزيز القانون للاعتراف بالإجهاض الدوائي وتوسيع تطبيقه ليشمل جميع الهياكل الصحية وتنظيم المواعيد لبعض الحالات المتعلقة بالنساء في وضعية هشاشة، علاوة على أهمية تسهيل الوصول للخدمات من خلال تنظيم الاعتراف الضمري مع الزام المعترض بتوجيه المرأة إلى الجهة المناسبة وتدريب الإطارات الصحية على احترام الحقوق وضمان مجانية الإجراء والعمل على كسر التابوهات عير التوعية والارشاد.
غياب الوعي النسائي غذّى العوائق للولوج للإجهاض
أما منسقة مجموعة "توحيدة بن الشيخ" هاجر ناصر أكدت من جانبها على أن قانون الإجهاض يعتبر ثورة في مجال التشريعات التي تدافع عن الاستقلالية الجسدية للنساء، حيث يعتبر تشريعاً متقدماً يٌعطي الحق للتونسيات إلى حدود 12 أسبوعاً في إيقاف الحمل دون ضغوطات، معتبرةً أنه برغم ذلك لازال الواقع مختلفاً ولا يتماشى مع القانون حيث تجد النساء عوائق كثيرة للتمتع بهذا الحق ولازال الموضوع من "التابوهات" المسكوت عنها ولا يتناوله الإعلام ولا حتى الأسرة وكأنه "عار" بل تُوجّه أصابع الاتهام للمرأة التي تقرر إيقاف حملها لظرف ما يهمها ويعطي هذا الحق للإطارات الصحية لرفض تقديم هذه الخدمة أو المعلومات الصحيحة.
وشددت على أهمية معالجة انعدام الوعي لدى النساء لتجاوز العوائق وتأمين الوصول السهل للإجهاض الآمن دون ضغوطات ووفق قرار المرأة وحدها "يجب على المجتمع المدني أن يعمل على جانب التحسين والتوعية للنساء لفهم هذا الحق وكيف وأين وفهم القانون حتى لا تكن ضحايا ضغوطات قائمة على توجهات معينة".
ولفتت إلى أن الجمعية تعمل في هذا الاتجاه منذ سنوات وتحاول تدريب القابلات لتحسين مواقفهن تجاه الإجهاض ليكون لديهن الوعي الكافي عند استقبال النساء، حيث تم تدريب أكثر من 160 إطار صحي في ولايات مختلفة لتوعيتهن على احترام الحقوق وتبسيط الإجراء.
وأكدت المشاركات على أن حان الوقت لضمان أن تمكن كل امرأة أينما كانت وضعيتها من الحصول على الإجهاض بكرامة ودون تمييز وبقرارها الذاتي.