مطالب بقانون أسرة أكثر عدالة لكل المصريين

أزمة قانون الأحوال الشخصية من الإشكاليات التي تواجه المهتمين بقضايا النساء لوجود قصور تشريعي واضح يحول دون قدرتهن الحصول على مستحقاتهن أو تحقيق العدالة التي تضمن المصلحة الفضلى للأطفال، وهو ما جعل المجتمع المدني والمؤسسات النسوية تعتبره أكبر التحديات.

أسماء فتحي

القاهرة ـ أطلقت مؤسسة قضايا المرأة المصرية مائدة حوار تحت عنوان "قانون أسرة أكثر عدالة لكل المصريين"، لمناقشة قانون الأحوال الشخصية، وجمع مزيد من التوصيات التي يمكن الوقوف عليها من أجل واقع أفضل للنساء.

ناقش الحضور على مائدة الحوار التي عقدت أمس الثلاثاء 19 كانون الأول/ديسمبر، أوضاع قانون الأحوال الشخصية وأهم إشكالياته التي يعاني منها المسيحيين والمسلمين، وهو الأمر الذي أثرى الجلسات نتيجة تأثر الجميع من القصور التشريعي الواضح والذي يتراكم يوماً تلو الآخر بفعل التغيرات التي تطرأ على المجتمع لكون الخلل الحقيقي ناتج عن مرور أكثر من 100 عام على القانون الحالي، وهو ما ترتب عليه تغير شبه كامل في المعطيات التي تم وضعه على أساسها.

وأجمع الحضور على الحاجة الملحة للعمل من أجل استصدار مشروع القانون خاصة أن البرلمان لم يتبق عليه أكثر من عام وسيتم إعادة تشكيله مجدداً، وهو ما سيضع المهتمين بتلك القضية في أزمة حقيقية وما سيتبع ذلك من تعقيدات واحباطات لذلك لفت عدد ليس بالقليل من الحضور إلى أهمية التكاتف والعمل الدؤوب خلال الوقت الراهن من أجل مناقشة مشروع القانون وخروجه للنفاذ قبل نهاية العام.

وكشفت الكاتبة والمفكرة كريمة كمال أن إشكاليات الأحوال الشخصية موجودة لدى المسلمين والمسيحيين، تؤثر على النساء والرجال، لذا هناك ضرورة لفتح حوار مجتمعي حول القوانين.

وأضافت أن أزمة الأحوال الشخصية للمسيحيين فرض عليها نوع من السرية لسنوات طويلة والصحافة كانت سباقة في فتح الملف ومناقشته وهو ما قوبل برفض من الكنيسة والمسيحيين أنفسهم كون التعاطي مع ذلك الملف يثير بلبلة في المجتمع، لافتًة إلى أن فتح تلك القضايا أثار فعلياً غضب الكنيسة على اعتبار أنها وحدها من تضع القواعد المعمول بها.

وأكدت أن لائحة 38 التي كانت تنظم الأحوال الشخصية حتى أتت ثورة تموز/يوليو 1952، وقرر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ليتم العمل بقانون 1955 ولكن ظلت هناك ازدواجية لكون الأفراد الذين يعانون من أزمة يلجئون للكنيسة، وأيضاً للقضاء، ولكن القانون واللائحة التي كانت تحتوي على 9 أسباب للطلاق، ليتمكن الأفراد التخلص من الزواج الفاشل حتى وإن طال الوقت في الخلاص.

وبينت أن الأمر تغير تماماً مع البابا شنودة الذي أوقف التعامل بلائحة 38 واقتصر الطلاق على سبب واحد وهو الزنا لاغياً باقي الأسباب ومن هنا بدأت الأمور تتعقد وهو أمر يخسر منه المجتمع فلا فائدة لأحد في الإبقاء على الزواج الفاشل، مؤكدةً أن مؤسسة قضايا المرأة تبنت العمل على قانون الأحوال الشخصية للمسلمين والمسيحيين لأن المعاناة لا تختلف كثيراً وتحتاج لتدخل.

وأكدت النائبة البرلمانية نشوى الديب أن مشروع القانون لم يتحرك قيد أنملة حتى اليوم، معتبرةً أن المجتمع بأشد الحاجة له لأن الكثير من الحقوق تهدر لعدم خروجه للنور حتى الآن، مشيرةً إلى أن رئيس الجمهورية وجه بفتح حوار مجتمعي حول مشروع القانون باعتبار اللجنة المشكلة من وزارة العدل أنهته بالفعل إلا أن هذا لم يحدث حتى الآن.

ولفتت إلى أنها ستقوم بالعمل على توجيه سؤال بشكل رسمي لوزير العدل حول الأسباب وعدم دخول مشروع القانون لمجلس النواب أو حتى طرحه للحوار المجتمعي لأن الوقت المتبقي للمجلس دورة واحدة وهو الأمر الذي سيجعل مشروع القانون يدخل مرة أخرى للمجلس.

وأكدت المحامية نادية أبو الخير أن الهدف من وجودها في مائدة الحوار هو العمل من أجل صدور قانون أكثر عدالة للمرأة يمنحها جانب من حقوقها المهدرة بفعل القصور التشريعي الذي جعل هناك تحيز للزوج بشكل كبير على حساب المرأة في مختلف المواقف التي تتطلب اللجوء للقضاء.

واعتبرت أن الموائد الحوارية تثري حالة النقاش بشكل عام وتضغط على السلطتان التنفيذية والتشريعية للعمل من أجل استصدار هذا القانون الداعم للعدالة ولا يمكن وصفه بأنه منحاز للمرأة، لافتةً إلى أن للمؤسسات النسوية دور كبير في دعم النساء وأنها المكان الأكثر أماناً لاستقبال شكوى النساء خاصة تلك المتعلقة بالقصور التشريعي وتحديداً فيما يتعلق بملف العنف بمختلف أنواعه. 

 

 

وقالت عضو الجبهة الوطنية لنساء مصر كريمة الحفناوي أن مؤسسة قضايا المرأة منذ عام 2003 وهي تبحث في تفاصيل هذا القانون وأنها جابت محافظات مصر للتعرف على الأزمات الفعلية التي تواجه النساء بفعل القصور التشريعي به، وأنها التقت بمختلف الفئات ومنها القضاة والمحامين والاعلاميين ونواب البرلمان والأزهريين وغيرهم إلا أن القانون لم يخرج بعد.

ولفتت إلى أن هناك الكثير من الوعود الخاصة بخروج القانون إلا أنه حتى الآن مازال حبيس الأدراج ولم يتم الكشف عن مستقبل صدوره وتفعيله حتى اليوم، رغم أن الجميع متفق على أهمية صدور القانون لأن عمر الحالي تجاوز الـ 100 عام، وهناك تغييرات فعلية تحتاج لإعادة النظر في مواده.

وأوضحت أن استقرار المجتمع ينبع من الأسرة والقانون العادل هو ركيزة تحقيق ذلك من أجل المصلحة الفضلى للأطفال وضمان مزيد من العدالة، مضيفةً أن البرلمان ستنتهي دورته بعد عام وإن لم تتم مناقشة القانون وإخراجه ستكون هناك أزمة حقيقية لاضطرار العاملين على مشروع القانون لإعادة جمع التوقيعات من البرلمان الجديد بعد تشكيله وسيمر بنفس الدورة مرة أخرى.

 

 

وكانت مؤسسة قضايا المرأة المصرية قد أرسلت مشروع القانون المقترح من قبل المؤسسة للأحوال الشخصية "قانون أسرة أكثر عدالة" بخطابات مسجلة بعلم الوصول في أيار/مايو 2022 إلى رئاسة الجمهورية وإلى رئاسة الوزراء ورئيس مجلس النواب ورئيسة المجلس القومي للمرأة، كما قامت بإرسال مقترح القانون إلى اللجنة المشكلة من قبل وزارة العدل لوضع مسودة القانون، بالبريد الإلكتروني وذلك بتاريخ 7 حزيران/يونيو 2022.