"مسيرة الحريات"... ناشطات تطالبن بتعزيز حرية التعبير والرأي
تعرضت "مسيرة الحريات" التي نظمت في العاصمة اللبنانية بيروت، للاعتداء، لمنع المشاركين/ات من المطالبة بحرية الرأي والمعتقد التي يتم قمعها بشكل منهجي وغير مسبوق من قبل السلطات في الآونة الأخيرة.
سوزان أبو سعيد
بيروت ـ أكدت الناشطات والحقوقيات والصحفيات المشاركات في الاعتصام، على أن حرية التعبير والرأي لا مساومة عليها، مطالبات بتطبيق أحكام الدستور وتعزيز النصوص الضامنة للحريات.
اقتصرت المسيرة التي كان من المزمع إقامتها أمس السبت 30 أيلول/سبتمبر تحت عنوان "مسيرة الحريات"، على اعتصام يطالب بحق الحرية في التعبير السلمي والانتماء والتنوع الفكري، الذي ينص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المتمثل بالمادة 19 والمادة 13 من الدستور اللبناني.
وجاء ذلك عقب اعتداء مجموعة من الملثمين بعضهم ينتمي إلى مجموعة تطلق على نفسها اسم "جنود الفيجاء"، الناشطين والناشطات لمنعهم من المشاركة في المسيرة بذريعة أنها داعمة "للمثلية الجنسية"، الرافضة لقمع حرية الرأي والتعبير، لا سيما بعد استدعاء صحفيين/ات للتحقيق.
وعلى الرغم من تواجد أعداد كبيرة من القوى الأمنية، فقد تمت محاصرة المعتصمين، لتتمكن شرطة مكافحة الشغب من تحريرهم عبر نقلهم في آليات تابعة لها بعد إصابات طالت 3 مواطنين على الأقل، كانوا يحاولون الوصول إلى مكان تجمع المسيرة، ومنهم رئيسة تحرير منصة "شريكة ولكن" الصحفية حياة مرشاد التي تعرضت للاعتداء المباشر بالضرب والشتم على يد أحد المهاجمين، بحضور القوى الأمنية.
وجاءت الدعوة إلى المسيرة من قبل أكثر من قبل جمعيات حقوقية منها حركة "مدينتي"، "كفى"، "عمل" "في مايل"، "لادي"، تجمع "نقابة الصحافة البديلة"، وحقوقيين وناشطين مستقلين، بعد استدعاءات طالت حقوقيين/ات وصحافيين/ات وناشطين/ات أفرادا ومؤسسات إعلامية وفنانين وغيرهم.
وأكد المشاركون في الاعتصام على مسؤولية الدولة في حماية التعددية الفكرية وحرية المعتقد والحريات الشخصية كافة وبالتوقف عن الانحياز لمصلحة الطرف الأقوى، والالتزام بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية في دستور لبنان وتصديقه على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يكفل حرية الرأي والتعبير.
وعلى هامش الاعتصام قالت الناشطة النسوية منال سعيد "نشهد في الآونة الأخيرة في لبنان تراجعاً كبيراً للحريات وقمع الأفراد، هناك تحركات تحصل على الأرض تشكل خطراً على الحريات الصحافية والشخصية، حتى أن المسيرة التي كانت ستنظم ونشارك فيها واقتصرت على الاعتصام، تعرضت للاعتداء، ولكن بالرغم من ذلك لن نسمح بتراجع حقوقنا"، مشددة على ضرورة وضع السلطات الأمنية خطة طوارئ لمواجهة هكذا تحركات.
من جانبها قالت عضوة حركة "مدينتي" ناهدة خليل أنهم لن يتنازلوا عن حقهم الدستوري بحرياتنا والتعبير عن الرأي "حفاظاً على أمن المتظاهرين، قررنا تحويل المسيرة لاعتصام، ولكننا مستمرون ولن يرهبنا شيء، ونحمل الدولة وكل المؤسسات الأمنية والقضاء والسياسيين ما حصل، إن عدم تأمين الحماية انتهاك للدستور اللبناني"، مشيرةً إلى أن هدفهم تصويب مفهوم الحريات التي يتم تشويهها.
وأوضحت الناشطة الحقوقية ورئيسة جمعية "بيتي" جوزيفين زغيب أن "القوى الأمنية منعتنا من الدفاع عن حقنا، الحقوق والحريات لا تتجزأ، نحن باقون والحريات باقية ولن نتوقف، ولن نخاف من أشخاص يهددون بعشوائية".
وجاء في البيان الذي قرأ من قبل الصحفية حياة مرشاد خلال الاعتصام "نتعهد باستمرار النضال دفاعاً عن الحريات العامة والخاصة حفاظاً على حق المجموعات والأفراد بالتعبير عن آرائهم وأفكارهم وممارسة قناعاتهم، على الجميع الحصول على حقوقهم بمعزل عن الاختلاف الفكري والثقافي والاجتماعي والعقائدي، وطن ديمقراطي، متقبل، دامج وعادل".
وأوضح البيان "يشهد لبنان في الآونة الأخيرة، قمعا ممنهجاً وغير مسبوق لحرية الرأي والتعبير من قبل السلطة، وتزايدت استدعاءات التحقيق بجرائم القدح والذم والتحقير، بوجه الصحافيين والناشطين على خلفية منشورات تسلط الضوء على فساد المنظومة الحاكمة، وتطالب بالمساءلة، أو بسبب محتوى ينتقد السلطات الدينية والسياسية والأمنية، ولم يسلم الفن والثقافة والعلم من رهاب التنوع الفكري، وأبدعت النيابة العامة بملاحقة الأساتذة والفنانين والمسرحيين والكوميديين، ولم يكفها قتلنا بجريمة تفجير مرفأ بيروت، فاليوم يحاولون إسكاتنا عبر إسكات الأصوات الحرة".
وأضاف البيان "بدلاً من تصويب إعوجاجها، تمعن السلطة في خرق الدستور والمعاهدات الدولية التي التزمت فيها، والتي تكفل أعلى مستوى من حرية الصحافة والإعلام وحرية نقل الفكر والمعلومات".
وأكد البيان "أمام هذا الواقع المرير، نؤكد مسؤوليتنا وتمسكنا بأعلى درجات التعبير والتظاهر وإنشاء الجمعيات والتحرك، وهذا الحق الطبيعي المرتبط عضوياً بحقنا بالكرامة الإنسانية، خسرنا كثيراً بوجودهم، خسرنا ودائعنا وأملنا وتقاعدنا وصحة أهلنا وتعليم أولادنا، ولكن لن ينجحوا بسلب أصواتنا وفكرنا".
وطالب البيان بتطبيق أحكام الدستور وتعزيز النصوص الضامنة للحريات وإلغاء النصوص التي تجرم التشهير والتحقير والتجمع السلمي، مشيراً إلى أن حرية الرأي والتعبير تشكل أبرز ركائز الدولة الديمقراطية، وأصوات المواطنين واحتياجاتهم هي البوصلة "لا مساومة على الحريات".