مشروع "أصواتهن" يفتح أفاق المشاركة السياسية للمرأة في سوريا

بعد ثمانية أيام من التدريب العملي المكثف، اختتم مشروع "أصواتهن" الذي نظّم من قبل منظمة "توليب" لدعم المرأة والطفل، ضمن مشروعها الرامي إلى تمكين النساء والشباب في سوريا وتعزيز حضورهن الفاعل في الحياة العامة.

روشيل جونيور

السويداء ـ أكدت المشاركات في ورشة "أصواتهن" على أن مشاركة النساء في مواقع صنع القرار تمثّل حقاً دستورياً وليست ترفاً، وهي ضرورة وطنية لضمان العدالة والاستقرار في سوريا، مشددات على أن تمكين النساء سياسياً واقتصادياً واجتماعياً هو مدخل رئيسي لإحداث تغيير حقيقي في بنية المجتمع.

لتمكين النساء في سوريا أطلقت منظمة "توليب" لدعم المرأة والطفل مجموعة من الحملات التوعوية والتدريبية استهدفت فئة الشباب، بهدف تعزيز مشاركتهم ومشاركتهن في الحياة العامة ومواقع صنع القرار، وذلك ضمن مشروع "أصواتهن"، الذي يسلط الضوء على أهمية الصوت النسائي في صياغة مستقبل سياسي أكثر شمولاً وعدالة.

ويمثل مشروع "أصواتهن" خطوة نوعية نحو تفعيل دور النساء في الشأن العام، في وقت لا تزال فيه نسبة مشاركتهن في الحياة السياسية محدودة، وتسعى المنظمة من خلال هذه البرامج إلى بناء قاعدة نسائية وشبابية واعية، قادرة على المطالبة بحقوقها والدفاع عن مشاركتها في رسم السياسات العامة، خاصةً في ظل الظروف السياسية المعقدة التي تمر بها سوريا، حيث يصبح الصوت النسائي حاجة وطنية، وليس ترفاً من أجل بناء مجتمع أكثر عدالة واستقرار.

واستمرت التدريبات على مدار ثمانية أيام، بقيادة المحامية منار مونس التي أشرفت على تدريب المشاركات والمشاركين ضمن دورتين رئيسيتين، أولاهما استمرت لأربعة أيام ركزت على التثقيف السياسي، والثانية أيضاً استمرت لأربعة أيام ركزت على مهارات الحشد والمناصرة.

وأكدت أن الهدف من هذه الدورة هو بناء وعي سياسي لدى الشباب والشابات، وتمكين النساء من أدوات الفهم السياسي والحقوقي، بحيث تصبحن قادرات على المشاركة الفاعلة في صنع القرار، مشيرةً إلى أن البرنامج اعتمد على أسلوب تفاعلي يهدف إلى إشراك المشاركين والمشاركات بشكل عملي وفعال.

وأوضحت أن المتدربين تم تقسيمهم إلى مجموعات عمل ناقشت تاريخ الدساتير السورية، وصولاً إلى الإعلان الدستوري الحالي، بالإضافة إلى تحليل التحديات التي تواجه النساء في المجتمع السوري، كما شمل التدريب تمارين حول قانون الانتخاب وأشكال النخب السياسية، مضيفةً أن أحد الأنشطة التطبيقية المميزة كان قيام المشاركين بتصميم "دول مثالية" وفق رؤيتهم للعدالة والمساواة في مجتمع ديمقراطي يضمن الحقوق للجميع.

وتناولت الدورة في أيامها الأولى مجموعة من المحاور النظرية والتطبيقية شملت التعريف بمفهوم النوع الاجتماعي (الجندرة) والمساواة الجندرية، إلى جانب مناقشة العنف القائم على النوع الاجتماعي خاصةً في السويداء، وتحليل الواقع السياسي للنساء السوريات والتحديات التي تحد من مشاركتهن، وفي القسم الثاني من التدريب تم التركيز على مهارات المناصرة وتصميم الحملات، ونتج عن ذلك إطلاق ثلاث حملات رئيسية من قبل المشاركين، تمثلت في حملة تدعو إلى زيادة مشاركة النساء في مواقع صنع القرار، وأخرى حول أهمية دور النساء في الانتخابات التشريعية (مجلس الشعب)، وثالثة عن العدالة الانتقالية وآلياتها وضماناتها بما يشمل وقف الانتهاكات وتحقيق الإنصاف.

وفي سياق تعزيز المعرفة القانونية، تم خلال التدريب استعراض مجموعة من القوانين والمواد الدستورية التي تدعم مشاركة النساء، مثل المادة 21 من الدستور السوري التي تنص على كفالة الدولة للحقوق السياسية للنساء، بما في ذلك الترشح، الانتخاب، والتمكين السياسي، كما تم التطرق إلى باب الحقوق والحريات الذي يدمج الاتفاقيات الدولية ضمن المنظومة الدستورية، لا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يضمن تمثيلاً حقيقياً وفعالاً للنساء في الحياة العامة.

وفي هذا الإطار، تمت الإشارة إلى مبادرات المجتمع المدني، حيث أطلقت منظمات نسوية حملة تطالب بكوتا نسائية بنسبة 30% كخطوة أولى نحو المناصفة في التمثيل السياسي، ما يمثل أحد أهم المطالب النسوية في المرحلة الانتقالية.

من جانبها تحدثت حنان الحجلي إحدى المشاركات في التدريب، عن الأثر الذي تركته الدورة في وعيها السياسي، قائلة إن مشاركتها أظهرت لها بوضوح التحديات التي تعيق دور النساء في سوريا، وهي تحديات ذات طابع سياسي واقتصادي واجتماعي، لافتةً إلى أنه من الناحية السياسية، لا تزال الذهنية الذكورية تهيمن على مواقع صنع القرار، بينما تعاني النساء اقتصادياً من قلة الموارد التي تمنعهن من خوض الانتخابات أو إطلاق حملات ترشيح، أما التحديات الاجتماعية فتتجلى في العادات والتقاليد التي تحصر دور المرأة في المنزل وتقلل من شأن رأيها ومشاركتها.

ووجهت حنان الحجلي رسالة أكدت فيها أن مشاركة النساء في مراكز صنع القرار ليست منة من أحد، بل حق دستوري وطبيعي، وأن هذا التنوع ضروري لإرساء العدالة في المجتمع.