الانتخابات المقبلة في العراق فرصة حاسمة لتعزيز تمثيل النساء ومواجهة التحديات
مع اقتراب الانتخابات البرلمانية في العراق، تؤكد فریال عبد الله أن النساء المنتخبات أمامهن فرصة حاسمة لتعديل القوانين وضمان الحقوق، مشددة على أهمية الإرادة السياسية والمشاركة الفاعلة لتجاوز التفاهمات الشكلية وتحقيق العدالة والمساواة.

هيلين أحمد
السليمانية ـ تتصاعد الأصوات النسائية مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية العراقية المطالبة بتوسيع المشاركة السياسية وتعديل القوانين التي تمس حقوق النساء، مشددات على أن نسبة الكوتا وحدها لا تكفي، بل يجب أن تترجم إلى مواقف تشريعية فاعلة وإرادة سياسية حقيقية.
بناءً على قرار صادر عن رئيس وزراء العراق، من المقرر إجراء انتخابات مجلس النواب العراقي في الحادي عشر من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، وقد بدأت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات استعداداتها لتنظيم الدورة السادسة من الانتخابات البرلمانية.
وفي هذا الإطار، تواصل النساء مشاركتهن في الحياة السياسية داخل البرلمان العراقي، رغم التحديات التي تفرضها العقلية الذكورية المحافظة والظروف المعقدة التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط، وعلى الرغم من أن القانون يضمن للنساء نسبة تمثيل لا تقل عن 25% في البرلمان، إلا أن هذه النسبة تمثل الحد الأدنى، ولا تعكس طموحاتهن في التوسع السياسي.
وقد واجهت النساء في البرلمان العراقي انتهاكات متكررة من قبل بعض الكتل السياسية تمثلت في تمرير قوانين تتعارض مع حقوقهن ومصالحهن، ومع اقتراب موعد الانتخابات، تبذل النساء جهوداً متواصلة لتعزيز حضورهن السياسي والدفاع عن حقوقهن، من خلال المطالبة بتشريعات تخص النساء والأطفال، بهدف كسر القيود التي تفرضها العقلية الذكورية السائدة، وتفعيل دورهن عبر المسارات القانونية داخل المؤسسة التشريعية.
الانتخابات فرصة حاسمة
وأكدت فریال عبد الله، القيادية والمتحدثة باسم مجلس المنظمات في الاتحاد الوطني الكردستاني، أن انتخابات مجلس النواب العراقي ستجرى في موعدها المحدد، مشيرة إلى أن هذه الانتخابات تشكل فرصة حاسمة للنساء لمواصلة نضالهن من أجل انتزاع حقوقهن عبر القنوات التشريعية.
وأوضحت أن القانون يضمن للنساء نسبة تمثيل لا تقل عن 25% من مقاعد البرلمان، ما يمنحهن مساحة للمشاركة الفاعلة في مراقبة الأداء التشريعي وصياغة القوانين بأسلوب ديمقراطي، معتبرةً أن إشراك النساء في اللجان البرلمانية المختلفة يمثل تطوراً إيجابياً، يتيح لهن التأثير في الملفات الحيوية من خلال شرعية مستمدة من صوت الناخبين.
ودعت النساء إلى ممارسة حقهن في التصويت، واختيار المرشحات المؤهلات على أساس الكفاءة والمعرفة، لضمان تمثيل نسائي قادر على خدمة قضايا المرأة والمجتمع بأسره، مشددةً على ضرورة أن تتحمل النائبات مسؤولياتهن داخل البرلمان، عبر تقديم مقترحات لتعديل المواد القانونية التي تضر بحقوق النساء، والعمل على إصلاحها بما يحقق العدالة والمساواة.
واعتبرت أن مشاركة النساء في العملية الانتخابية ركيزة أساسية لبناء الثقة وإيصال صوت نسائي فاعل إلى البرلمان، قادر على الدفاع عن حقوق النساء والأطفال بجدية وتأثير.
حقوق النساء ليست بنداً تفاوضياً
وأوضحت فريال عبدالله أن بعض الكتل السياسية في البرلمان العراقي تتوصل إلى تفاهمات حول عدد من القضايا، إلا أن حقوق النساء غالباً ما تكون ضحية لهذه التوافقات، مشيرةً إلى أن القرارات المتعلقة بحقوق النساء والأطفال تُتخذ أحياناً ضمن صفقات سياسية بين الأطراف البرلمانية، ما يؤدي إلى تهميش هذه الحقوق أو تجاوزها.
وشددت فريال عبد الله على ضرورة أن تبادر النساء في الدورة البرلمانية المقبلة إلى تحسين واقعهن القانوني والسياسي، من خلال الضغط لتضمين حقوقهن في صلب التوافقات السياسية، وليس على هامشها، كما أكدت أن الإرادة الحقيقية من داخل الكتل السياسية يجب أن تكون داعمة لحقوق النساء، لا مجرد استجابة ظرفية.
ودعت إلى أن تتولى النائبات مسؤولية تعديل القوانين التي تُلحق الضرر بحقوق النساء والأطفال، عبر تقديم مقترحات إصلاحية واضحة، تضمن بيئة تشريعية عادلة وشاملة "ضمان حقوق النساء في البرلمان يتطلب إرادة سياسية صادقة، وتشريعات تُبنى على أساس المساواة والعدالة، لا على حساب التفاهمات العابرة".
مسؤولية النائبات في ترسيخ حقوق النساء داخل البرلمان
ولفتت فريال عبدالله إلى أن النساء المنتخبات في البرلمان العراقي يتحملن مسؤولية جوهرية في الدفاع عن حقوق النساء، مشيرة إلى أن مشاركتهن في الحياة السياسية والاقتصادية بإقليم كردستان لا تزال تواجه عقبات متعددة، رغم وجود تشريعات تتيح لهن تولي المناصب في مختلف القطاعات.
وأكدت أن نظام الكوتا المعتمد يفتح أمام النساء باب المشاركة لكنه لا يضمن بالضرورة المساواة الفعلية بين الجنسين، خاصة في مجتمعات الشرق الأوسط التي تعاني من فجوات واضحة في الإنصاف.
وأضافت أن هذه النسبة تتيح للنساء دخول البرلمان عبر أصوات الناخبين، مما يمنحهن فرصة للعمل على تعزيز حقوق النساء والأطفال، مشيرةً إلى أن التفاهمات السياسية بين الكتل البرلمانية كثيراً ما تعقد دون إشراك فعلي للنساء، وإذا لم تتمكن النائبات من انتزاع حقوقهن عبر القضاء أو التشريع، فإن تلك التفاهمات تبقى شكلية ولا تترجم إلى دعم حقيقي.
ونوهت إلى أن كل نائبة تستطيع أن تتخذ موقفاً مستقلاً للدفاع عن حقوق النساء، وأن وجودهن في البرلمان يجب أن يتحول إلى قوة فاعلة تضمن تحقيق العدالة والمساواة، وأن تعزيز حضور النساء في البرلمان لا يقتصر على الأرقام، بل يتطلب إرادة سياسية ومواقف جريئة من النائبات، لضمان أن تكون حقوق النساء جزءاً أساسياً من القرارات والتشريعات، لا مجرد بند ثانوي في التفاهمات السياسية.
دعوى لسن تشريعات عادلة ومواقف حازمة ضد العنف
وأكدت على أن مسؤولية الدفاع عن حقوق النساء لا تقع على عاتق النساء وحدهن، بل يجب أن يتحمل الرجال في البرلمان دوراً أساسياً في دعم هذه الحقوق والعمل على تعديل القوانين بما يضمن إنصاف المرأة وتمكينها.
وأوضحت أن النساء، من خلال منظمات المجتمع المدني والجهات المعنية، يبذلن جهوداً كبيرة داخل جميع الأحزاب والكتل السياسية لضمان حقوقهن، لكن هذه الجهود تحتاج إلى دعم فعلي من الرجال البرلمانيين، عبر تبني تشريعات تضمن المساواة وتكافؤ الفرص.
وأشارت إلى أن بعض القوانين في إقليم كردستان تعد أكثر تقدماً من نظيراتها في العراق، مثل قانون تعديل الأحوال الشخصية الذي لا يزال بحاجة إلى مراجعة، وقانون الحد من تعدد الزوجات، إضافة إلى قوانين أخرى تحد من العنف ضد النساء.
وأكدت فريال عبدالله القيادية والمتحدثة باسم مجلس المنظمات في الاتحاد الوطني الكردستاني أن وجود تشريعات عادلة وسلطة قانونية فعالة يسهم في الحد من العنف والقتل ضد النساء، ويعد خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية في إقليم كردستان والعراق، وأن جرائم قتل النساء وانتهاك حقوقهن القانونية يجب أن تواجه بحزم من خلال الدين والقانون، معربة عن أملها في أن تبذل النائبات المنتخبات جهوداً ملموسة للحد من هذه الجرائم وضمان حقوق النساء داخل البرلمان الكردستاني.