منصة القيادات النسوية تؤكد على دور النساء في الدفع بعجلة التنمية المستدامة

أجمعت رئيسات الدول والحكومات خلال اجتماع للقيادات النسائية أن المساواة بين الجنسين جزء لا يتجزأ من التنمية المستدامة، مؤكدات على أن القيادة المتنوعة هي الأفضل للعالم وللدول.

مركز الأخبار ـ سلط اجتماع رئيسات الدول والحكومات على هامش الدورة السابعة والسبعين لجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، الضوء على أهمية مشاركة المرأة الكاملة والفعالة في الحياة العامة وصنعها للقرار، ومعالجة الأولويات العالمية.

عقدت منصة الجمعية العامة للقيادات النسائية التي تم إنشاؤها حديثاً أمس الثلاثاء 20 أيلول/سبتمبر، اجتماعاً دار النقاش فيه حول القضايا العالمية تحت شعار "الحلول التحويلية من قبل القيادات النسائية لتحديات اليوم المترابطة".

وبحسب الأمم المتحدة أظهرت الأزمات العالمية الأخيرة، بما فيها جائحة كورونا وحالة الطوارئ المناخية والصراعات الدائرة، الفارق الإيجابي الذي يمكن أن تحدثه قيادة النساء وصنعهن للقرار في المناصب التنفيذية والبرلمانات والإدارات العامة.

كما تظهر البيانات الناتجة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة أن الدول التي يكون للمرأة التمثيل الأعلى في برلماناتها، قد تبنت عدداً أكبر من التدابير السياسية التي تراعي الفوارق بين الجنسين استجابةً للجائحة، بما في ذلك السياسات التي تهدف مباشرةً إلى تعزيز الأمن الاقتصادي للمرأة.

وبدأت فكرة إنشاء المنتدى العالمي للقيادات النسائية للجمعية العامة في اجتماع عقد في 21 أيلول/سبتمبر 2021، بين رئيسات دول وحكومات ورئيس الدورة 76 للجمعية العامة.

 

دور النساء في حل المعضلات

وفقاً لمنظمي الاجتماع فإن منصة القيادات النسائية ستساعد في تسليط الضوء على النساء في مناصب قيادية سياسية بارزة، مشيرين إلى أن الدور الحاسم للقيادات النسائية في دفع عجلة التنمية المستدامة موثق جيداً.

وبحسب المنظمين تميل البلدان التي يوجد فيها أعداد أكبر من القيادات السياسية النسائية إلى إيلاء اهتمام أكبر لقضايا مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية وإنهاء العنف ضد المرأة، لافتين إلى أنه استجابةً للجائحة، ركزت القيادات النسائية على السياسات التي تعالج آثار كوفيد ـ 19، الاجتماعية والاقتصادية على الفئات الأكثر ضعفاً.

وفي بيان مكتوب قالت نائبة الأمين العام أمينة محمد، أن المساواة بين الجنسين جزء لا يتجزأ من التنمية المستدامة ومحورية للتصدي بفعالية لأزمة المناخ، وجائحة كورونا والنزاعات القائمة "إن مشاركة المرأة وقيادتها على قدم المساواة مسألة عدالة وإحقاق لحقوق الإنسان ومسألة فعلية. لا يمكن حل أي مشكلة عالمية بدون مساهمة نصف سكان العالم".

من جانبها أشارت المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، سيما بحوث إلى أن "المبادرة الكامنة وراء هذه المنصة يغذيها التزام مشترك بوضع المساواة بين الجنسين في طليعة الساحة متعددة الأطراف، ليس فقط من منظور حقوق الإنسان، ولكن أيضاً لأنها ضرورية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة".

وأوضحت "إذا أردنا تحقيق أهداف التنمية المستدامة، يجب أن نضاعف جهودنا لتحقيق المساواة بين الجنسين. يجب أن نزيد من القيادة النسائية، ويجب أن نواصل الضغط من أجل إنشاء مساحات تضخم أصوات النساء. نحن نعلم أن المجتمعات التي تحققت بها المساواة بين الجنسين أكثر سلاماً وازدهاراً".

وشددت على أن القيادة المتوازنة هي المفتاح لحل التحديات المشتركة وشددت على الحاجة إلى "زيادة الإرادة السياسية والخبرات الحياتية النسائية والمواهب القيادية".

 

أهمية تمثيل النساء في المجال السياسي

وتُظهر البيانات أنه في السياقات المتأثرة بالنزاع، فإن تمثيل المرأة في الحياة العامة يجلب مصداقية عالية لعمليات السلام والمفاوضات، مما يساعد على توحيد المجتمعات المنقسمة، علاوةً على ذلك، أظهرت الأبحاث أن رؤية المزيد من النساء في السلطة يزيد من تطلعات الفتيات التعليمية والوظيفية.

وقالت رئيسة وزراء جمهورية أيسلندا ورئيسة مجلس القيادات النسائية العالمية كاترين جاكوبسدوتير، أن القيادة المتنوعة هي الأفضل للعالم وللدول، لافتةً إلى أن تبني منظور جنساني خلال جائحة كورونا ساهم في نجاح بلادها خلال الأزمة "إن مواجهة أزمات صحية واجتماعية واقتصادية في آن واحد، أبرزت بعض نقاط الضعف في مجتمعاتنا ولكن أيضاً بعض نقاط قوتنا".

وأوضحت أن الجائحة أظهرت الكثير فيما يتعلق بدور المرأة في "اقتصاد الرعاية"، بما في ذلك الخدمات الصحية والرعاية غير مدفوعة الأجر.

وأشارت رئيسة وزراء أوروبا، إيفلين ويفر- كروس، أن فريقها المتخصص بالأزمات خلال الجائحة كان مؤلفاً من النساء تقريباً، مشددةً على أنه هناك حاجة ليس فقط إلى "الارتداد" ولكن "الارتداد إلى الأمام".

وتسألت القائدات عما إذا كان يتم عمل ما يكفي لإعداد قيادات المستقبل لتولي المسؤولية، مشيرةً إلى أن هذه المسألة "لا يمكن تركها للصدفة"، مشددةً على الحاجة إلى التركيز على التعليم، لا سيما في العلوم والهندسة والتكنولوجيا والرياضيات.

وأكدت رئيسة وزراء سانت مارتن سيلفيريا جاكوبس، على أنه لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به لضمان انتهاء السلوك الكاره للمرأة تجاه النساء داخل المنزل وخارجه، وسيصبح هذا أكثر شيوعاً مع وجود أمثلة أكثر إشراقاً ليس فقط للنساء في المناصب القيادية، ولكن للرجال الذين يحترمونهن في تلك المناصب.

 

النساء ما بين العمل والأسرة

من جهتها، قالت رئيسة جمهورية هنغاريا كاتالين نوفاك، إن النساء ممتازات في إدارة الأزمات، وكثيرات منهن يتعاملن بانتظام مع حالات الأزمات في دورهن كأمهات، داعيةً إلى تحديد هدف يتمثل في تمكين المرأة من عيش الحياة الكاملة التي تريدها وعدم إجبارها على الاختيار بين تكوين أسرة ومستقبلها المهني، لافتةً إلى أن العديد من الأمهات يشعرن "بعدم التوازن" بين حياتهن المهنية والأسرية.

وشددت على أنه لا ينبغي أن يتنافس الرجال والنساء، بل ينبغي أن يتعاونوا لتقاسم الأعباء الجماعية، موضحةً أنه إذا تخلت النساء عن إنجاب الأطفال "فلن تكون لدينا بنات قادرات على تحقيق ما بدأناه".

 

المساواة بين الجنسين في الصدارة

وأكد المشاركون في الاجتماع على أن المساواة تحسن الرفاهية وإدارة الأزمات ويمكن أن تصبح وسيلة وليست غاية.

وفي حديثه خلال اجتماع اليوم، قال شاهد عبد الله رئيس الدورة 76 للجمعية العامة، أن قراره بعقد ذاك الاجتماع استند إلى الحاجة الملحة لجعل المساواة بين الجنسين في الصدارة، حيث لا يزال هناك الكثير من العمل لتفكيك إرث النظام الأبوي، مشدداً على أنه يجب على الجمعية العامة أن تفعل المزيد لمعالجة العنف "المتفشي والكاره للنساء" في السياسة.

ولفت إلى أنه في ظل معدل تقدمنا الحالي، قد يستغرق الأمر 300 عام لتحقيق التكافؤ بين الجنسين، مشيراً إلى أنه "يجب التحرك الآن، وتسريع الاستثمار بين الفتيات والنساء، وزيادة الجهود لتمكين المرأة، وتوسيع الفرص للفتيات، والقضاء على العنف القائم على النوع الاجتماعي".

وأكد على أن "الضرورة الملحة لتحقيق المساواة بين الجنسين أصبح أمراً بالغ الأهمية بالنظر إلى التحديات الاستثنائية التي نواجهها. نحن بحاجة إلى حشد كل براعة البشرية ومواردها للتصدي لذلك. لا يمكننا أن ندع الأسقف الزجاجية تعيق إمكانيات نصف البشرية".