منذ أربعين عاماً... نضالات المرأة الجزائرية محور جلسة نقاشية

عقدت مجموعة من الناشطات والحقوقيات عبر منصة زوم جلسة نقاشية، للعودة إلى نضالات المرأة الجزائرية منذ أكثر من أربعين عام.

نجوى راهم

الجزائر ـ أكدت المشاركات في الجلسة النقاشية عبر منصة زوم أن قانون مدونة الآسرة جاء من أجل دفع النساء  إلى الوراء ولفرض الهيمنة الذكورية عليهن.

نظمت نسويات وحقوقيات أمس الثلاثاء 11حزيران/يونيو جلسة نقاشية عبر منصة زووم، بهدف العودة إلى نضالات المرأة الجزائرية منذ أكثر من أربعين عاماً، تزامناً مع مرور ٤٠ عاماً على صدور قانون الاسرة، أو كما تطلق عليه بعض النسويات "قانون الأسرة" وشاركت في الجلسة عبر منصة زووم كل من الناشطة الحقوقية نادية آيت زاي والمناضلة النسوية ياسمينة شواقي والناشطة صنهاجة اقطوف، للحديث عن دور النساء ومشاركتهن في التغيير بالنضال ضد القانون الذي يخترق حرية النساء في المجتمع الجزائري.

ولطالما احتلت مدونة قانون الأسرة أو قانون الأحوال الشخصية حيزاً في النقاش العام الدائر بالجزائر مؤخراً، في سياق ‏مطالب عدد من الهيئات والمنظمات بمراجعة القوانين التي تنظم أحوال الأسرة، بعد مرور أربعون عاماً من ‏تجربة المدونة، انسجاماً مع دستور2020 للتحولات التي يعيشها المجتمع الجزائري، فيما ينادي آخرون بضرورة التعديل وفقاً لمبادئ الشريعة الإسلامية.

وأولى الإشارات جاءت عند دعوة الجمعيات النسوية ومنظمات حقوق الإنسان إلى مراجعة القانون المنظم للأسرة، لتجاوز ما أسماها بالاختلالات والسلبيات التي أظهرتها ‏التجربة العملية لهذا القانون الذي تم تعديله آخر مرة عام ٢٠٠٥.

ولا تزال الجمعيات النسوية والحقوقية في الجزائر في نقاش مستمر، والحقيقة أن الجمعيات النسوية والمناضلين/ات القدامى والمجاهدات لطالما اعتبروا أن قانون 1984 قانون الأسرة غير مقبول وتمييزي، حيث تسعى جميع أحكام النص إلى وضع المرأة تحت سيطرة الزوج والأب.

وقالت الناشطة الحقوقية رئيسة المؤسسة من أجل المساواة نادية آيت زاي إن الحركة النسوية تمكنت من صد المسودة الأولى للقانون ولكنها لم تنجح في عام 1984 بسبب سياق سياسي محدد للغاية، مضيفةً أنه وبعد استقلال الجزائر عام 1962، واصل الموظفون المدنيون والقضاة تطبيق التشريع الفرنسي الصادر عام 1959 والذي يضمن موافقة الزوجين في عقد الزواج دون ضرورة حضور ولي الأمر.

وهذا أعطى المرأة الحق القانوني في إبرام عقد الزواج الخاص بها عندما تبلغ سن الرشد (19) وبقي هذا القانون ساري المفعول في الجزائر حتى عام 1975، عندما تم إلغاء التشريع الفرنسي القديم.

وقد تم تحديد قانون الأسرة مرة أخرى بموجب الشريعة الإسلامية، وتنص المادة 1 من القانون المدني الجزائري لعام 1975على أن الشريعة هي المصدر المتبقي للقانون، أي أنه في حالة عدم وجود نص محدد، يجب على القضاة أن يحكموا على أساس الشريعة الإسلامية.

وأشارت إلى أن قانون الأسرة هو رد فعل لحزب جبهة التحرير الوطني، وهو الحزب الوحيد في تلك الفترة خاصة وأن الجزائر بعد الاستقلال من 1962 ـ 1984 كانت تعمل بوصفتين قانونيتين، بالإضافة إلى أنها كانت تعمل على التطور ومواكبة كل ما هو جديد.

وبينت أنه بالنسبة للقانون فلم يتغير شيء فعلى المرأة أن تطيع زوجها الذي هو رب الأسرة، والخضوع للسلطة وأن تقبل ولاية أبيها أو زوجها أو أحد أقربائها أو القاضي، ويحظر القانون التبني ويسمح بتعدد الزوجات والطلاق، ويعاقب على عدم المساواة بين الإخوة والأخوات في مسائل الميراث، فالابن يحصل على نصيبين والبنت نصيب واحد فقط.

ولفتت إلى أنه "في عام 2005 اعتمدت الجمعية الوطنية مرسوماً يعدل ويكمل قانون الأسرة، وقد تمت دعوة الإسلاميين، الذين أرادوا الحفاظ على الولي كوصي على الفتاة أثناء إتمام الزواج وتعدد الزوجات، والتقدميين، الذين دعموا المساواة بين الجنسين في الأسرة، إلى إعادة تأكيد مواقفهم خلال عرض مجلس الإدارة لمشروع قانون مراجعة الأسرة، ووجدت الناشطات النسويات أنفسهن محصورات في فخ النهج الذي اتبعته الحكومة، ودخلن في نقاش مسدود مع الإسلاميين، وأعربن عن خيبة أملهم إزاء التعديلات الضعيفة التي اعتمدها المجلس، وهي التعديلات التي رفضتها بعض الجمعيات النسوية وطالبت بإلغاء قانون الأسرة".

وأوضحت أنه بخصوص الوصاية على الأطفال وحضانتهم في الزواج، يمارس الأب الوصاية، ويمكن لكلا الوالدين الحصول على الحضانة، في حالة غياب الأب أو عجزه، ويمكن للأم ممارسة الحضانة المؤقتة، ويحق لها طلب المساعدة الطبية الطارئة أو السماح بالتدخل الجراحي لطفلها، وفي حالة الطلاق تنتقل الحضانة أولا لأم الطفل، ثم للأب، ثم لجدة الأم، ثم لجدة الأب، ثم للعمة، ثم لأقرب الأقارب، من أجل توفير المصالح الفضلى للطفل.

وأضافت أنه لم يكن للأب حضانة فعليه أن يؤدي النفقة بقدر استطاعته، إن رفض دفع نفقة الطفل يرقى إلى مستوى جريمة التخلي عن الأسرة ويعاقب عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات وغرامة، وتقع على عاتق الرجل مسؤولية توفير السكن اللائق لزوجته السابقة وأطفاله، وفي حال عدم تطبيق ذلك يتم تغطية الإجار على الأقل، وفي حالة حصول الزوجة على حضانة الأطفال تبقى في منزل الأسرة لحين تنفيذ أي قرار قانوني يتعلق بالسكن.

من جانبها قالت الناشطة النسوية ياسمينة شواقي إحدى مؤسسات جمعية ثروة نفاطمة نسومر، وواحدة من المشاركات في حملة 20 عاماً ضد قانون الأسرة إن "هذا القانون هو اتفاق بين المملكة العربية السعودية وجاء ليدفعنا إلى الوراء ويفرض علينا الذهنية الوهابية".

وتطرقت الناشطة الحقوقية عضوة في جمعية التغيير والديمقراطية في الجزائر صنهاجة أقطوف، إلى أن قانون الأسرة لم يتم اعتماده وتقنينه عام 1984 هباءً وإنما جاء بعد عدة محادثات وبعد أن تم رفض بعض المقترحات نظراً للظروف السياسية الصعبة التي مرت بها البلاد، لافتةً إلى أن قانون الأسرة لم يكن خطوة سهلة خاصةً بعد العديد من الإصلاحات.