'منع نشر جرائم قتل النساء يعيق مواجهة آثارها المجتمعية'
أكدت الصحفية بهرا عمر، على أنه في الوقت الذي تحاول فيه النساء إثبات قوتهن وإبراز قدراتهن، فإن العقلية السلطوية في إقليم كردستان لا تقبل إعادة إحياء هذا التاريخ النضالي.

هيلين أحمد
السليمانية ـ يُعتبر النظام الأبوي عاملاً رئيسياً في انتشار العنف في المجتمعات، حيث أن النظام الرأسمالي يمثل أيضاً سبباً للعنف ضد النساء خاصة في الشرق الأوسط، حيث هناك العديد من الظواهر غير المرغوب فيها التي تظهر داخل المجتمع، والتي تهدف إلى السيطرة على إرادة النساء.
تاريخ العنف ضد النساء قديم، وقد تغيرت أشكاله مع مرور الزمن ووفقاً للظروف المجتمعية، ففي إقليم كردستان وبناءً على العقلية السائدة ونمط السلطة السائد، فإن العنف ضد النساء يستمر في الزيادة، بالإضافة إلى ذلك، فإن قضايا النساء لم تصبح بعد قضايا سياسية داخل المؤسسات والبرلمان، مما يؤخر حصولهن على حقوقهن الكاملة، كما أن منع نشر الإحصائيات المتعلقة بقتل النساء في إقليم كردستان يعتبر عاملاً آخر يُساهم في زيادة هذه الجرائم، علاوة على ذلك فإن تقييد قطاع التعليم وعدم توعية المواطنين عبر المؤسسات التعليمية، إضافة إلى عدم تطبيق القوانين بشكل عادل وسوء التعامل مع القضايا المتعلقة بقتل النساء في المحاكم كلها عوامل تؤدي إلى زيادة عدد الجرائم المرتكبة ضدهن.
تعطيل التعليم سبب آخر لزيادة جرائم القتل
وقالت الصحفية بهرا عمر إن قلة تغطية عمليات القتل عبر وسائل الإعلام يؤدي إلى تزايد عمليات القتل الجماعي، خاصة أن قتل النساء في تزايد مستمر، وتعديل القوانين وسوء معالجة قضايا قتل النساء "للعنف ضد المرأة تاريخ طويل والذي تغير بمرور الوقت، والآن يواجه إقليم كردستان أنماطاً مختلفة من الجرائم، حيث شهد الإقليم زيادة في عمليات القتل الجماعي، مما أدى إلى فرض قوانين تمنع الكشف عن هذه الجرائم"، لافتةً إلى أنه "قبل سنوات تم اتخاذ قرار بمنع نشر إحصائيات جرائم قتل النساء، حيث تُدار هذه القضية من قبل الجهات المسؤولة بطريقة منظمة بهدف التغطية عليها ومنع تداولها في المجتمع، حيث يتم وضع قيود على تغطيتها مثل عدم عرض صور الضحايا على الشاشات وشبكات التواصل الافتراضي، أو حظر المقابلات مع الأشخاص المقربين من الضحايا أثناء التغطية، تمنع هذه العقبات أي فرد في المجتمع من الوصول إلى القضايا التي أدت بالمجتمع إلى القتل".
وأشارت إلى أن "الاستبداد يتزايد باستمرار في المنطقة، وتنعكس هذه العقلية في جميع القطاعات الحكومية، فعندما تذهب إلى مؤسسة حكومية من خلال عمل المؤسسة يخلق مشاكل للأهالي، حيث ينبغي للمحاكم أن تعمل على السلام وحقوق الإنسان خاصة حقوق المرأة، لكن القضايا في المحكمة يتم التعامل معها بالقوانين وجلسات المحكمة لفترة طويلة، ثم تتعامل القوانين مع القضايا بعقلية ذكورية، ففي حين أن كل المصالحات القبلية تقرر ضد حقوق المرأة، وخاصة في قضايا القتل، حيث تتم معاقبة الجاني بعقوبة مخففة أو تنتهي بالمصالحة القبلية".
"الحظر القانوني يخلق عقبات أمام حرية الإعلام"
وعن غياب القوانين التي تحظر امتلاك الأسلحة غير المرخصة قالت بهرا عمر، إن غياب تلك القوانين أدت إلى ارتفاع معدلات جرائم القتل بين الأهالي خاصة النساء، حيث إن وجود الأسلحة في المنازل الكردية دون قوانين تنظيمية صارمة من قبل المحاكم، كان عاملاً رئيسياً في تزايد عمليات قتل النساء في إقليم كردستان، فخلال الأيام الماضية شهدت المدن الكردية العديد من جرائم القتل الجماعية باستخدام هذه الأسلحة، حيث ارتكب الرجال جرائم قتل جماعية داخل أسرهم، وكانت النساء أول الضحايا، مؤكدةً أنه على البرلمان والجهات المعنية بذل جهوداً لحل هذه الأزمات والبحث عن الأسباب الأساسية وراء هذه الجرائم.
ونوهت إلى أن دور بعض الصحفيين في المنطقة يقتصر على التحقيق في القضايا والبحث عن أسباب جرائم قتل النساء، بينما يعمل البعض الآخر على تعزيز خطاب معين داخل المجتمع، بحيث يتم الترويج لأفكار تبرر العنف، وتعمل على تحويل بعض قضايا النساء إلى قضايا أخلاقية بحتة بدلاً من الاعتراف بها كجرائم قائمة بذاتها.
ولفتت إلى أن جذور هذه المشاكل تعود إلى العقلية والسلطة التي تحكم المجتمع، ومع أن هذه الفكرة تنبع من البيئة الشرق أوسطية إلا أنها لم تتسبب في تراجع وتدمير العقلية في المجتمع الكردي، ويتم اتخاذ القرار من خلال الأساس، فالمرأة تكرر تاريخ قيادة المرأة بقدراتها، إن العقلية الاستبدادية في إقليم كردستان لا تقبل هذا التكرار للتاريخ لذلك من خلال الدراما والإعلام وتشويه التقاليد الكردية وأي منصة أخرى من منصات الشبكات الاجتماعية، يحاولون تدمير التقاليد الكردية، وتدمير إرادة النساء فهذه السياسات تُطبق بشكل منهجي للقضاء على دور النساء داخل المجتمع.
وأضافت أن وسائل الإعلان تعمل بشكل منهجي على قضايا قتل النساء بهدف توجيه المجتمع نحو منع هذه الجرائم، وذلك من خلال العناوين والمنشورات في وسائل التواصل الافتراضي، حيث يُناقش القتل تحت مسمى "جرائم الشرف"، مما يدفع المجتمع تدريجياً إلى تقبّل قرارات حظر نشر تفاصيل هذه الجرائم، حيث إن ترسيخ هذه الفكرة في أذهان الأهالي يُرضي السلطات ومن يسعى لتدمير النسيج الاجتماعي، لافتةً إلى أن الأكاديميون والإعلاميون المدافعون عن الحقوق يواجهون صعوبة في قبول هذه القرارات، وذلك لأن مستوى الوعي المجتمعي مرتبط بكيفية تشكيل السلطات للفكر العام "إن وعي المجتمع مرتبط إلى حد كبير بالسياسات التي تؤثر على تفكير الأهالي، ولذلك يسعى الإعلام المستقل إلى توعية الأفراد، فيما تعمل النساء الناشطات على مواجهة القضايا النسائية كذلك يلعب قطاع التعليم والمعلمون دوراً في توعية المجتمع والطلاب من خلال طرح هذه القضايا في المناهج الدراسية".
وأكدت أن حرية الإعلام في إقليم كردستان أصبح ضحية داخل المجتمع، حيث أن توصيل الرسائل الإعلامية يكلف الصحفيين حياتهم ويعرضهم للخطر، وإذا قامت صحفية بالعمل بجرأة على قضايا النساء، فإنها تواجه عراقيل خطيرة تهدد عملها، مشيرةً إلى أن منع تغطية جرائم قتل النساء لا يمنع النساء من المطالبة بحقوقهن، كما أن الإعلام المستقل لا يتوقف عن العمل فقط عند هذا الحد، بل إن هناك توقعات بزيادة القيود على الصحفيين العاملين في هذا المجال مستقبلاً، حيث أن القوانين الجديدة تحاول تقييد حرية النساء الصحفيات.
وقالت في ختام حديثها أن الصحفيين والصحفيات في إقليم كردستان، قد يختارون الصمت، ولكن في المستقبل، فإن الصحفيين والناشطين في مجال حقوق النساء قد يواجهون أوضاعاً أكثر صعوبة، لذلك، فإن التعاون وتوحيد الأصوات أمر ضروري لتحقيق إنجاز كبير في هذا المجال.