مختصات بالفلسفة: نريد نسوية نابعة من فكر فلسفي نقدي يحترم خصوصية المنطقة
دعت نسويات في تونس إلى تأسيس فكر نسوي عربي يضم أطيافاً مختلفة بفكر فلسفي نقدي مقاوم لكل أشكال الهيمنة الذكورية والاستعمارية، يكون بعيداً عن مفهوم النسوية ثاوية المرتبطة بالغرب.
زهور المشرقي
تونس ـ نظّمت مؤسّسة الفكر العربيّ بالشراكة مع معهد تونس للفلسفة، أمس السبت 11 أيار/مايو ندوةً متعدّدة الجلسات بمدينة الثقافة بالعاصمة تونس، تحت شعار "نحو تفكر فلسفي عربي جديد"، وبمشاركة نخبة من المفكرين/ات والمختصين/ات بالفلسفة منتمين إلى دول عديدة.
تم اختيار شعار الندوة "نحو تفكر فلسفي عربي جديد"، في ظلّ تنامي الحديث عن موت الفلسفة، وما تشهده بالمقابل المنطقةُ العربيّة في مشرقها ومغربها من حراك فلسفيّ ملحوظ، وأطلق في ختام الندوة كتاب "العرب والحراك الفلسفي اليوم" الصادر عن مؤسّسة الفكر العربي.
وتناولت الندوة التي استمرت على مدى ثلاث أيام، واقع ومستقبل الفكر الفلسفي العربي ومعوقات الإبداع وآفاق الفلسفة النسوية الغربية وكيفية نهوضها وأهمية تعليم الفلسفة للأطفال لمجابهة العنف.
وقالت الدكتورة في الفلسفة حياة الوسلاتي حمدي، إنها شاركت بمداخلة بعنوان "نحو فكر نسوي عربي، حاولت من خلالها إثبات أن هناك فلسفة عربية نسوية لكنها فلسفة عفوية وثاوية غير واعية بذاتها وهو ما يحيل إلى عدم وجود نظرية نسوية عربية؛ لكن هذا لا يمنع من وجود فلسفة نسوية ثاوية تعيش ضرباً من الفوضى المفهومية وغير مؤسسة للممارسة التي تمارسها المرأة الناشطة سياسياً في الفضاء العمومي"، معتبرة أنه من خلال تجربتها في الجمعيات النسوية استنتجت إنه لا يوجد فكر مساوق ومنظر لهذا الحراك النسوي العربي، وحان الوقت للتأسيس نظرياً لهذا النشاط النسوي في كل البلاد العربية.
وأكدت أن السبيل لتجاوز هذه الفلسفة الثاوية غير الواعية بذاتها هو تأسيس ضرب جديد من التفلسف النسوي العربي القائم على الوعي عبر توطين النظرية النسوية في المنطقة ومقاومة كل ضروب الهيمنة أي أنها فلسفة نقدية من جهة نظرية ابستمولوجية وفلسفة مناضلة من جهة الممارسة العملية السياسية في الفضاء العمومي، معتبرة أنها ليست فقط مقاومة كما تدعو لها النسويات العربيات اليوم ضمن محاربة الهيمنة الذكورية بل هي مقاومة لكل ضرب وأشكال الهيمنة التي تلاحظ في شاشات التلفزيون أي مقاومة قوى الهيمنة الكوريالية الاستعمارية ومقاومة القوى التي تدفع بالسلاح لقتل المرأة في غزة وسوريا والعراق واليمن وليبيا وغيرهم "هي فلسفة نقدية مقاومة لهذا الشكل الاستعماري من الفكر النسوي لسكان الشمال أي للنسوية البيضاء، نريدها نسوية ملونة عربية تؤسس نظرية خاصة بها ولها الحلول الخاصة بها".
من جانبها أكدت الأستاذة في الفلسفة هدى الكافي، على أهمية تعليم الفلسفة للأطفال والنساء، متطرقة إلى تجربة عاشتها مع الأطفال خلال ورشة تحدثوا فيها عما يريدون تغييره في ذاتهم، لافتة إلى أن الغالبية أكدوا أنهم يطمحون لإخراج العنف بداخلهم وتغييره "استغربت حين استمعت للأجوبة وكيف لطفل أن يعترف بأنه عنيف، ركزت على مسألة العنف التي تحتاج للاهتمام وبدأت العمل بتوجيه سؤال للأطفال عن شكل العنف الذي يمارسونه، الذي يتراوح بين العنف اللفظي باستعمال كلمات بذيئة وغير لائقة إلى العنف الجسدي، أيقنت أن هؤلاء الأطفال لم يتعرضون للعنف فقط بل يمارسونه".
وأشارت إلى ممارسة بعض الأطفال للعنف على زملائهم ونفوذهم عليهم، ما يحتم عليهم المطالبة بالتخلص من الخوف، معتبرة أن هناك تقصير من المدرسة في حماية الأطفال من العنف الممارس فيما بينهم ومحاربته عبر التوعية حيث لا تقوم بالدور الكامل الذي تضطلع به.
وبينت هدى الكافي أن "مصادر العنف كثيرة ومتنوعة والضروري أن الورشات الخاصة بالطفل تشعره بالراحة لأنه يجد شخصاً بالغاً يسمعه ويفهم ما يعايشه وهي ورشات جيدة تعلم الأطفال أننا نستطيع أن نعي خطورة العنف وهو ما تم تسجيله وأن يفهم كيفية التحكم في العنف الذي بداخلهم ويجدون لأنفسهم وغيرهم حلولاً وبالتالي أعتقد أن الحوار هو الذي يحصننا من العنف والتربية على الحوار هي التي تجعلنا قادرين على حل مشاكلنا بالكلام واللغة والتواصل ليس باللكمات والضرب والسكاكين".