مجزرة كوباني... مأساة وآلام لا تنسى

تمر اليوم الذكرى التاسعة على مجزرة كوباني التي ارتكبها داعش وراح ضحيتها 242 مدنياً بينهم نساء وأطفال.

نورشان عبدي

كوباني ـ يصادف اليوم الـ 25 حزيران/يونيو الذكرى التاسعة لمجزرة كوباني التي راح ضحيتها 242 مدنياً، وبالرغم من مرور تلك السنوات لازالت هناك الكثير من الآلام والقصص والذكريات المؤلمة التي بقيت عالقة في أذهان النساء اللواتي كن نجون من المجزرة.

اُرتكب بحق الشعب الكردي عبر التاريخ مجازر عديدة من قبل القوى المهيمنة والسلطوية والرأسمالية بهدف القضاء على إرادة الشعب وإبادته، وإحدى هذه المجازر ارتكبت في مدينة كوباني بإقليم شمال وشرق سوريا، وراح ضحيتها 242 مدنياً على يد مرتزقة داعش المدعومة من تركيا في الـ 25 حزيران/يونيو 2015.

فبعد خمسة أشهر من تحرير مدينة كوباني من داعش، بقوة وإرادة الشعب الكردي ومقاومة ونضال وحدات حماية الشعب والمرأة في السادس عشر من كانون الثاني/يناير عام 2015، هاجم المرتزقة المدينة وقراها مرة أخرى، انتقاماً لهزيمتها بدعم من الاحتلال التركي، مرتكبة مجزرة مروعة بحق النساء والأطفال والرجال وكبار السن، ففي صباح الخامس والعشرين من حزيران/يونيو من ذات العام، استيقظ أهالي مدينة كوباني في إقليم شمال وشرق سوريا وقرية برخ بوطان على أصوات أزيز الرصاص والقتل والرعب، عاش الجميع آلاماً لا توصف وحتى هذا اليوم لم يستطيعوا نسيان ما حدث.

تلك المجزرة التي ارتكبت بحق الأهالي والنساء في مدينة كوباني عار على جبين الإنسانية فتركيا من خلال تلك المجزرة أثبتت للعالم أنها لن تتوقف عن نشر المرتزقة وقتل الشعوب وأنها دائماً ومن خلال أي فرصة ستحاول الانتقام لمرتزقتها، وأثبت ذلك عندما قامت في يوم المجزرة بفتح باب المعبر الحدودي "مرشد بينار" الذي يصل كوباني مع شمال كردستان ومن جهة أخرى سهلت مرور داعش من صرين متنكرين بزي قوات حماية الشعب والمرأة، وبذلك تركيا دعمت وسلحت داعش وأدخلتها إلى مدينة المقاومة كوباني.

وحول الأبعاد والخلفيات السياسية والعسكرية لمجزرة كوباني قالت الرئيسة المشتركة لمجلس عوائل الشهداء في مدينة كوباني بإقليم شمال وشرق سوريا سارا خليل "يعتبر شهر حزيران بالنسبة للشعب الكردي وبشكل خاص بالنسبة لأهالي كوباني شهر المأساة والآلام، حيث فقد المئات من العوائل أبنائهم في مجزرة 25 حزيران التي ارتكبت من قبل مرتزقة داعش".

وأوضحت أن شعب كوباني يمتلك القوة والإرادة والروح الوطنية والتي من خلالها استطاع القضاء على مرتزقة داعش والانتصار في تلك البقعة الجغرافية الصغيرة، فما شهدته مدينة كوباني من نضال ومقاومة لم يكن سهلاً بل كانت ملحمة تاريخية، لذلك سميت كوباني بقلعة الصمود ومدينة المقاومة لأن كل شبر من أرضها سقي بدماء أبنائها، وبإرادتهم هزموا أكبر قوة إرهابية شكلت من قبل العديد من الدول على مستوى العالم، فداعش لم تكن قوة محلية بل كانت إقليمية لأنها ضمت المرتزقة من جميع أنحاء العالم".

وأوضحت أنه تم اختيار مدينة كوباني كونه انطلقت منها ثورة التاسع عشر من تموز، كما أنها أول المدن التي دخلها القائد عبد الله أوجلان، مشيرة إلى أن المجزرة كان مخطط لها ففي البداية ارسلت تركيا الاستخبارات لتوضح للمرتزقة طبيعة المدينة ومن ثم دعمتهم بالأسلحة ووضعت لها خطط لتتسلل إلى داخل المدينة بزي قوات حماية الشعب والمرأة وفي الـ 25 نفذت خطتها وارتكبت مجزرة مروعة بحق الأهالي.

وأشارت إلى دور المرأة الريادي في انتصار المقاومة والقضاء على تلك المخططات "عندما ارتكبت داعش المجزرة حملت العديد من النساء في المدينة السلاح لحماية أحيائهن ومنازلهن وأطفالهن، وساهمن مع القوات في حماية مدينتهن فنحن شعب مهما حاولت الدول المهيمنة القضاء علينا سيكون النصر حليفاً لأننا لا نعرف الاستسلام ولن نتخلى عن مبادئنا وسنحمي مكتسباتنا ونحافظ عليها".

 

 

آلامهن تتجدد في كل ذكرى

مرت تسعة أعوام على ارتكاب مرتزقة داعش المجزرة وحتى يومنا هذا النساء اللواتي كن متواجدات وشاهدات على مجريات المجزرة لم تنسين ما عشنه وفي كل ذكرى تتجدد آلامهن من جديد، وخانم علي (35) إحدى هؤلاء النساء تقول "بعد انطلاقة الثورة من مدينتا كنا نعيش بأمان وسلام واستقرار، لكن تركيا ومرتزقتها لم تتحمل ذلك ودعمت مرتزقة داعش لتحاربنا فهاجمت مدينتا وهي معتقدة بأنها ستتمكن من القضاء علينا ولكن قواتنا وأبناء شعبنا لم يسمحوا لها بتحقيق أهدافها وجعلوا بقوتهم وإرادتهم هذه المدينة مقبرة لكل مرتزق".

وأضافت "بعد أشهر من انتصار المقاومة بدأت حركة عودة الأهالي إلى المدينة اليت كانت شبه مدمرة نتيجة للحرب والمقاومة التي دارت بين قواتنا وبين مرتزقة داعش، للمساهمة في إعادة بنائها، لكن تركيا لم يرق لها ذلك لذا دعمت وجهزت المرتزقة وأدخلتها إلى مدينتنا لترتكب مجزرة بحق الشعب".

وعن فقدان زوجها لحياته نتيجة للمجزرة بينت أنه "استيقظنا في الساعة الخامسة صباحاً على صوت الرصاص حينها كان زوجي يعمل في قوى الأمن الداخلي، مر ثلاث رجال واحد منهم جريح وطلبوا من زوجي المساعدة ولكن كان يقول بأن قوات حماية الشعب هم من حاولوا قتله، فذهب زوجي مع الرجال من أجل معالجته، بعدها حاولت الاتصال بعائلتي وعلمت بأن داعش هاجمت المدينة بزي القوات وتقوم بقتل الأهالي، في ذلك الوقت سيطر الخوف علينا وبدأ الأهالي بترك منازلهم خوفاً من المرتزقة، بعد تحرير المدينة مرة أخرى من داعش بحثنا عن زوجي ورأيته كان مستشهداً في الطريق بالقرب من مركز باقي خدو للثقافة والفن".

 

"نطالب كافة الدول بأخذ مرتزقتهم من مناطقنا"

من جانبها قالت جيهان بوزان (32) عاماً من مدينة كوباني بمقاطعة الفرات بإقليم شمال وشرق سوريا "نحن كشعب في مدينة كوباني عشنا الكثير من المأساة في ظل داعش حيث تهدمت منازلنا وهُجرنا من مدينتنا، ارتكبت داعش مجزرة بطرقية وحشية بحق أبناءنا، أين كان العالم وأين هي الإنسانية لتحاسب تلك المرتزقة التي شاهدنا بأعيننا كيف كانت يتم دعمها من قبل تركيا التي أرسلتهم لقتل أبنائنا؟ ما الذنب الذي ارتكبناه لكي نُقتل ونحن نائمين؟ فقط لأننا كرد يحكم علينا بأن نعيش هذه الآلام".

وأوضحت أنه في كل ذكرى للمجزرة تتجدد آلامهم وفي كل ذكرى تعود لهم ذكريات ذلك اليوم الأسود، "في هذا اليوم كما انتقمت تركيا لمرتزقتها وارتكبوا مجزرة بحقنا، سننتقم منهم"، مؤكدة أن "هدفهم كان القضاء على إرادة الشعب الذي قتل بروح واحدة ضد المرتزقة في مقاومة كوباني، فانتصرت إرادتهم وقوتهم على أسلحتهم ومعداتهم العسكرية".

وقالت "حتى يومنا هذا هنالك خطورة كبيرة على الأهالي في ظل تواجد مرتزقة داعش في سجوننا لذلك نحن كأهالي شهداء المجزرة نطالب العالم والدول التي لديها مرتزقة في مناطقنا بأن تأخذ مرتزقتها وتحاكمها وتحاسبها في بلدانها، ومثلما داعش تسببت بمأساة المئات من الأهالي يجب أن يتم محاسبتهم على ما فعلوه بحق الشعب الكردي والمجازر التي ارتكبوها".