مجزرة حلنج إحدى محاولات القضاء على ثورة المرأة

زهرة بركل وهبون ملا خليل والأم أمينة اللواتي لعبن دوراً في ثورة المرأة، انتشرت أسمائهن في جميع أنحاء البلاد، واليوم تواصل آلاف النساء النضال نفسه على خطاهن ويوجهن ضربات موجعة للنظام الذي يهدف إلى قتل النساء.

برجم جودي

كوباني ـ كانت المرأة دائماً مركز الإبداع منذ بداية البشرية وفي جميع مراحل التاريخ، ورغم كل هجمات نظام الدولة الذكورية المهيمنة، إلا أنها حققت نضالات وإنجازات كبيرة في كل قرن، تعتبر المرأة الكردية القرن الحادي والعشرين هو قرن حرية المرأة، ونرى أنه في كردستان والشرق الأوسط والعالم، تتجمع آلاف النساء من مختلف الخلفيات والأمم والأعراق حول فكر حرية المرأة.

عندما ترى القوى المهيمنة ونظام الدولة القومية تهديدات بهزيمتها في أي منطقة، تدخل على الفور في حالة الهجوم وتحاول حماية وجودها بأي وسيلة، يتم تنفيذ هذه الهجمات بشكل فعال ضد القادة والرجال في المجتمعات، ولكن عندما تنهض وتنتفض المرأة المستعبدة من قبل النظام ضد هذه العقلية وتتحلى بالوعي وتأخذ زمام المبادرة في إصلاح وتغيير النظام الذي يرتكب المجازر والإبادات الجماعية بحق النساء والمجتمعات، فما نوع الهجوم الذي ستواجهه؟

وتظهر هذه الحقيقة نفسها اليوم حيث يمكن للمرء أن يذكر عشرات الأمثلة على ذلك، ويظهر ذلك بشكل خاص في ثورة المرأة في روج آفا بإقليم شمال وشرق سوريا.

 

النموذج الذي ظهر في ثورة المرأة هو الطريق إلى التحرر

في الوقت الذي تواجه فيه النساء في كل مكان العنف والقتل والظلم والهجرة والاغتصاب والإبادة الجماعية، تقود النساء في روج آفا، استناداً إلى أيديولوجية قائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان، عملية إنشاء نظام وحياة حرة ومتساوية وديمقراطية وبيئية، وفي هذا الصدد استطاعت المرأة أن تحقق العشرات من الإنجازات السياسية والقانونية والتعليمية والتنظيمية والإعلامية والثقافية والفنية وفي كل مجال تبين غياب حضور المرأة فيه، ابتداءً من مؤتمر ستار إلى تجمع نساء زنوبيا، مجلس المرأة السورية، وحدات حماية المرأة (YPJ)، علم المرأة (جينولوجيا)، الهلال الذهبي، دار المرأة، اقتصاد المرأة، أكاديميات المرأة، قرية المرأة، قوانين المرأة، نموذج الرئاسة المشتركة ونموذج التمثيل المشترك و50% من حصة المرأة في الانتخابات، جميعها نتيجة نضال المرأة وتضحياتها.

وكما ذكرنا أعلاه، فإن النظام الذي يهدف إلى قتل النساء والمؤيدين للحرية لا يسمح لنظام بديل يهدد وجودهم بأن يسير بسلاسة، ولهذا فإن استهداف قيادة ونظام وتنظيم ثورة المرأة يتم من خلال استهدافها عسكرياً، ومن خلال الحرب الخاصة والقصف، والحرب الاقتصادية والسياسية وما إلى ذلك. وفي هذا السياق، نفذ الاحتلال التركي ومرتزقته، وهم الأكثر عداوة لهذه الثورة، عشرات المجازر بحق النساء في السنوات الماضية وحتى الآن، القياديات والمقاتلات في مجالات الدفاع عن النفس، اللاتي يقدن السياسة الديمقراطية، والذين يهدفون إلى تنظيم المرأة والمجتمع، والذين يبنون أطفالاً وأُسراً أخلاقية وسياسية، يتم قتلهم على يد الدولة التركية بطرق مختلفة، والمثال الملموس على ذلك مجزرة حلنج في 23 حزيران/يونيو2020.

 

مع مجزرة حلنج بدأت المحاولات للقضاء على ثورة المرأة

في 23 حزيران/يونيو 2020، ولأول مرة، استهدفت الدولة التركية بشكل مباشر النساء اللاتي لهن أدوار مهمة في الثورة بالطائرات المسيرة، في مثل هذا اليوم قصفت الدولة التركية بطائرة SIHA منزل عضوة في تنسيقية مؤتمر ستار في قرية حلنج شرق كوباني، ونتيجة لهذا الهجوم فقدت كل من عضوة منسقية مؤتمر ستار زهرة بركل، ومديرة مؤتمر ستار في شيران هبون ملا خليل، وصاحبة المنزل الذي تعرض للقصف أمينة ويسي حياتهم، كما تعرض المنزل الذي تم استهدافه لأضرار جسيمة.

وهذا الهجوم الذي حدث كان بداية استهداف الاحتلال التركي للنساء بشكل مباشر، والذي بدأ مع تنظيم مؤتمر ستار الممثل لثورة المرأة، واستمراره على هذا المنوال وبهذا الهجوم أظهر بوضوح نواياه تجاه ثورة المرأة وقياداتها وفتح جبهة جديدة.

 

زهرة بركل عنوان القرار

زهرة بركل تنحدر أصولها من قرية برخ بوتان جنوب كوباني، ولدت عام 1987 في عائلة مكونة من 5 أخوات و4 إخوة، أنهت دراستها للمرحلة الابتدائية والثانوية في كوباني، درست الحقوق، ذهبت إلى مدينة حلب حيث درست لمدة عامين، وبسبب وفاة والدها عام 2013، كانت سنداً قوياً لأمها وأخواتها وإخوتها ولم تشتكي أبداً من مسؤولية الأسرة، بل على العكس من ذلك، جمعت الأسرة مع بعضها البعض بحب وحماس كبيرين.

مثل الآلاف من الفتيات والفتيان الكرد، كان قلب زهرة بركل ينبض باستمرار من أجل الحرية والاستقلال، لذلك تمكنت قبل انطلاق الثورة النسوية من تطوير نفسها في مجال اللغة الأم، حيث قامت بواجب تعليم وتثقيف المئات من الأطفال والشباب والنساء لغتهم الكردية، ولذلك انضمت إلى موجة الثورة بنفس الحماس والإصرار، هكذا بدأت رحلتها نحو الحرية، حيث شاركت في دار المرأة والهلال الأحمر الكردي ومجلس العدالة والرئاسة المشتركة لبلدية كوباني وأخيراً عام 2018 في تنسيقية مؤتمر ستار، لقد طورت نفسها خطوة بخطوة ونظمت آلاف النساء من خلفيات مختلفة، وأظهرت في موقفها وعملها فكرة تحرير المرأة وديمومة ثورتها، لتصبح بذلك أحد المناضلين وعنوان اتخاذ القرار من أجل الحرية.

 

هبون ملا خليل مناضلة وقائدة ورائدة لمدة 21 عاماً

هبون كوباني الاسم الحقيقي بديا ملا خليل ولدت عام 1981 في قرية حلنج ونشأت في عائلة تعرفت على القائد عبد الله أوجلان، وخلال المؤامرة الدولية في 15 شباط/فبراير 1999، ضده اتخذت قرارها بالانضمام إلى قوافل حرية كردستان، حيث بدأت رحلتها كثائرة، في الوقت الذي بدأ فيه شعب روج آفا ثورة 19 تموز/يوليو، ظهر حب هبون كوباني لأرضها ووطنها وأصبحت جزءاً من الثورة، بعدها، وفي مرحلة مقاومة كوباني ضد مرتزقة داعش، شاركت في الحرب كقائدة لوحدات حماية المرأة ولعبت دورها في تغيير مصير المقاومة، وأخيراً، وبخبراتها في مجال الثورة والقيادة، انضمت إلى العمل في منظمة مؤتمر ستار، ورغم إصابتها بسرطان الثدي، لم تتخل عن النضال ومسيرة حرية المرأة، لقد خدمت هبون ملا خليل النساء ومجتمعها لمدة 21 عاماً من حياتها، وتركت بصمتها على ثورة الحرية بتضحيات كبيرة وجهود كبيرة.

 

أمينة ويسي... أم الثورة

أسفرت المجزرة التي وقعت عن مقتل صاحبة المنزل أمينة ويسي البالغة من العمر 56 عاماً، أم لفتاتين وأربعة أولاد، من قرية حلنج، وعُرفت في القرية بتفهمها وشخصيتها المضيافة والثورية، فضلاً عن تعمقها بفكر القائد أوجلان وحركة الحرية، لذلك مر العشرات من مقاتلي وقيادات حركة الحرية بمنزلها، كما أن أمينة ويسي ربت أطفالها على هذه المبادئ، وأدى اطلاعها على فكر وفلسفة القائد أوجلان إلى غياب الأفكار المتعصبة والرجعية والمحافظة في عائلتها، وبدلاً من ذلك تكون أشخاص يدركون حقيقة المرأة والمجتمع، كما مهدت الطريق أمام أبنائها، وخاصة الفتيات، لتطوير أنفسهم وتحقيق أحلامهم، وكانت تدعمهم دائماً، بهذه الطريقة ظهرت أمينة ويسي على أنها أم الثورة، وشخصية الأم القائدة.