مجزرة بيازيد ستظل في ذاكرة التاريخ

بالرغم من مرور عقود على مجزرة بيازيد، لم تعقد أي محاكمة تبعث على الطمأنينة، حيث تم التستر على الحادثة وأبقيت التفاصيل سرية.

مركز الأخبار ـ في السادس عشر من آذار/مارس عام 1978، في حوالي الساعة 13:45، حدثت مجزرة في حرم جامعة بيازيد بمدينة إسطنبول في تركيا، لقي على إثرها 7 طلاب مصرعهم وأصيب 41 طالباً في الهجوم بالقنابل والقتال المسلح الذي أعقبه.

قبل الدخول في تفاصيل هذا اليوم التاريخي، من الضروري النظر إلى ما كان يحدث حينها في تركيا، دخلت تركيا 1978 مع حكومة بولنت أجاويد أزمة اقتصادية، كانت من أكثر الأيام التي تم التحدث فيها عن الأزمة الاقتصادية وكانت المعيشة فيها تزداد صعوبة، في تلك المرحلة كانت هناك صراعات ونزاعات جعلت الظروف فيها أكثر صعوبة، فالفوضى التي ظهرت مع مجزرة تقسيم في الأول من أيار/مايو عام 1977، انتشرت في كل مكان تقريباً، كان يخاض حينها حرباً داخلية بلا مسمى محدد، حيث كان الجميع في تركيا هدفاً.

 

حوصرت الجامعات من قبل الفاشيين وقوى الأمن

كان الحرم الجامعي من أكثر المناطق التي شهدت توتراً، كان حزب الحركة القومية MHP, يقوم بالترهيب في العديد من المجالات متمركزين على تنظيم الذئاب الرمادية، لم يسمح الفاشيون المتمركزون في الجامعات للطلاب الثوريين بدخول المدارس، ليس هذا فحسب بل عملوا على إعاقة دراستهم وحركتهم بشكل جماعي، بينما كان الفاشيون يقومون بارتكاب كل هذا كانوا يحصلون على الدعم من قوى الأمن، يقول الأشخاص الذين شهدوا تلك الفترة أن العديد من الجامعات والكليات حينها كانت تحت سيطرة الفاشية، ولكن وعلى الرغم من كل تلك الممارسات بعد مرور فترة، الطلاب الثوار اجتمعوا معاً وخاطروا بكل شيء، حتى لو كان الأمر عن طريق القتال والنزاع، تمكنوا في النهاية من دخول جامعتهم.

 

تغيير ملفت للانتباه

نعم تمكن الطلاب الثوريون من الذهاب إلى مدارسهم وجامعاتهم، ولكن التهديدات ضدهم ظلت مستمرة، الشباب الذين عارضوا بشكل جماعي الهجمات، كانوا يمشون معاً خاصة في النقاط المحددة، وفي الخامس عشر من آذار/مارس عام 1978، قامت مجموعة من الفاشيين من جامعة إسطنبول وبدعم من قوى الأمن، بمهاجمة الطلاب الذين كانوا يغادرون الجامعة بشكل جماعي بالحجارة والعصي، كان على القوى الفاشية أن تتفرق عندما لم تستطع التغلب على المقاومة التي أبديت في مواجهة هذا الهجوم الفاشي، وفي اليوم الثاني حدث تغيير جذب انتباه الجميع، تم تغيير رجال الأمن المتمركزين عند البوابة، وكان يترأسهم حينها المفوض رشاد ألتاي الذي أصبح اسمه معروفاً اليوم من جريمة الاغتيال التي وقعت بحق الصحفي هرانت دينك.

 

ألقيت قنبلة وسط الطلاب

في الساعة 13:45 بدأ الطلاب في الخروج من الباب الرئيسي للجامعة، في ذلك الوقت كان الفاشيون ينتظرون الشباب الثوريين هناك لمواجهتهم بشعارات "بيازيد ستصبح مقبرة للشيوعيين"، وبمجرد وصولهم إلى كلية الصيدلة، ألقيت قنبلة وسط الطلاب وهم يمشون سوياً وبعد سماع صوت القنبلة بدأت أصوات الطلقات النارية أيضاً في الارتفاع، بقي الطلاب محاصرين بين الرصاص، فقد خلال الانفجار 5 طلاب حياتهم، وتوفي طالبان بعد نقلهما إلى المستشفى، كما أصيب 41 طالباً بإصابات مختلفة جراء المجزرة، ومن بين الطلاب الذين فقدوا حياتهم خديجة أوزن، جميل سونمز، باقي إكيز ، توران أورين، عبد الله شيمشك، حميد أكيل، مراد كورت.

 

انقضاء المهلة

تم القيام بكل شيء ولسنوات في سبيل منع التنوير في مذبحة بيازيد، رجال الأمن الذين قاموا بإلقاء القنبلة وأرادوا ملاحقة من أطلقوا النيران أثناء حدوث المجزرة منعهم المفتش رشاد ألتاي، أحد الذين تم إظهاره كواحد من المشاركين في ارتكاب المجزرة، كان زولكف يسوت وقام بالاعتراف بارتكاب المجزرة، ولكنه قُتل قبل حتى أن يتمكن من الكلام، في القضية التي حوكم فيها 17 شخصاً، تم الحكم على الشخص الذي يدعى صديق بولات فقط بالسجن 11 عاماً، وبعدها قامت محكمة النقض العسكرية بإلغاء الحكم الذي صدر بحقه، وتمت تبرئته أيضاً، في 20 تشرين الأول/أكتوبر من عام 2008، وعلى الرغم من الشهود والأدلة قامت المحكمة الجنائية العليا السادسة في اسطنبول باتخاذ قرار "انقضاء المهلة"، وقامت المحكمة العليا بتأييد هذا القرار.

 

الاعترافات التي قدمت بعد سنوات

بعد مرور سنوات على حدوث المجزرة، ظهرت بعض الاعترافات في الواجهة، وورد في الاعترافات بأن القنبلة قدمت من قبل النقيب عبد الله جاتلي، وذكر أنه كان هناك ضابط أمن داخل حافلة صغيرة في موقع المجزرة يدعى مصطفى دوغان، وأن هذا الشرطي هرب فيما بعد إلى ألمانيا، كانت قضية مجزرة الطلاب التي وقعت في 16آذار/مارس 1978 قضية مباشرة لمنظمة مكافحة الكريلا "kontrgerilla"، امتدت علاقاتها إلى الاستخبارات التركية والأمن والجيش أيضاً.