مهرجان تل أبيض الرابع يؤكد على التمسك بالأرض والثقافة

تأكيداً على المقاومة والإصرار على العودة إلى مدينة تل أبيض/كري سبي المحتلة من قبل تركيا ومرتزقتها، أقيم المهرجان الرابع للثقافة والتراث في مخيم تل السمن الخاص بمهجري تل أبيض/كري سبي.

الرقة ـ تميز مهرجان تل أبيض للثقافة والتراث لهذا العام بمشاركة كبيرة، وخلال يومين من فعاليات المهرجان تم رصد جميع الجوانب التراثية لشعوب شمال وشرق سوريا.

انطلقت فعاليات مهرجان تل أبيض الرابع للثقافة والتراث أمس السبت 28 تشرين الأول/أكتوبر تحت شعار "إحياء التراث هو ارتباط بالوطن" في مخيم تل السمن الواقع غربي بلدة تل السمن بثلاثة كيلومترات بين مدينة عين عيسى والرقة بشمال وشرق سوريا.

وكان قد أقيم مهرجان تل أبيض للثقافة والتراث في نسخته الأولى في الشهر السابع من عام 2018 وأقيم المهرجان الثاني قبل أشهر من احتلال تركيا ومرتزقتها لمدينة تل أبيض/كري سبي في عام ٢٠١٩، واستمر إحياء المهرجان في مخيمات النزوح.

وتم التأكيد خلال اليوم الأول من المهرجان على أهمية التراث والثقافة في ظل ما تشهده المنطقة من هجمات تسعى لمحو ثقافة الشعوب، وضرورة الحفاظ على تراث أهالي المنطقة ونقله من جيل إلى جيل، وتضمنت فعاليات اليوم الأول فقرات تراثية ثقافية وفلكلورية كـ عروض الخيول العربية الأصيلة، ورقصات فلكلورية قدمت من قبل عدد من الفرق الشعبية.

وتميز بالحضور النسائي حيث عرضت النساء عدة أعمال ثقافية من تراث الجدات كـ (طحن الحبوب بالرحى، وصناعة خبز الصاج)، الى جانب صناعة السجاد اليدوي التقليدي وغزل الخيوط بالنول اليدوي التقليدي.

 

أمل العودة

إحياء المهرجان الخامس في مدينة تل أبيض/كري سبي محررة هو أمل أهالي المدينة المهجرين منذ عام 2019، تقول الرئيسة المشتركة لمجلس مقاطعة تل أبيض/كري سبي فضيلة محمد أن إحياء التراث ما هو إلا رسالة للمحتل التركي بأنهم صامدون ومقاومون وسيعودون مهما طال الزمن.

وبينت أن الفعاليات الثقافية مهمة فالنازحين لا يبحثون عن سبل العيش فقط إنما يقاومون بطرق مختلفة، مشيرةً إلى أن "المحتل التركي لم ولن ينل من ثقافتنا وتراثنا مهما حاول، هدفنا هو إحياء تراثنا ونقله إلى الأجيال".

وترى أن الاختلاف بين النسختين الأولى والثانية من المهرجان والثالثة والرابعة يكمن في الهدف بحد ذاته، فالتعريف بالتراث وثقافة أهالي المنطقة هو نقطة التقاء في جميع نسخ المهرجان لكن بعد التهجير أصبح المهرجان شكلاً من أشكال المقاومة.

وأوضحت أن كافة أهالي مدينة تل أبيض المهجرين في مخيم تل السمن، شاركوا في المهرجان الذي زرع أمل العودة في نفوسهم "الزي التراثي مقاومة، الفنجان والدلة مقاومة، بيت الشعر مقاومة، بيت الطين مقاومة، سننتصر ونعود ومن هنا نرسل رسالتنا للعدو التركي بأننا عائدون". 

 

 

إحياء التراث مقاومة

أما الرئيسة المشتركة لهيئة الثقافة والفن بإقليم الفرات رودين يوسف أشارت إلى أن مدينة تل ابيض/كري سبي تتميز بلوحة فسيفسائية تضم العديد من المكونات وأن ما يعيشه ويقاسيه أهالي مدينة تل ابيض/كري سبي المحتلة في مخيمات المهجرين، لم يجبرهم على إهمال الجانب الثقافي من حياتهم "أول ما يقوم به المحتل هو محاولة القضاء على ثقافة الشعب ليسهل السيطرة عليه". وأكدت أنه "ليس بالشيء السهل أن يقيم المهجرين مهرجاناً في ظل ما يعانونه من ويلات النزوح".

 

 

أما وزنة الإسماعيل إحدى المهجرات، شاركت بالمهرجان من خلال صناعة خبز الصاج والذي يعتبر من ثقافة شعوب المنطقة وقالت "المهرجان منحنا دافع معنوي للاستمرار بالمقاومة في مخيمات النزوح، ونتمنى أن يكون المهرجان الخامس في مدينة تل أبيض وهي محررة".

 

 

فيما قالت صالحة عطوان أحمد وهي تشارك بصناعة السجاد "تعلمت صناعة السجاد يدوياً منذ كان عمري 16 عاماً"، مبينةً أن الأدوات اللازمة لصناعة السجاد تشمل "خيوط الصوف، وقرن الغزال وسجى التي يربط بها السجاد وعود عريض إلى جانب حجرين متساوين لوضعهم تحت العود والبدء بالعمل".

وأوضحت أن هنالك العديد من الأنواع والأشكال التي يتقنها كل صانع للسجاد اليدوي، تستغرق عملية صناعتها حسب العمل وحسب طول السجاد.

وعن مشاركتها في مهرجان الثقافة والتراث قالت "من خلال مشاركتنا بالمهرجان نثبت مدى احتفاظنا بالثقافة والتراث وأهمية ارتباط المرأة بها، فالثقافة تعتبر تاريخ الشعوب، وعلى كل شخص الحفاظ على الثقافة والتراث وبثقافتنا وتراثنا سنحافظ على وجودنا وتاريخنا، ونظهر للعالم باسره ثقافتنا العريقة من مناطقنا التي تعتبر مهدا للحضارة وسنعود إلى تل أبيض محررة".

 

 

وأما عدولة فريح فقدمت من مدينة دير الزور من أجل المشاركة في المهرجان ومعها الرحى التي تعتبر من أهم الأدوات التراثية القديمة في المنطقة، تقول "تعلمنا كيفية استخدام الرحى لطحن الحبوب من جداتنا وبدورنا حافظنا عليها، إضافةً للعديد من الأدوات القديمة والتي لا زلنا نستخدمها".

وعرض في ختام المهرجان بيومه الثاني، فقرات غنائية ودبكات شعبية كالعزف على الربابة وعرض أبل "جمال"، بالإضافة إلى فقرة غنائية من قبل مركز الثقافة والفن في مدينة الطبقة، وعرض للخيول العربية الأصيلة، وفقرة دحة وهي رقصة بدوية، وغيرها من الفعاليات التي تحاكي ثقافة وتراث الشعوب والمكونات في المنطقة.