مهرجان سلا لفيلم المرأة يختتم فعالياته بتسليط الضوء على واقع السجينات

أسدل الستار عن فعاليات الدورة السابعة عشر للمهرجان الدولي لفيلم المرأة بسلا، حيث سلط الضوء على واقع السجينات بالمغرب وإعادة إدماجهن في المجتمع بعد خروجهن من السجن.

رجاء خيرات

المغرب ـ في إطار فقرة "تقديم مؤلفات لكاتبات مغربيات"، نظمت ندوة صباح أمس السبت 28 أيلول/سبتمبر، قبيل حفل الاختتام قدم فيها كتاب "إعادة الإدماج… سرديات بنون النسوة" وهو تأليف مشترك بين الكاتبة الصحفية ياسمين بلماحي والممثلة والمخرجة المغربية سليمة بن مومن.

صدر الكتاب من قبل مبادرة من المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج بهدف المساهمة في تطوير التمثلات السائدة حول مفهوم الاحتجاز خاصة بالنسبة للنساء، يتكون من جزأين، الأول عبارة عن حكايا على لسان نزيلات المؤسسات السجنية في كل من الدار البيضاء (سجن عين السبع) ومراكش (سجن الوداية).

وذكرت الممثلة والمخرجة سليمة بن مومن أنه في إطار البعد الاجتماعي في مجال العدالة وبغية تحسين الظروف المادية والمعنوية والعناية بنزيلات المؤسسات السجنية، صدر هذا الكتاب الذي يحمل عنوان "إعادة الإدماج… سرديات بنون النسوة" عن منشورات "دار بريمات"، وذلك التزاماً بالمسؤولية الاجتماعية الرامية إلى مكافحة كافة أشكال التمييز والتنميط والأحكام المسبقة بحق النساء.

وأضافت أن هذه التجربة كشفت عما تعيشه النساء السجينات من معاناة بسبب حرمانهن من الحرية أولاً، ثم بوصم العار الذي يلاحقهن مدى الحياة، حيث منحتهن المقابلات التي تم إجراؤها فسحة للحديث عن مشاريعهن وأحلامهن وانكساراتهن.

وفي حديثها عن تفاصيل هذه التجربة الاستثنائية، أكدت أن هذه الأخيرة جعلتها تقترب أكثر من السجينات وأن هذا المشروع منح النزيلات مساحة كبيرة، رغم محدودية الوقت، للكشف عما يختزنه من مشاعر مختلفة تتوزع بين الأمل في معانقة الحرية والبدء من جديد وبين استغلال مدة العقوبة السجنية في إعادة بناء الذات وترميم الشروخ التي أحدثتها هذه التجربة المريرة في حياتهن.

وعن تخصيص الكتاب للنساء السجينات دوناً عن الرجال، أوضحت أن النساء تشكلن الأقلية وسط السجناء عموماً إذ رغم أن نسبتهن تتراوح بين اثنين وثلاثة في المائة من مجموع سجناء المؤسسات السجنية بالمغرب، إلا أن وضعهن له مميزاته الخاصة منها الوصم والإقصاء اللذين تواجههما كل امرأة مرت بتجربة السجن، حيث أنها لا تحرم من حريتها فحسب، وإنما من روابطها الأسرية والعاطفية والمجتمعية على العموم، حيث يلاحقها "العار" الذي لا يزول.

ولفتت إلى أن عبارة "الحبس للرجال" تمنح للرجل فرصة البدء من جديد دون وصم وعار يلاحقه، في حين أن التجربة السجنية تعد أكثر قساوة وعنفاً على النساء اللواتي يصعب عليهن محو هذا "العار" الذي يلتصق بهن طيلة حياتهن ويسد في وجوههن كل الأبواب.

وعن المدة التي استغرقها الاستماع للسجينات، قالت "تمكنا بعد مقبلات تمهيدية مع المسؤولين عن هذه المؤسسات السجنية أن نجالس النزيلات المستجوبات اللواتي تم تحديد هوياتهن من قبل المشرفين على المؤسسة، وقد استغرقت جميع المقابلات يومين، حيث خصص لكل سجينة مدة عشرين دقيقة تقريباً، ولم يكن مسموحاً لنا بالخطأ، لأن أي مقابلة لم تعط النتائج المنتظرة لم يكن من الممكن إعادتها".

كما حرصت الكاتبتان على التنوع في اختيار النزيلات من حيث العمر (تتراوح أعمار المستجوبات ما بين 16 و63 سنة) وطبقاتهن الاجتماعية (أكثر المستجوبات من الفئات الهشة) ومستوياتهن التعليمية (هناك اللواتي لم يتلقين أي تعليم وهناك الحاصلات على الدكتوراه).

وأوضحت سليمة بن مومن، أن الأسئلة التي وجهت للسجينات كانت حول السن والوضع الاجتماعي وظروف وأسباب الاعتقال، لتتنازل الأسئلة بعد ذلك وتتفرع حسب مسار النقاش ومستوى النزيلة التعليمي والاجتماعي وكذا الوعي بمفاهيم الظلم والعدالة والخطأ والجريمة والعقاب.

وأشارت إلى أنه في ختام المقابلات التي أجريت مع السجينات تم استجوابهن حول الأشياء التي تغير فيهن وماذا ينتظرهن بعد مغادرة أسوار السجن نحو مستقبل أفضل، وكيف هو واقع الحال داخل السجن، ثم ما الذي تعلمنه من خلال قضاء العقوبة السجنية، وفي الأخير كيف سيستثمرن هذه التجربة في إعادة الإدماج ومحاولة بدء حياة جديدة، أي كيف يتصورن حياتهن بعد الخروج من السجن وهل هناك مشروع اقتصادي وعاطفي واجتماعي. كلها أسئلة أجابت عنها النزيلات وهن يتطلعن لغد أفضل.

وخلصت بعد سلسلة اللقاءات التي أجرتها مع النزيلات أن لا أحد في منأى عن السجن، حيث أنه من خلال السرديات التي سمعتها على لسان النزيلات تبين لها أن أكثرهن لم يكن على وعي تام بالقوانين والضوابط المجتمعية، وأنهن نادمات على كونهن لم يكن قادرات على حماية أنفسهن من الانزلاق والانحراف.

وفي حفل الاختتام تم الإعلان عن الأفلام الفائزة خلال المسابقة الرسمية، حيث توج الفيلم الفلندي "جو فيدا" للمخرجة كاتيا غورليف بالجائزة الكبرى للمسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة.

ونال الفيلم اليوناني "أنيمال" لمخرجته صوفيا إكسارشو جائزة لجنة التحكيم الخاصة، كما توجت بطلة نفس الفيلم وهي الممثلة ديميترا فلاجوبولو على أفضل دور نسائي، بينما حصل الفيلم الفرنسي "لغة أجنبية" لمخرجته كلير برغر على تنويه خاص من لجنة التحكيم، وتوج فيلم "كود وان" للمخرجة الأمريكية أنديا دونالدسون بجائزة العمل الأول.

 

 

وتوج الفيلم الوثائقي "حكاية مدينة" للمخرجة مالوري ألوي بايسلي بالجائزة الكبرى لمسابقة الأفلام الوثائقية، فيما حظي الفيلم التنزاني "القبر الفراغ" للمخرجة سيسي ملاي بتنويه خاص من لجنة التحكيم في صنف الأفلام الوثائقية.

وعادت جائزة الجمهور الشبابي في صنف الفيلم القصير لفيلم "ما الذي ينمو في راحة يدك" للمخرجة المغربية ضياء بيا، بينما عادت جائزة الجمهور الشبابي للفيلم المغربي الطويل للفيلم "صحاري، سلم وسعى" للمخرج الشاب مولاي الطيب بوحنانة.