مهرجان خريبكة يناقش الجمالية في السينما الأفريقية

الجمالية ترتبط بعناصر الفيلم السينمائي وتمنحه صفة الجمال، فيحكم عليه بكونه فيلم جميل أو قبيح، من أبرز عناصرها الصورة والمونتاج والمشاهد والزوايا، ولا يمكن فهم أي فيلم بدونها.

رجاء خيرات
المغرب ـ اعتبر المشاركون/ات في ندوة نظمت على هامش مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة في قضية "الجمالية في السينما الإفريقية" أن صناع/ات السينما بإفريقيا تنتظرهم تحديات تختبر مدى قدرتهم على ابتكار 
‬استحضر المشاركون/ت تجارب سينمائية لمبدعين/ات إنتاجاتهم السينمائية التي تطرح الجمال في السينما بشكل عام والسينما الأفريقية بشكل خاص، حيث طرحوا أسئلة حول الجمالية التي تفهم بمعان متعددة، ترتبط بعناصر الفيلم السينمائي وتمنحه صفة الجمال، فيحكم عليه بكونه فيلم جميل أو قبيح، وأهمها الصورة في حركاتها وإيقاعها والمونتاج والمشاهد والزوايا وعناصر أخرى لا يمكن فهم أي فيلم بدونها كالإضاءة والألوان والموسيقى التصويرية والحوار وأداء الممثلين/ات وغيرها.  
وتطرقت مديرة مهرجان الأقصر المخرجة عزة الحسيني إلى إشكالية مصطلح "السينما الإفريقية" وما إذا كانت هذه الأخيرة قد حققت تراكمات حصلت عبر السنين وبنية تحتية معينة يمكن من خلالها الحديث عن سينما إفريقية، في كل البلدان الإغريقية (54 دولة)، لافتةً إلى أنه من خلال قراءاتها وجدت أن هناك خلافات واختلافات في وجهات النظر، حيث هناك من يرى عدم دقة المصطلح نفسه، حيث لم تتوفر محلياً لدى أي دولة أفريقية وجود تراكم سينمائي ومهن سينمائية في الإنتاج لكي يطلق عليه "سينما أفريقية". 
واعتبرت أن مصر تبقى حالة خاصة في إفريقيا وربما جنوب إفريقيا كذلك، لأن مصر وقبل بزوغ السينما الأفريقية بحوالي ستين سنة، شهدت تراكماً إنتاجياً وصل لآلاف الأفلام، وكانت هناك صناعة سينمائية وشباك تذاكر، مع توزيع الفيلم المصري في العالم العربي.
كما ميزت بين سينما الرجل الأبيض وسينما الإفريقي وسينما الآسيوي، انطلاقاً من البحث عن الهوية والحفاظ على الثقافة، حيث أن الفيلم الإفريقي يصنعه مخرج أو مخرجة أفريقية وفي ذهنه فكرة التحرر والهوية ومعاناة واضطهاد الإنسان من القهر وتجاوز النظرة الدونية للآخر الذي هو الغرب وتحدي الأوضاع السياسية والنظرة الهوليودية. 
وخلصت عزة الحسيني إلى أن قضية "الجمالية" في السينما الأفريقية فردية ومتفردة تفرد المخرجين /ت، وهي مرتبطة أساسا باللغة والسينمائية وطريقة الحكي وخصوصية كل بلد بتراثه الشفهي وموسيقاه، حيث يعد "الجمال" في مجمله مسألة نسبية.  
وأكدت أن السينما فن عظيم لأنها توصل الرسائل والمعاني أحياناً بدون كلام، وتستخدم الصورة فقط، وبالتالي تترك أثراً في وجدان المجتمعات بحيث لا يقتصر الأمر على نطاقها الجغرافي حيث أُنتجت، بل حتى في وجدان شعوب أخرى. 
وأضافت أن السينما ليس مطلوباً منها أن تجد حلولاً للإشكالات المطروحة، لكنها قد تطرح قضايا مثل قضية المرأة أو قضايا تهم الأطفال (العنف ضد الأطفال والزج بهم في الحروب) وغيروها من القضايا الشائكة. 
وبشأن السينما الأفريقية وقدرتها على منافسة السينما العالمية، أكدت عزة الحسيني أن هناك مخرجين/ات أفارقة صاعدين استطاعوا أن ينافسوا مخرجين عالميين بفضل تمكنهم من استخدام أدوات العمل السينمائي ببراعة وتشبثهم بقضاياهم وهويتهم، وبالتالي فهم فرضوا أنفسهم داخل المهرجانات والمحافل الدولية، ونالوا جوائز عالمية وهو أمر بالفعل حاصل طوال الوقت، لافتة إلى أن السينما الأفريقية اليوم هي في فترة صعود، مؤكدةً على وجود علة في التقدير العالمي لها. 
وناقش الحاضرون/ات خلال اللقاء قضية "الجمالية في السينما" معتبرين أن "الجمالية" أو "الإستيتيقا" ظهرت في سياق تاريخ تميز بنوع من الصراع من أجل انتزاع الذات الأفريقية من السينما الاستعمارية، التي شوهتها وكان عليها أن تبدع داخل نسق فني محكوم بنظرة المستعمر، مما ينفي عنه صفة "الجمالية" التي تتناقض مع حديث المصلحة أو الفائدة، حيث الجمال يكون خالصاً لذاته ولا يخضع لأحكام القيمة.  
واعتبروا أن السينما الأفريقية في بداياتها كانت تتسم بكونها سينما تطرح قضايا التحرر والهوية والثقافة، وبالتالي الجمالية في هذه السينما لم تكن مطروحة بالشكل الذي تطرح به اليوم، كما أن صناع السينما داخل القارة الأفريقية اليوم أصبحوا يتوقون لطرح مواضيع وقضايا تلامس وجدان الإنسان أينما وجد، كنوع من معانقة الكونية، وهي السينما التي يرفضها الغرب، حيث يبدي الرغبة في الانفراد بطرح هذه القضايا، وينتظر من السينمائيين/ات الأفارقة ألا يخرجوا من الإطار المحدد لهم سلفاً، وهو تناول مواضيع ترتبط بالهوية الأفريقية وبالتراث الشفهي.