محكمة نسائية رمزية تحاكم مدونة الأسرة وعرض شهادات لمعنفات

حاكمت محكمة النساء الرمزية، قانون مدونة الأسرة المغربي، كما تم استعراض شهادات نساء ضحايا العنف القانوني.

حنان حارت
المغرب
ـ في إطار حملته الترافعية من أجل قانون أسري مساواتي وعادل، ووفاء للتقليد السنوي، نظم اتحاد العمل النسائي، أمس السبت 2 آذار/مارس، بمدينة الرباط، محكمة النساء الرمزية في دورتها الواحدة والعشرين، باسم التنسيقية النسائية، حول موضوع "من أجل تغيير شامل وعميق لمدونة الأسرة يضمن العدل والمساواة".
تشكل محكمة النساء الرمزية، آلية لكسر جدار الصمت حول مختلف أشكال العنف ضد النساء، حيث لعبت هذه الآلية منذ إطلاقها دوراً توعوياً كبيراً في الكشف عن العنف وأشكاله بالمغرب، كما عززت القدرات الترافعية للاتحاد لتشكل أداة ضغط وتعبئة للدفاع عن حقوق النساء.
وقالت فاطمة مغناوي نائبة رئيسة اتحاد العمل النسائي، إن المحكمة في نسختها الـ 21 تنظم لأول مرة بتنسيق مع الجمعيات المكونة للتنسيقية النسائية من أجل تعديل عميق وشامل لمدونة الأسرة، مضيفةً أن محكمة النساء الرمزية تعد إحدى الآليات النضالية التي تنظم سنوياً بمناسبة اليوم العالمي للمرأة لتسليط الضوء كل مظاهر التمييز والعنف التي تعيق تحرر النساء وتمتعهن بكامل حقوقهن سواء على مستوى التشريعات أو السياسات العمومية.
وبينت أن الهدف من المحكمة هو الترافع من أجل تعديل شامل وعميق لمدونة الأسرة، مشيرة إلى أن مطالب الجمعيات النسائية تنتظر إخراج مدونة عصرية تستجيب للتحولات التي يعرفها المجتمع وللأدوار الجديدة التي أصبحت للنساء في المجتمع المغربي "النساء أصبحن معيلات للأسر، وفي مراكز القيادة كما أنهن يؤدين الضرائب مثل الرجال، لكن ليس لديهن نفس الحقوق، إذ لا زال هناك تمييز".
وطالبت برفع كل أشكال التمييز الممارس ضد النساء وإقرار مدونة عادلة تأخذ بعين الاعتبار كل التحولات والتطورات التي يعرفها المجتمع، وكذلك دستور 2011 الذي يعد أسمى قانون في البلاد والذي ينص على المساواة في كافة المجالات والحقوق الاجتماعية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئة، وتأخذ بعين الاعتبار أيضا التزامات المغرب الدولية أساساً اتفاقية القضاء على كل أشكال العنف ضد المرأة.


من جانبها قالت الناشطة الحقوقية رشيدة الطاهري، إن الهدف من المحكمة الرمزية هو محاكمة القوانين التي تكرس التمييز والعنف ضد النساء، مشيرة إلى أن محكمة النساء الرمزية تهدف إظهار كل الثغرات والنواقص الموجودة في مدونة الأسرة قصد تعديلها وإصدار أحكام التي من الممكن أن تكون معدلة لكل الثغرات.
وحول مطالب النساء، أضافت "لا نريد تعديلات لبعض الفصول لأن ذلك سيكون له انعكاس سلبي على باقي الفصول الأخرى، ما نريده هو تغيير شامل وجذري"، لافتةً إلى أن الإصلاح الذي تنشده الجمعيات النسائية والحقوقية هو أن تتلاءم مدونة الأسرة مع دستور 2011 ومع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي صادق عليها المغرب والتي نشرت في الجريدة الرسمية.
وقالت إن المدونة الحالية متناقضة فيما بينها، بحيث أن الفصل 4 ينص على المسؤولية المشتركة للزوجين في تدبير شؤون الأسرة "للأسف مسألة المساواة وقفت عند هذا الفصل، فيما باقي الفصول تحمل اللامساواة وتكرس التمييز".
وتحدثت عن المادة 400 من مدونة الأسرة التي تعطي للقضاة الحق في تطبيق الفقه المالكي عند وجود فراغ في المدونة "عندما لا يوجد نص ينظم النازلة، يعطي للقاضي الحق في تطبيق هذه المادة، وهذه المسألة فيها تمييز كبير بحق النساء".
وفسرت بأن "الفقه المالكي ليس قانوناً بل هو اجتهاد، لذلك نطالب بحذف هذه المادة، وحذف الإحالة على الفقه بصفة عامة، وتعويضها بالإحالة على الدستور، والاتفاقيات الدولية وقانون حقوق الإنسان"، لافتةً إلى أن "الفقهاء السابقون اجتهدوا حسب الواقع والظروف التي كانوا يعيشون فيها، واليوم مطلوب من فقهاء إعادة النظر في موضوع الإرث وفي الاجتهادات بوضوح وبكل جرأة من أجل الانصاف وتحقيق المساواة".
وحول تنظيم المحكمة الرمزية على بعد أيام من تخليد اليوم العالمي لحقوق النساء الذي يصادف 8 آذار/مارس قالت إن "الثامن من آذار هو محطة لتقييم السياسات العمومية أين كنا وأين وصلنا وماذا يمكننا عمله، والاتحاد دأب كل عام بالتزامن مع اليوم العالمي للمرأة على تنظيم هذه المحاكمة الرمزية من أجل محاكمة المظاهر التمييزية وإصدار الأحكام التي من الممكن أن تعمل على تغيير هذه المظاهر وتقطع مع اللامساواة الموجودة سواء في التشريعات أو في السياسات".

 


وتابعت "المغرب يتقدم في كل المجالات؛ ولا يمكن أن تستمر التفاوتات بين النساء والرجال في المجتمع"، مشيرة إلى أن هناك أصوات ضد تمتع النساء بحقوقهن ويروجون إلى أن تمتع المرأة بالحقوق سيهدم الأسر.
هذا وتميزت هذه المحكمة بتقديم شهادات حية مؤثرة ومؤلمة لنساء عانين بسبب الثغرات التي توجد في المدونة، وكن عرضة لشتى أشكال العنف والإهانات، ولم يُنصفن رغم طرقهن لباب القضاء.