محامية: لا يوجد أرضية مهيأة لإجراء انتخابات مجلس الشعب في سوريا
انتقدت المحامية روزيف كنو دعوة الحكومة السورية المؤقتة لإجراء انتخابات مجلس الشعب في أيلول/سبتمبر المقبل، مؤكدة أن الهدف من ذلك صرف الانتباه عن ممارساتها السابقة حيث تفتقر الانتخابات حتى الآن من الأسس القانونية والديمقراطية التي تضمن نزاهتها.

برجم جودي
كوباني ـ أعلنت الحكومة السورية المؤقتة عن إجراء انتخابات برلمانية في أيلول/سبتمبر المقبل بعد انكشاف ممارساتها للعامة وتصدرها الأجندة، ومن المتوقع أن يُعين الرئيس السوري 70 من أصل 210 أعضاء سيتم انتخابهم، بينما حُدّدت نسبة تمثيل النساء بـ 20%.
قيمت المحامية روزيف كنو الانتخابات القانونية التي من المقرر إجراؤها في شهر أيلول/سبتمبر المقبل، مشيرةً إلى أن الحكومة السورية المؤقتة ارتكبت العديد من المخالفات القانونية منذ تأسيسها "منذ سقوط نظام البعث وتشكيل حكومة مؤقتة جديدة، أصبحت جميع التطورات التي شهدتها البلاد تفتقر إلى الشرعية القانونية، وهناك العديد من النقاط المثبتة التي يمكن الاستناد إليها لإثبات ذلك".
وأضافت "في البداية، أعلن أحمد الشرع نفسه رئيساً مؤقتاً لسوريا بشكل فوري، دون إجراء انتخابات أو الاستناد إلى دستور واضح، وهو ما يعد تجاوزاً للمبادئ القانونية والديمقراطية. أعقب ذلك انعقاد ما سُمي بالمؤتمر الوطني السوري، الذي خلا من تمثيل حقيقي للمكونات والقوى الفاعلة داخل سوريا، مما يجعله غير مقبول من الناحية السياسية والاجتماعية. وقد استمر هذا المؤتمر بإصدار ما أُطلق عليه الدستور السوري الجديد، والذي، بحسب قراءتنا ومتابعتنا، تم إعداده بما يخدم مصالح الجهات المنظمة له، دون أن يعكس الواقع السوري أو يراعي تنوعه وتعقيداته. وبذلك، لم يكن هناك فرق جوهري بين الدستور الجديد والقديم، مما يدل على غياب الديمقراطية والمساواة الفعلية، ويمكن اعتبار الإعلان الدستوري مجرد وسيلة لترويج الحكومة المؤقتة لنفسها".
كما تم الإعلان عن اتفاق بين قوات سوريا الديمقراطية والحكومة السورية المؤقتة في العاشر من آذار/مارس الماضي، إلا أن هذا الاتفاق لم يسفر حتى الآن عن أي نتائج ملموسة أو خطوات عملية على الأرض.
"انكشفت حقيقة الحكومة، ويريدون تغيير أجندتهم"
أكدت روزيف كنو أن انتخابات مجلس الشعب تهدف إلى إخفاء حقيقة الحكومة وأفعالها "بعد مرحلة النقاط التي ذكرناها، ظهرت أمامنا هذه المرة مجازر وأعمال إبادة جماعية للأقليات في سوريا، فالهجمات التي استهدفت الساحل السوري والتي قُتلت فيها الطائفة العلوية، والآن وضع السويداء المحاصرة والممارسات ضد الدروز بدأت تتكشف. سعت الحكومة المؤقتة جاهدةً لإخفاء هذه الأعمال والادعاء بأنها لم تحدث. بعد ارتكاب الأحداث التي أثرناها انكشفت حقيقة الحكومة الانتقالية، لذلك يريدون تغيير أجندتهم والتركيز ولفت الانتباه إلى أحداث أخرى ولذلك تضع مسألة الانتخابات البرلمانية على جدول أعمالهم. في الدستور والنظام السوري البرلمان هو مجلس الشعب السوري، ووفقاً لما اعلنته الحكومة فإنها ستُجري الانتخابات في شهر أيلول المقبل".
"هناك تناقض في الدستور والقوانين"
وسردت روزيف كنو التناقضات والثغرات في الانتخابات "في النظام السوري يحتل مجلس الشعب مكانة مهمة، ويعتمد تنظيمه على مشاركة ممثلي المجتمع والشعوب فيه، وضمان حقوق المجتمع ومطالبه بالوسائل الرسمية والقانونية. الآن يتم الحديث عن انتخابات مجلس الشعب، ولكن على أي دستور وقوانين ستُبنى هذه الانتخابات؟ لا يوجد دستور حقيقي مُعتمد حتى الآن، ومن ناحية أخرى لم يتم الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وتنظيمهما. في الوقت نفسه، تُجرى الانتخابات وفق الأحزاب القائمة، ولكن حتى الآن لم يتم التوصل إلى حل شامل في سوريا. وقد برزت هذه الذهنية نفسها خلال حكم نظام البعث. حتى في ذلك الوقت كان أعضاء المجلس يخدمون الدولة ويتجاهلون المجتمع. كنا نأمل أن يُمثل مجلس الشعب في سوريا الجديدة جميع الفئات والمكونات والأقليات الموجودة في سوريا. لكن للأسف، تتكرر نفس السياسة مجدداً، حيث يُشاع إن الرئيس السوري سيُعيّن بنفسه 70 شخصاً في مجلس الشعب".
وأشارت إلى أن مجلس الشعب يُجهّز على ما يبدو لخدمة مصالح الحكومة المؤقتة "وفقاً لمعايير وإجراءات الانتخابات ينبغي إجراء انتخابات محلية أولاً، ثم الانتقال إلى المرحلة الثانية، والتي ينبغي أن تكون إقليمية، وهكذا يتم بالفعل إعداد المرشحين أو ممثلي الأحزاب، وتبدأ الانتخابات بناءً على ذلك. في هذا السياق، نتساءل كيف سيتم إجراء انتخابات مجلس الشعب، نظراً لأن السويداء أعلنت استقلالها وأن مناطق إقليم شمال وشرق سوريا تتمتع أيضاً بإدارتها الذاتية. في هذه النقطة نتحدث عن بعض التوترات السياسية. وفي النهاية ستنظم وتحدد القيادة السورية الحالية مجلس الشعب مرة أخرى، وستدعي أنها أجرت انتخابات".
"لقد تم إنكار وجود هوية ودور المرأة"
وعبّرت روزيف كنو عن موقفها من تحديد نسبة النساء في الانتخابات "إن تمثيل المرأة في مجلس الشعب والنسبة المحددة لها مسألة أخرى للنقد والتقييم، ففي الأشهر الماضية أي منذ سقوط نظام البعث وحتى الآن لم نرَ لوناً أو صوتاً أو تمثيلاً للمرأة في الحكومة الجديدة المؤقتة، ويُظهر المشهد الحالي كما لو أن المرأة غير موجودة في سوريا. من أعلى المستويات من وزارات وهيئات ودوائر إلى جميع المجالات لا يوجد دور أو توظيف للمرأة. حتى أن القلة من النساء الموجودات في بعض الوظائف لديهن ذهنية تخدم الحكومة الحالية. الآن، وقد حُددت نسبة النساء بـ 20%، فما مدى قانونية هذه النسبة؟ وما نوع الذهنية التي تتحلى بها النساء اللواتي سيتم تحديدهن، وهل يُمكنهن تمثيل نساء سوريا؟".
وفي نهاية حديثها علقت المحامية روزيف كنو على المخاطر الحالية "الانتخابات التي ستُجرى الشهر المقبل تحمل مخاطر جمة وسيكون لها تأثير كبير على مستقبل سوريا، فحتى الآن لا يوجد استقرار في سوريا ولا يوجد اتفاق سياسي وعسكري واضح، ولا دستور وقانون حقيقي، عن أي انتخابات نتحدث؟ وعلى هذا الأساس نؤكد بشدة أنه في ظل التطورات والعمليات الحالية في سوريا، فإن الظروف غير مهيأة لإجراء انتخابات ديمقراطية وقانونية ونزيهة، كما أؤكد مرة أخرى أن هذا المجلس المزمع تشكيله سيعمل فقط بما يخدم مصالح الحكومة الجديدة. حتى أنه ذُكر أن وفوداً من خارج سوريا أيضاً ستراقب سير عملية الانتخابات، وهنا نتساءل هل ستكون الدولة التركية مراقباً؟".