مذكرة ترافعية تدعوا إلى مراجعة شاملة لمدونة الأسرة المغربية
دعت نساء المغرب إلى مراجعة شاملة لمدونة الأسرة، بما يضمن حق النساء والفتيات والأطفال استناداً إلى الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، كاتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة واتفاقية حقوق الطفل.
رجاء خيرات
المغرب ـ طرحت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، مذكرة ترافعية لمراجعة شاملة لمدونة الأسرة، تتضمن مجموعة من المطالبات تضمن المساواة في الحقوق بين الجنسين.
نظمت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، أمس الخميس 22 حزيران/يونيو، لقاءً تواصلياً في مراكش، لتقديم مذكرة ترافعية تحت شعار "من أجل تشريع أسري ضامن للمساواة في الحقوق والعدل في الوضعيات والحالات".
وقالت عضو مكتب الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب نزهة بلقشلة، إنه على هامش النقاش العمومي الذي شهده المغرب فيما يتعلق بتنظيم ورش مراجعة مدونة الأسرة، ومن أجل المساهمة في حوار مجتمعي مسؤول، أعدت الجمعية مذكرة ترافعية تتناول الرؤية والمقاربات التي ينبغي اعتمادها، بالإضافة إلى المقترحات الخاصة بإصلاح شامل ومنسجم لمدونة الأسرة.
وأوضحت أن الجمعية تطرح من خلال مذكرتها الترافعية، عدداً من المداخل التي ينبغي أن تؤطر مراجعة مدونة الأسرة تتمحور حول ضرورة مواكبة القانون للإصلاحات التشريعية والمؤسساتية، والاستجابة للواقع المعيشي للنساء وللإشكالات الاجتماعية من أجل تجاوز الثغرات التي عرفتها مدونة الأسرة خلال 19 سنة من التطبيق منذ عام 2004، وكذلك تجاوز التناقضات وعدم التناسق بين مقتضياتها، وذلك بالمراجعة الشاملة للمقتضيات التي تمس كرامة النساء ودورهن.
ومن أجل تشريع أسري يضمن المساواة في الحقوق والعدل في الوضعيات والحالات، أوضحت نزهة بلقشلة أن المذكرة تطرح عدداً من المداخل المهيكلة تدفع نحو المساواة بين الجنسين، لافتةً إلى أن هذا القانون ينبغي أن يستجيب لكل التحولات العميقة، سواء الاقتصادية أو السوسيو ـ ديمغرافية التي عرفتها الأسر المغربية، وأن يساير كذلك تغيير أوضاع النساء، ويجيب على حاجيات المجتمع والأسر، ومن ضمنها الأهمية الحالية التي توليها الأسر لمكانة الطفل من الجنسين وتعاملها المتساوي معهما.
وأشارت إلى أن المذكرة دعت إلى أن يأخذ الإصلاح في عين الاعتبار وفي جميع مقتضيات قانون الأسرة الحالات الواقعية للأزواج ومصالحهم، كما يأخذ بعين الاعتبار المصلحة الفضلى للطفل، على أنها مبادئ أساسية وحيوية.
وفيما يتعلق بالزواج والحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين، أكدت أن المذكرة دعت إلى أن يهتم الإصلاح بوضع قانون منفصل، يتعلق بفرض وتحديد أنواع أنظمة الملكية الزوجية مع التعريف بها، وهو قانون سيتناول مجموع المقتضيات القانونية أو الاتفاقية، التي من شأنها أن تحسم علاقات نظام الملكية الزوجية، موضحةً أن وضع تقنين دقيق لتدبير الممتلكات المشتركة خلال فترة الزواج، يعتبر من بين شروط وأهداف الولوج الفعلي للعدالة، وهو قانون يحدد بدقة أنظمة الملكية الزوجية، كالذمة المالية المستقلة، والملكية المشتركة للأملاك المكتسبة خلال فترة الزواج.
وطالبت بحذف المادة 400 من مدونة الأسرة التي تحيل على الفقه المالكي، في حالة وجود ثغرات قانونية أو غياب قاعدة قانونية، أو في حال عدم تحديدها، وهو ما يتيح الفرص الممنوحة للقضاة للاستناد على مصادر أخرى غير الفقه، كالدستور والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى كون هذه المادة قد تساهم في إصدار أحكام تختلف باختلاف القضاة أنفسهم.
ولفتت إلى أن الإصلاح ينبغي أن يحيل إلى ضرورة استناد القضاة إلى الدستور، وكذلك الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، كاتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة واتفاقية حقوق الطفل.
ودعت المذكرة إلى الحد من تعدد الزوجات بصفة نهائية ومطلقة ومعاقبة المخالفين لأحكام القانون، حيث تأذن مدونة الأسرة بتعدد الزوجات في حالات استثنائية وحسب مجموعة من الشروط وفق المادتين 40 ـ 46، وبالتالي تكون قد فتحت المجال أمام القاضي للسماح بالتعدد انطلاقاً من تقديره الذاتي والشخصي للمبررات.
وحول المصلحة الفضلى للطفل، أكدت على ضرورة التنصيص صراحة مبدأ المصلحة الفضلى للطفل بمفهوم المادة 3 من اتفاقية حقوق الطفل وترجمة هذا المبدأ في جميع مقتضيات مدونة الأسرة المتعلقة بالطفل بما في ذلك حق الطفل في الاستماع إليه في أية إجراءات قضائية بمفهوم المادة ١٢ من الاتفاقية.
وطالبت المذكرة بالحد من زواج القاصرات ومعاقبة كل مسؤول عن خرق القانون والتنصيص على جعل الولاية القانونية حق للأب والأم بنفس الدرجة ولأحدهما في حال غياب الآخر، بالإضافة إلى عدم إسقاط حق الحضانة عن الأم في حالة زواجها مع مراعاة المصلحة الفضلى للطفل كمعيار حاسم وأساسي في قرار إسناد الحضانة وتمديد حق زيارة الأب في حالة اختيار منح الحضانة بشكل حصري للأم.
وبشأن الإرث وانتقال الثروة الأسرية دعت إلى إلغاء التمييز في الإرث على أساس الجنس وإلغاء التعصيب في حالة وجود بنات أو زوجة دون فروع، وحصر الورثة في الأزواج في الفروع والأصول دون غيرهم، وطالبت كذلك بإلغاء التمييز المبني على الجنس وإقرار المساواة بين أنصاف الورثة من الجنسين، في نفس درجة القرابة مهما علت أو نزلت، كمبدأ عام يطبق في جميع الحالات، وكذلك إسقاط اختلاف الدين كمانع من موانع الإرث بين الأزواج والفروع والأصول.
وأجمعت المشاركات في اللقاء التواصلي على ضرورة الحد من زواج القاصرات، وإصلاح نظام الإرث، داعيات لإلغاء بعض المصطلحات التي تعتبر مهينة لكرامة المرأة مثل "الفراش" وغيرها والتي لم تعد تتماشى وتطور العصر، مؤكدات على ضرورة اقتسام الولاية على الأبناء بين الزوجين بنفس الدرجة، حيث تعاني العديد من المطلقات رغم كونهن معيلات وحاضنات من مشاكل كثيرة للحصول على وثائق إدارية تخص الأبناء.
وأكدن على ضرورة تعزيز الإصلاح لفاعلية القانون وآثاره الإيجابية على الأسرة والمجتمع من خلال تجويد قواعده القانونية، وتضمينه مقتضيات واضحة وتبسيط وتحديث مصطلحاته ليتسنى فهمه من قبل جميع المغاربة.