مع اقتراب انتخابات المجالس المحلية... تمثيل النساء ذوات الإعاقة لا زال ضعيفاً

أكدت المشاركات في الندوة الصحفية على أن تمثيل النساء ذوات الإعاقة في الانتخابات التونسية لا يزال ضعيف جداً، نتيجة محدودية الإمكانيات وعدم إيلاء السلطة القائمة الأهمية اللازمة لهذه الفئة.

زهور المشرقي

تونس ـ قبل أيام من إجراء انتخابات المجالس المحلية بتونس، نظمت المنظمة التونسية للدفاع عن ذوي/ات الاعاقة، ندوة صحفية أمس الأربعاء 20 كانون الأول/ديسمبر، سلطت فيها الضوء عن أوضاع هذه الفئة.

أجمع المشاركون/ات في الندوة على أن حقوقهم لازالت ضحية أفكار مطّبعة مع الدونية والإقصاء، وأن الأشخاص ذوي/ات الإعاقة لازالوا يعانون/ين من عدة نقائص.

وعن مجريات الندوة تقول الكاتبة العامة بالمنظمة التونسية للدفاع عن حقوق الأشخاص من ذوي/ات الإعاقة بوراوية العقربي "يجب مشاركة ذوي/ات الإعاقة في المجالس العليا والمؤسسات والمجالس المحلية التي ينتظر انتخاب أعضائها الأحد 24كانون الأول/ديسمبر"، مشيرةً إلى أنهن كنساء دافعن عن ضرورة أشاركهن في تلك المجالس لتمثيل فئة هامة من التونسيين/ات يعانون/نين اقصاء ممنهج منذ سنوات.

وأكدت على ضرورة وجود ذوي/ات الإعاقة في المجلس الأعلى للتربية المنتظر تشكيله، لأنه يعتبر بمثابة الهيئة الدستورية المستقلة ذات طبيعة استشارية للتفكير الاستراتيجي في قضايا التربية والتكوين والبحث العلمي، تتمثل مهامه في إبداء الرأي في الخطط الوطنية الكبرى في مجال التربـية والتعليم والبحث العلمي والتكوين المهني وآفاق العمل، مشددةً على أن وجود ذوي/ات الاعاقة في هذا المجلس ستكون آلية من آليات المناصرة لتمثيلهم في تلك المجالس.

ولفتت إلى أن ذوي/ات الإعاقة سيكونون ضمن آليات القرعة في انتخابات المجالس المحلية القادمة وعددهم   1028في مراكز تجميع الأصوات الانتخابية بإشراف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وبحضور ذوي/ات الإعاقة أو من ينوب عنهم، مضيفةً أن هناك عوائق تحول دون ترشح هذه الفئة كجمع التزكيات وخوض حملة انتخابية مشابهة للأشخاص الغير حاملين للإعاقة (الأصحاء)، والتي تتطلب جهداً بدنياً وإمكانيات مادية هائلة.

وعن عدم وجود ذوي /ات الإعاقة في البرلمان الحالي، قالت إن العقلية التونسية لازالت تتعامل معها بمقاربة إحسانيه اجتماعية مغلفة بنظرة دونية "لازال التونسي يعتبر هذه الفئة غير قادرة على المشاركة في السلطة التشريعية"، مؤكدةً أن المنظمة كانت قد طالبت رئاسة الجمهورية بوجود نسبة لذوي/ات الإعاقة في البرلمان لكن ذلك لم يتحقق.

وأشارت إلى أن ذوات الإعاقة على الرغم الصعوبات التي تواجهنها، شاركن في مختلف المسارات الانتخابية منذ عام 2011، داعيةً ذوات الإعاقة اختيار من ينوبهن من النساء إن وجدن من أجل إيصال معاناتهن ومآسيهن التي لا زالت تختزل في توفير فضاءات آمنة ووسائل نقل ميسرة من طرقات تسهل تحركاتهن دون خوف من التحرش والاغتصاب والاعتداء.

 

 

 

ومن جانبها أكدت ممثلة صندوق الأمم المتحدة في تونس مروى بن سعيد أن تعزيز حقوق ذوي/ات الإعاقة تبدأ من احتضانهم وتسهيل حياتهم اليومية في التنقل والعيش بكرامة وحرية بعيداً عن الاستغلال والتهميش، مشيرةً إلى أن هذه الفئة الهامة من النساء لا تعرفن بعد أن القانون رقم 58 الصادر عام 2017 لمناهضة العنف ضد النساء يشملهم لاعتبار نقص آليات التوعية لضمان وصولها لها.

وأوضحت أنه لا يمكن الحديث عن تشريك فاعل لذوات الإعاقة في الانتخابات دون تجهيز الارضية الملائمة لهن من بنية تحتية وطرقات وآليات بسيطة تسهل ولوجهن إلى القضاء حين تكن بحاجة لذلك، بالإضافة إلى أهمية تأهيل مراكز استقبال ضحايا العنف لتكون متاحة لذوات الاعاقة حتى تجدن مكاناً آمنا لهن، لافتةً إلى أن هناك نقص في حق النفاذ إلى خدمات الصحة الإنجابية والجنسية لهذه الفئة وهو ما يجب العمل على تجاوزه بشكل سريع وتكوين أشخاص يتعاملون بشكل جيد معهن حين تذهبن لتلك المراكز.

ودعت باقي المداخلات السلطة إلى تنفيذ القوانين والامتثال للفصل 54 من دستور 2022 الذي أكد على ضرورة حماية حقوق ذوي/ات الإعاقة وتشريكهم/ن بالحياة السياسية، منددةً بعدم وجود ممثلين في البرلمان من ذوي/ات الإعاقة وهو ما يفسر وفق المتدخلين/ات ذهنية الدولة الاقصائية التي وجب أن تتغير، وذلك لن يتحقق ألا بمضاعفة العمل الحقوقي للدفع بوجود هؤلاء ضمن مؤسسات الدولة الرسمية والوزارات والهياكل العامة.

وأكد المشاركون/ات أن هناك قناعة من الدولة التونسية بمجمل الحقوق التي يجب أن يتمتع بها الأشخاص ذوي /ات الإعاقة من خلال تبني عدة نصوص قانونية دولية ووطنية في هذا الخصوص، إلا أن تمثيلية هذه الفئة الاجتماعية في مؤسسات الدّولة لازالت ضعيفة ودون المعايير المأمولة بشكل يجعلها لا ترتقي إلى مستوى الحد الأدنى من مضامين والتزامات الدولة المضمنة في الدستور والاتفاقيات الدولية التي أبرمتها في هذا الخصوص.

يذكر أن دستور 25 تموز/يوليو من عام 2022 ينص في الفصل 54 على أن الدولة "تحمي الأشخاص ذوي الإعاقة من كل تمييز وتتخذ كل التدابير التي تضمن لهم الاندماج الكامل في المجتمع"، كما ينص الفصل 29 من اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بالأشخاص ذوي الإعاقة لعام 2006 المصادق عليها من قبل الجمهورية التونسية عام 2008 تباعاً على "تضمن الدول الأطراف للأشخاص ذوي الإعاقة الحقوق السياسية وفرصة التمتع بها على قدم المساوات مع الآخرين، من بين ما تنص عليه هو حماية حق الأشخاص ذوي الإعاقة في الترشح للانتخابات والتقلد الفعلي للمناصب وأداء جميع المهام العامة في الحكومة على شتى المستويات، والعمل على نحو فعال من أجل تهيئة بيئة يتسنّى فيها الأشخاص ذوي الإعاقة أن يشاركوا مشاركة فعلية وكاملة في تسيير الشؤون العامة، دون تمييز، وأن تشجع مشاركتهم في الشؤون العامة".