"للحب مقامات"... مبادرة لإعادة تعريف الحب وحقوق النساء في المغرب
تعتبر مبادرة "للحب مقامات" خطوة نحو إعادة التفكير في الحب من منظور أوسع، يتجاوز المشاعر الرومانسية إلى قيم الاحترام، المساواة والكرامة الإنسانية.

حنان حارت
المغرب ـ في ظل مجتمع تتشابك فيه التقاليد والمفاهيم الحديثة حول الحب والعلاقات، أطلقت الممثلة المغربية بهية مرتضى، رئيسة جمعية "ثقافة وفنون"، مبادرة تحت شعار "للحب مقامات".
نظمت رئيسة جمعية "ثقافة وفنون" بهية مرتضى، مساء أمس السبت 22 شباط/فبراير، بالمركب الثقافي سيدي بليوط في الدار البيضاء، مبادرة تهدف إلى جعل "عيد الحب" ليس فقط مناسبة للاحتفال بالعاطفة، بل أيضاً فرصة لإعادة التفكير في العلاقات بين الجنسين، وتسليط الضوء على حقوق النساء في سياق اجتماعي وثقافي يفرض عليهن أدواراً محددة.
وتضمنت المبادرة لقاءً ثقافياً وفنياً، فتح فيه النقاش حول مفهوم الحب كعلاقة مبنية على المساواة والاحترام، مع التركيز على التحديات التي تواجهها النساء في حياتهن العاطفية والمجتمعية.
وفي كلمتها الافتتاحية، أكدت بهية مرتضى أن الحب ليس مجرد مشاعر رومانسية، بل هو التزام ومسؤولية مشتركة، مشيرة إلى أن المبادرة تهدف إلى تفكيك الصور النمطية التي تحصر الحب في إطار السيطرة أو الامتلاك.
وأوضحت أن الحب يمكن أن يكون أداة للتحرر والتمكين إذا كان مبنياً على الاحترام والشراكة الحقيقية، لافتةً إلى أن عيد الحب في المغرب غالباً ما يختزل في الهدايا والمظاهر السطحية، لكنه في "للحب مقامات" يتحول إلى فرصة للنقاش حول حق المرأة في الحب بمعناه الأوسع.
وتابعت "الحب الحقيقي يبدأ من احترام حقوق النساء، سواء في العلاقات الزوجية أو العاطفية، مضيفة "لا يمكن الحديث عن حب صادق إذا كان مبنياً على سيطرة طرف على الآخر أو إنكار حقوقه".
وتميز اللقاء بتقديم عروض فنية متنوعة، من شعر وغناء، حيث شكلت هذه الفقرات نافذة إبداعية عكست التداخل العميق بين الحب وحقوق النساء.
وعلى هامش اللقاء، قالت سهام مكاوي، متخصصة في العلاقات وعضو اللجنة المنظمة للمبادرة، إن الحب في جوهره يرتبط بالمساواة والعدالة الاجتماعية "الحب ليس مجرد عاطفة شخصية أو علاقة عاطفية بين شخصين، بل هو حق إنساني يجب أن يمارس في إطار من التقدير المتبادل والاحترام لحقوق الأفراد، وخاصة النساء، اللواتي غالباً ما ينظر إليهن من زاوية الواجبات أكثر من الحقوق".
وأوضحت أنه عندما نتحدث عن الحب من منظور المساواة، فإننا نشير إلى حق المرأة في التعامل معها كشريك كامل في العلاقة، وليس كتابع أو مسؤولية يتحملها الآخر، لافتة إلى أن الحب الحقيقي يعني أن تكون للمرأة حرية واختيار، واستقلالية في قراراتها العاطفية والاجتماعية، دون أن تواجه قيوداً ثقافية أو قانونية تحد من قدرتها على تحقيق ذاتها.
وأضافت أن الحب القائم على المساواة هو الذي يعترف بدور المرأة داخل الأسرة والمجتمع، ويمنحها المساحة الكافية للتعبير عن ذاتها "لا تزال هناك صور نمطية تفرض على المرأة أدواراً محددة في الحب والعلاقات، حيث يتوقع منها أن تكون الطرف الذي يضحي دائماً ويقدم دون أن يطالب بالمعاملة بالمثل. هذا يعكس خللاً في مفهوم الحب، حيث يتحول من شراكة متكافئة إلى علاقة غير متوازنة".
وأشارت إلى أن تعزيز ثقافة الحب القائم على المساواة مسؤولية المجتمع ككل، وهو ما يجعل مثل هذه المبادرات الثقافية والفنية ضرورية، لأنها تعيد صياغة مفهوم الحب بعيداً عن الصور التقليدية.
وأكدت سهام مكاوي أن الفن ليس مجرد وسيلة للتعبير، بل هو أداة تغيير، موضحة أنه "من خلال المسرح، السينما، أو الأدب، يمكننا تسليط الضوء على العديد من القضايا المجتمعية، فمن خلاله، يمكن إيصال رسائل تعزز وعي المجتمع بأن الحب والمساواة وجهان لعملة واحدة، فلا يمكن أن نتحدث عن حب حقيقي في ظل غياب التقدير والاعتراف المتساوي بحقوق كل طرف في العلاقة".